قصة قصيرة “حلم شجرة البلوط”

فوز حمزة

النشرة الدولية –

مدتْ شجرة البلوط جذورها عميقًا في الأرض، شعورها بالأمان جعلها ترفع أغصانها المورقة عاليًا نحو السماء، فاحتضنت بحنان طيور الكركي التي اتخذت من تلك الأغصان موطنًا لها.

لم ينل منها شيئًا تقلب الفصول فالخريف لا يغنم منها بعد كل معركة إلا ببضع وريقات صفراء متمردة تحملها الريح لتتركها تواجه قسوة الشتاء بالصبر والأملِ متعللة بمقدم الربيع ليهبها الحياة مرة أخرى،

لكن هذه المرة أهداها شيئًا آخر!

ذات نهار، حينما رأت شجرة البلوط ظلها يتمايل برشاقة وخفة تحيطه أشعة الشمس الوهاجة، وقع حبه في نفسها عميقًا حتى لامس الجذور.

سرت في أوصالها رعشة قوية اهتزت لها الأغصان والأوراق. تساءلت عن سّرها العصافير التي كانت تحلق فوقها!

لم يعد يراودها منذ تلك اللحظة سوى حلم واحد؛ أن تعانق ذلك الظل.

أمسى ليلها ساعات انتظار موحشة لا ينجيها من براثنه شيء سوى النهار الذي يحضره إليها. تقضي الوقت في مراقبته والحسرة تخرج من أعماقها ليملأ المكان عبير زهورها.

لكن ظلها كان لاهٍ عنها، مادًا أغصانه الطويلة لمراقصة كل نسمة تسّري بجانبه.

دبّتّ الغيرة في جسدها وسرتْ مسرى الماء في الجذور. فكرت في الاقتراب منه. وما إن فعلت ذلك حتى زحف بعيدًا وتلاشى بهدوءٍ تحت عتمة الليل تاركًا الوحدة تمزقها.

نال الجزع منها فتساقطت دموعها ورقة إثر ورقة!

هجرتها الطيور بعد أن تيبست أغصانها وتشققتْ!

أثار منظرها رعب الزهور التي تحيطُ بها وخوف الأشجار التي تجاورها  حتى جاء ذلك الصباح ليسمع الجميع أنينها وهي تهوي على الأرض التي احتضنتها منذ ظهور أول جذر لها بعد أن نالت منها ضربات فأس قوية.

آنذاك فقط .. عانقت شجرة البلوط ظلها٠

زر الذهاب إلى الأعلى