طرابلس الأنسب كمنصّة لإعادة إعمار سوريا وشركات عالميّة مهتمّة بالمرفأ
النشرة الدولية –
لبنان 24- نوال الأشقر –
منذ سنوات، يقصد مدينة طرابلس عدد من الوفود الدولية، يستطلعون واقع البنى التحتية، ومقوّمات المدينة، منهم جهات رسمية كممثلي البنك الدولي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وهيئات المجتمع الدولي، ومنهم بعثات من رجال الأعمال الأجانب. صحف أجنبية أعدّت تقارير عن طرابلس، أشارت خلالها إلى دور عاصمة الشمال في إعادة إعمار سوريا، فالمدينة بحكم موقعها الجغرافي على مقربة من الحدود اللبنانية السورية، مؤهّلة لتشكّل منصّة لإعادة الإعمار في سوريا، خصوصًا أّنها تحتوي على مرفأ يبعد 35 كلم فقط عن سوريا، تتجه الأنظار إليه كمركز لوجستي مركزي في مرحلة الأعمار، فضلًا عن معرض رشيد كرامي الدولي ومرافق أخرى في المدينة.
“هناك مكامن عدّة لميناء طرابلس، وهو قادر على تقديم الفائدة للبنان، وأيضا لدول الجوار بدءًا من سوريا” قال المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان، أثناء زيارته للمدينة قبل أربعة أعوام. والمستغرب أنّ الإهتمام الدولي بتطوير مرافقها، قابله تجاهل لبناني، وتهميش مقصود من قبل جهات محليّة، عملت ولا زالت على صنع صورة متطرّفة عن طرابلس، فشلت، ولكنها لم تستسلم، واستمرت تحاول “دعشنة” الفيحاء إذا صح التعبير، وأبرز دليل عل ذلك الفضيحة الأخيرة المتمثّلة بقيام مجموعات باستدراج شبان من طرابلس وتوريطهم للقتال مع داعش.
ميقاتي يعيد الحياة إلى مشروع تطوير المرفأ
قبل أشهر سحب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الأدراج المنسيّة مشروعا قديما لإستكمال البنى التحتية في مرفأ طربلس، بتمويل من البنك الإسلامي بمبلغ 87 مليون دولار، وأعاد إحيائه. وبالفعل تمّ توقيعه مع شركة “المقاولون العرب” وهي شركة إنشاءات ومقاولات مصريّة.
مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر أكّد في اتصال مع “لبنان 24” أنّ المشروع على سكّة التنفيذ، وشركة “المقاولون العرب” وضعت الكفالة المطلوبة لجهة حسن التنفيذ “حصل بعض التأخير محليًّا بسبب عدم وجود مفوّض حكومي لدى مجلس الإنماء والأعمار، ومؤخرًا تمّ تعيين زياد نصر في هذا المنصب، فأنجز المجلس ما هو مطلوب منه، ويُتوقع أن يراسل البنك الإسلامي قريبًا ليتم تحويل الدفعة الأولى”. المشروع يشمل استكمال كامل البنى التحتية للمرفأ، والمتطلبات اللوجستية للبناء الذكي كمواقف الشاحنات في الداخل والخارج، والبوابات الرئيسية، فضلًا عن المتطلّبات الإلكترونيّة وأجهزة السكانر. كما يشمل توسعة المرفأ، ويمتد لثلاث سنوات.
تامر يرفض الحديث عن مرفأ طرابلس كبديل لمرفأ بيروت، مشدّدًا على الدور التكاملي للمرفأين “إدارات المرافىء منفتحة على الخطط التكامليّة، ونعمل بنفس واحد، لاسيما وأنّ الشركة المشغلة لرصيف الحاويات في بيروت وفي طرابلس هي واحدة، شركة CMA CGM، مما يعزز التكاتف والتعاون”.
علامة: تطوير المرفأ على مراحل وصولًا لبناء إهراءات كبيرة
العقد الموقّع مع الشركة المصرية بقيمة 30 مليون دولار، يبقى 56 مليون دولار من القرض المقدر ب 86 مليون دولار، ستُنفق ضمن مشاريع أخرى مرتبطة بالمرفأ. الخبير الإقتصادي الدكتور بلال علامة لفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى أنّ المخطط التوجيهي لتطوير مرفأ طرابلس كبير، والمشروع الموقّع مع “المقاولون العرب” ليس سوى الجزء الأول منه “عندما وجدوا أنّه لا يمكن تنفيذ المشروع دفعة واحدة لاعتبارات داخلية سياسية ومناطقية قد يستحضرها البعض، عملوا على تلزيم الجزء الأول منه، ويشمل الناحية الخلفيّة للرصيف رقم 1، وهو يعتبر الرصيف الأهم بعمق 15 متر، إضافة إلى تأهيل مواقف السيارات”. بحسب المعلومات قدّر مجلس الإنماء والإعمار تكلفة المشروع بـ 52 مليون دولار، في حين أنّ تقديرات “المقاولون العرب” بلغت 33 مليون دولار، ولأنّ الفارق كبير، عرض مجلس الإنماء والإعمار المشروع للدراسة من جديد، خوفًا من مواصفات مغايرة من قبل الشركة المصرية وتمّ التدقيق بكل التفاصيل، وتمّ وضع ملحق للإتفاق يتضمن المواصفات القياسيّة بناءً على طلب البنك الإسلامي المموّل للمشروع. أمّا الجسور فسيتم تأهيلها ضمن جزء ثان من قبل شركة “حوريه للمقاولات”. وهناك مرحلة ثانية من تطوير المرفأ تتضمن الإهراءات وجبل النفايات وفق ما كشف علامة. ولقد أصبح عقد تلزيم المرحلة الثانية موجودًا على مكتب وزير الأشغال، بانتظار أن يوقّعه.
طرابلس الأنسب كمنصّة لإعادة إعمار سوريا
علامة يرى أنّ الحراك الدولي باتجاه طرابلس لا يمكن أن يكون منفصلًا عن مرحلة إعادة إعمار سوريا “طرابلس تشكّل أقصر طريق لاستقدام المواد وتأمين الإمدادات إلى الداخل السوري. الشركات العالمية تمهّد للمرحلة القادمة التي ستتضمن بنهاية المطاف إعادة الإعمار. بدليل أنّ شركة الشحن الفرنسية العالمية CMA CGM كانت قد اعتمدت مرفأ طرابلس كمحطّة أساسية لها في شرق البحر المتوسط في كانون الثاني 2021، وتضغط لتحويله إلى مرفأ يعتمد المعاملات الإكترونية، فهي ترى أنّه الأنسب لإعادة إعمار سوريا، لأنّ المرافىء الساحلية السورية غير مؤهّلة، وهناك عائق جغرافي بينها وبين الداخل السوري في التضاريس والجبال. في هذا الوقت بدأ تجهيز مرفأ طرابلس للدور المستقبلي، والرئيس ميقاتي الذي أعاد إحياء المشروع لن يساير الإعتبارات الداخلية والطائفية التي لطالما أعاقت مشاريع طرابلس، ويهمه أن يضع أيّ مشروع على سكّة التنفيذ، خصوصًا بعدما بلغ الإنهيار مداه، وبطبيعة الحال سنشهد في الداخل تجاذبات وتوظيفًا سياسيًّا”.
لطرابلس إمكانات كبيرة من شأن استثمارها أن تنهض بالمدينة وبالشمال وبالإقتصاد اللبناني ككل خصوصًا بظل الضائقة التي نعيشها “عملت مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس،في حينه قدّمت مشروعا بعنوان “الخمسة ميم” أي مرفأ طرابلس، معرض رشيد كرامي، المنطقة الاقتصادية الخاصة، مصفاة النفط، ومطار القليعات، هذه المرافق الخمسة إذا نُفّذ المخطط التوجيهي لتطويرها ستُثمر نموًّا بمعدل 50%، من شأنها خلق 15 ألف فرصة عمل في المرحلة الأولى و60% في المراحل اللاحقة”.
تجدر الاشارة الى ان صحيفة “فايننشال تايمز” اشارت في تقرير الى التحركات الأخيرة التي طرأت على ميناء طرابلس في لبنان، حيث تتجه الأنظار إليه كمركز لوجستي مركزي لشحنات إعادة الإعمار القادمة من الصين إلى سوريا.