بري وميقاتي وجنبلاط أنهوا عهد عون قبل أوانه
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
كأن الحكومة صارت في خبر كان. الدليل الى مثل هذا الاستنتاج المساعي الجارية او التحضيرات القائمة للمرحلة المقبلة استعداداً للفراغ الرئاسي المسلَّم بوقوعه.
من خلال زيارة رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى زيارة الاخير للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، المقصود بمثل هذا الحراك التحضير للمرحلة المقبلة والاستعداد لها حيث ستتسلم الحكومة الحالية اي حكومة تصريف الاعمال المستقيلة صلاحيات رئاسة الجمهورية بالتوافق والاتفاق مع رئاسة المجلس النيابي ورئيس الاشتراكي. مجرد الفكرة ستضع الرئيسين والزعيم في قفص الانتقاص من مقام الرئيس الماروني والقبول بتسلم ثلاثي مسلم زمام المبادرة والحكم فيما الشريك المسيحي غائب ومهمش. واقع سيضعهم مجتمعين في قفص الاتهام وموضع هجوم من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر. خروج عون من بعبدا يعني تشريع ابواب المعارضة بوجه حكومة ميقاتي وبدء مرحلة الحديث عن انتقاص بالصلاحيات والمثالثة وغيرها من مواقف تصب في هذا الاتجاه.
منذ الخطاب الشهير لبري في ذكرى 31 آب انكسرت الجرة بينه وبين العهد. لم يستلزم مُفاتِحه بموضوع تعيين ست وزراء في حكومة ميقاتي لتعويمها فائض تفكير حتى سارع الى رفضها من اساسها وصدّ الباب بوجه مقترحات باسيل ومَن خلفه والى جانبه. وتلميحه ان الاجتماع الاخير الذي جمع عون وميقاتي كان سلبياً يصب في خانة القول ان التفاهم مع عهد عون مستحيل. اقفل بري بالاتفاق مع جنبلاط وميقاتي ابواب العهد قبل الواحد والثلاثين من تشرين وان كان عاجزاً عن تحديد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ولو على سبيل جس النبض لان لا مرشحين ولا اسماء جدية تطرح في الافق. المرشح الوحيد وهو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي غادر في رحلة خارج لبنان تستمر اياماً عشرة اصطدم ترشيحه برفض جبران باسيل حيث لا قدرة لـ»حزب الله» على تبني ترشيح لا يحظى بغطاء تكتل مسيحي وازن. فما العمل اذاً؟
لا حل ولا من يعملون على بلورته. المعني الاول والاساسي اي «حزب الله» يقول انه سبق وبادر وتواصل مع الاطراف المعنية وقدم ما يكفي من المبادرات لعل احداها تسلك طريقها حيث يجب لكن الابواب أوصِدت في وجهه حتى بات عاجزاً عن التوفيق بين الجهتين المعنيتين اي باسيل وميقاتي. ليس «حزب الله» طرفا في تكتل بري ميقاتي وجنبلاط ولا لديه ادنى فكرة عن ما يسعون اليه. لم يعد يجد امكانية لحكومة جديدة ولا الرئاسة تباشيرها قريبة.
واقعا، بلغ لبنان الانهيار الجدي وسط تعطل المؤسسات وتداعيها. الحل من وجهة نظر الثلاثي بري وميقاتي وجنبلاط البحث عن آلية تؤمن تسيير امور الناس وضمان شؤون الدولة بحدها الادنى وذلك من خلال قيام كل وزير بدوره المنوط به فيمكن مثلاً رفع الدولار الجمركي بقرار من الوزير المعني ومثله رفع تعرفة الكهرباء اي ان هناك اموراً يمكن تسييرها بقرارات وزارية، بالمقابل سيشرع بري ابواب مجلس النواب لاصدار قرارات وتشريعات تسهل عمل حكومة تصريف الاعمال وكله تحت سقف القانون والدستور وتحت مظلة فتوى المشرع حسن الرفاعي والمادتين 62 و75 من الدستور .
يصر بري على تفعيل عمل المجلس التشريعي منطلقاً من ان المجلس سيد نفسه طالما لا مرشحين لرئاسة الجمهورية بعد والاجواء المحلية والاقليمية لم تنجلِ بعد. اما ميقاتي فيعتبر ان التفاهم مع عون بات مستحيلاً والدستور يكفل لحكومته تصريف الاعمال وله ان يقوم بذلك. اما جنبلاط فتحليله يقول طالما ان «حزب الله» لم يتدخل بعد فذلك يعني ان الازمة مفتوحة على كل الاحتمالات وهو سبق وطالب «حزب الله» بالتدخل لمعالجة وضع الحكومة والضغط من اجل تشكيل حكومة جديدة. وفي الموضوع الرئاسي ينزعج جنبلاط من الضبابية المحيطة بالملف الرئاسي حيث لا مرشحين جديين باستثناء فرنجية.
الخطر في ما نشهده اليوم ان افق اللعبة السياسية ممكن ان يودي بالبلد الى الهاوية فيما اي طرف غير مستعد للتنازل او لقاء الطرف الآخر ولو الى منتصف الطريق. الفكرة ان المواطن هو الوحيد الذي يدفع الثمن فيما المسؤولون عن البلد في معركة اثبات وجود وكباش سياسي غير واضح المعالم. الواقع الحالي قد ينتهي بانفجار سياسي او امني. في السابق كانت الدول الصديقة تتلقف الموضوع وتأخذ الحل على عاتقها. اما اليوم فكل الدول تتلهى بهمومها حتى الأم الحنون.
هو اذاً حراك ثلاثي الابعاد في الوقت الضائع لتخفيف الاعباء قدر المستطاع لان لا بري ولا ميقاتي يريان وجود ولو امل ضئيل بتشكيل حكومة. اذاً لـ»نجود من الموجود» ولو كانت حكومة تصريف اعمال ومستقيلة وليقم كل وزير بعمله. لكن السؤال هل سيرضى عون، بأيامه المتبقية، ان يتجاوزوه ليحكموا وكيف سيكون رد فعل بقية القوى المسيحية في حال خرج الطرف المسيحي من المعادلة؟ وكيف لبري وميقاتي وجنبلاط ان يواجهوا مثل هذا الهجوم ضدهم؟