قرارات لبنانية إستثنائية تمنع تصدير الزيت وترشّد استخدام الطحين
بقلم: باتريسيا جلاد
الحرب الأوكرانية تعيد الطوابير وتنشّط الإحتكارات
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
بدأت تداعيات الحرب على أوكرانيا ترخي بظلالها على أمننا الغذائي المهدّد بعد توقّف بعض الدول عن تصدير القمح والزيت وارتفاع أسعار المحروقات والشحن.
هذا الأمر أعاد مشهد الإحتكار إلى الساحة، محطّات البنزين أقفلت أبوابها أمس للمحافظة على مخزونها وبهدف الإستفادة منه عند رفع أسعار المحروقات، مع ملامسة سعر برميل النفط عالمياً 120 دولاراً، فاصطفّت طوابير السيارات أمام المحطات التي فتحت أبوابها.
أما في السوبرماركات فعادت “الهجمة” على الزيت والطحين بهدف تخزينهما، ففقدت هاتان المادتان عن الرفوف، مع إقدام أصحاب بعض السوبرماركات على سحب عدد كبير منهما بهدف تخزينهما ورفع أسعارهما، باعتبار أن غالبية الزيت المتواجد في السوق اللبنانية يتم استيرادها من أوكرانيا.
هذا الأمر دفع بوزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام إلى القيام بجولة على السوبرماركات للكشف على كميات الطحين والزيت بعد إفراغها من الرفوف ووضعها في المستودعات، كما جال على محطات المحروقات التي تخزّن البنزين في خزاناتها. وقال: “إن وجدنا احتكاراً قد نصادر المواد المخبّأة ونوزّعها مجاناً على المواطنين، وسنتّخذ قرارات أيضاً بشأن استيراد القمح ذات طابع استثنائي”.
وستعقد اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الأمن الغذائي إجتماعاً اليوم لاتّخاذ قرارات طارئة حول كيفية التعامل مع الأزمة المستجدّة. حول ذلك أكّد مدير عام وزارة الإقتصاد محمد أبو حيدر لـ”نداء الوطن” أن “اللجنة ستتّخذ قرارات عدة أبرزها وقف تصدير بعض السلع الحيوية إلى الخارج حفاظاً على الأمن الغذائي”. وأبرز تلك السلع الحيوية الزيوت وبعض الحبوب، باعتبار أن لبنان يصنع أنواعاً من الزيوت محلياً ولا بدّ من وقف تصديرها لتلبية حاجات السوق المحلية.
وأوضح أبو حيدر أن “جولات مديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد يومياً على الأسعار والمخالفات، ستشمل أيضاً المستوردين للاطلاع على آلية توزيع الزيت المعتمدة على المتاجر والسوبرماركات”.
وعلى صعيد توفّر مادة القمح، واستيرادها من الخارج من المتوقّع أن تتّخذ اللجنة اليوم قرارات ترشيدية إستثنائية، لتكفي كمية الطحين الموجودة لأطول فترة ممكنة. لكن ماذا عن البواخر الثماني التي تنتظر موافقة مصرف لبنان لطرحها في السوق؟
أوضح مدير عام الحبوب والشمندر السكري في وزارة الإقتصاد جريس برباري لـ”نداء الوطن”، أنه “في حال وافق مصرف لبنان على دعم القمح، عندها سيكون متوفّراً لفترة شهر أو شهر ونصف، وحتى أكثر إذ سنعتمد آلية ترشيدية في توزيعه مع إعطاء الأولوية لصناعة الخبز العربي”.
وأكّد أن “لدى أصحاب المطاحن قمحاً غير مدعوم نحو 7 أو 8 بواخر موجودة وفق التسعيرة القديمة أي 390 دولاراً أو 400 دولار للطن وتنتظر موافقة مصرف لبنان لدعمها. وهناك نحو 8 بواخر أخرى تم شراؤها وفق سعر 500 دولار للطن أيضاً، ولكن لا يمكن طرح القمح في السوق على أساس أنه مدعوم قبل موافقة مصرف لبنان”.
وفي مقاربة بسيطة لسعر طن القمح المدعوم وغير المدعوم، أكّد برباري أنه “إذا لم تحظ الكمية الموجودة من القمح بدعم مصرف لبنان، تكون كلفة الطن بقيمة نحو 10 ملايين ليرة وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء، ومع دعم مصرف لبنان أي استناداً إلى السعر الرسمي للدولار 1500 ليرة لبنانية، تبلغ كلفة الطن 750 ألف ليرة أي بفارق كبير. من هنا ضرورة إبلاغنا ما إذا كان مصرف لبنان قادراً على الدعم أم لا للبحث عن أبواب أخرى”.
وبالنسبة إلى موافقة مجلس الوزراء على إعطاء سلفة للدولة لاستيراد القمح مباشرة، فإن ذلك يتطلّب موافقة مجلس الوزراء المتوقع أن يلتئم الأسبوع المقبل وصدور مرسوم لتسييل السلفة وفتح المجال لاستدراج عروض.
إذاً كمية القمح الموجودة حالياً والتي كانت تكفي شهراً، باتت تكفي مع إقبال المواطنين على الطحين بهدف تخزينه أسبوعين أو ثلاثة أسابيع كحد أقصى، من هنا ضرورة موافقة مصرف لبنان على الدعم لطرح كمية الطحين الموجودة في السوق وتسريع منح الدولة السلفة الموافق عليها لاستيراد القمح، قبل فوات الأوان!