لهذا السبب يستحيل نقل صلاحيات رئيس الجمهورية، إلى حكومة ميقاتي
بقلم: اكرم كمال سريوي

النشرة الدولية –

الثائر نيوز –

وفقاً لنصوص الدستور، هناك فرق بين مصطلحي؛ الحكومة، ومجلس الوزراء. وسيستحيل على حكومة تصريف الأعمال، أن تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، إذا حصل شغور في سدة الرئاسة، لأن رؤساء الحكومات، رفضوا ويرفضون عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال، أي انهم يرفضون انعقاد مجلس الوزراء، الذي يحق له وحده ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، ولذلك لا بد من انتخاب رئيس جديد للبلاد، أو إصدار مرسوم تشكيل حكومة جديدة، قبل انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، وإلا سندخل في الفراغ الكبير.
وإليكم التفاصيل بكل وضوح كما وردت في الدستور.

من الطبيعي أن يحصل جدل قانوني أو دستوري، عندما يكون النص غامضاً، لكن غريب جداً أن يضيع رجال السياسة وفقهاء القانون، في هذا الجدل أذا كان النص واضحاً.

تنص المادة ٦٢ من الدستور: في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحیات رئیس الجمهوریة وكالة بمجلس الوزراء.

قال عدد كبير من فقهاء القانون وكذلك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن الدستور واضح، وهو لم يفرّق ما اذا كانت الحكومة عادية أم حكومة تصريف أعمال، (وهذا صحيح) وبالتالي يمكن لحكومة تصريف الأعمال استلام صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال حصول شغور في سدة الرئاسة.

صحيح أن الدستور لم يستثنِ حكومة تصريف الأعمال، لكن المسألة هي أن الدستور ينص على إناطة الصلاحيات بمجلس الوزراء، وليس بالحكومة، والفارق بينهما كبير .

عندما تحدّث الدستور عن تشكيل السلطة الإجرائية، نص صراحة على تشكيل الحكومة، وذكر في المادة ٥٢:
١- يترأس رئيس الجمهورية مجلس الوزراء عندما يشاء دون أن يشارك في التصويت.
٢- يُسمّي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة، يُطلعه رسمياً على نتائجها.

هنا يجب ملاحظة الفرق الذي أراده المشرّع، بين المقصود بالحكومة والمقصود بمجلس الوزراء. فرئيس الجمهورية له الحق في أن يرأس مجلس الوزراء، ولا يحق له أن يرأس الحكومة.
والرئيس المكلّف يقدّم لرئيس الجمهورية، تشكيلة حكومية، ويتم إصدار مرسوم تشكيل الحكومة، فالحكومة تضم كافة الوزراء الذين تُدرج أسماؤهم في مرسوم التشكيل.
ونصت المادة ٦٤ على: أن رئيس الحكومة يدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد، ولم تقل يدعو الحكومة.

أما المادة ٦٥ من الدستور فهي أناطت السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء، ونصت على: اجتماعه دورياً في مقر خاص، وحددت النصاب القانوني لاجتماعات المجلس بحضور ثلثي أعضائه.

يتضح من نصوص هذه المواد أن المقصود بمجلس الوزراء، هو عندما تجتمع الحكومة في مقرها، أو في القصر الجمهوري، بكامل أعضائها، أو بحضور غالبية ثلثي الأعضاء، أي أن مجلس الوزراء يعني حصراً حالة اجتماع الحكومة، (أكانت مكتملة أم فقط بحضور ثلثي الأعضاء) لمناقشة جدول الأعمال، وهو بذلك يختلف عن الحكومة التي تتحول إلى مجلس وزراء، في حال انعقاد جلسة للمجلس فقط.

إن عدة رؤساء حكومات سابقين؛ (فؤاد السنيورة، وسعد الحريري، وحسان دياب)، وكذلك الرئيس نجيب ميقاتي، رفضوا فكرة عقد حكومات تصريف الأعمال، جلسات لمجلس الوزراء، باعتبار أن حكومة تصريف الأعمال، تقوم بتصريف الأعمال بالحد الأدنى لاستمرار المرفق العام، ولا يحق لها إلزام الحكومة اللاحقة، بأي قرار أو إجراء طويل الأمد، وعندما طالب بعض السياسيين، الرئيس السابق للحكومة حسان دياب، بالدعوة إلى اجتماع لمجلس الوزراء (عندما كانت حكومته تقوم بتصريف الأعمال)، رفض ذلك، وأيّده في موقفه هذا، نادي رؤساء الحكومات السابقين.

إذا كانت حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها أن تجتمع، فهذا يعني أنه في هذه الحالة، لا وجود لمجلس الوزراء، الذي يجب أن تنتقل إليه صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال حصول شغور في سدة الرئاسة.
وإذا كان الرئيس ميقاتي يرفض الآن دعوة الحكومة للاجتماع، بحجة أنها حكومة تصريف أعمال، فكيف يمكن أن تمارس حكومته (التي لن تجتمع) صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال عدم انتخاب رئيس جديد، قبل أنتهاء عهد الرئيس الحالي ميشال عون، وحصول خلو سدة الرئاسة بعد انتهاء ولايته؟؟؟

كان المشرّع دقيقاً وحريصاً جداً في نصوص الدستور، فهو مثلاً عندما عدد في المادة ٦٩ من الدستور الحالات التي تصبح فيها الحكومة، حكومة مستقيلة أو بحكم المستقيلة، وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال، ذكر في البند- د – “عند بدء ولاية رئيس الجمهورية”. ولم يذكر أنها تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، عند انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، والهدف من ذلك واضح، وهو الإبقاء على الحكومة بكامل مواصفاتها، في حال خلو سدة الرئاسة بانتهاء ولاية الرئيس، كي تتمكن من عقد اجتماعات عادية لمجلس الوزراء، الذي تنتقل إليه حكماً، صلاحيات رئيس الجمهورية.

لهذه الأسباب يستحيل على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الحالية، أن تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال حصول شغور رئاسي، لأن الرئيس ميقاتي يرفض دعوة حكومة تصريف الأعمال إلى عقد جلسة، وهذا يعني أنه لن يكون هناك مجلس وزراء، لذلك لا بد من إصدار مرسوم تشكيل حكومة جديدة، قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، ولو بنفس تشكيلة الحكومة الحالية، أو بتعديل بعض الأسماء فيها، فلا شيء يمنع ذلك، وسيكون عليها أن تقدّم بيانها الوزاري، والحصول على ثقة المجلس النيابي، كي تستطيع الاجتماع مجدداً كمجلس للوزراء، وتمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، في حال عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد، قبل الأول من نوفمبر تشرين الثاني المقبل.

فهل يتدارك المسؤولون هذا الوضع قبل أن نصطدم بالفراغ الشامل والكبير ؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى