من يشرف على هيئة الإشراف على الإنتخابات اللبناينة؟

حديث عبد الملك أول طعن بالإنتخابات قبل حصولها

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

إذا كان الهدف من الصمت الانتخابي عدم التأثير على خيار الناخب فإن خروج رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك وحديثه عن رشاوى انتخابية يمكن اعتباره بمثابة ايحاء ينسف فكرة الحياد من أساسها. فهل تحتاج هيئة الاشراف الى من يشرف على أدائها؟

عشية الانتخابات النيابية المقررة في 15 الجاري شكك رئيس الهيئة بنزاهة العملية الانتخابية برمتها وتحدث عن رشاوى انتخابية وفوضى ليقدم بما قاله مادة يمكن ان تشكل دليلاً قاطعاً يطعن على اساسها بالانتخابات النيابية. من مواقف عبد الملك الى شكوى النائب جبران باسيل لهيئة الاشراف على «القوات اللبنانية» و»الكتائب» على خلفية تخطي السقوف المالية للانفاق الانتخابي في الاعلام والاعلان، يمكن التنبؤ بأن هذه الانتخابات ستكون الاكثر قابلية لتقديم الطعون بنتائجها.

فقد أعلن عبد الملك عبر وسائل الاعلام عن وجود فوضى في الإعلام والإعلان وتحدث عن رشاوى انتخابية منتقداً «الافتقار إلى المساواة في الظهور الإعلامي للمرشحين المنسحب أيضاً على السقف الانتخابي»، ومشككاً بأن معايير» الديمقراطية التي تفترض النزاهة والحياد والشفافية في الانتخابات ووقف خطاب الكراهية والتخوين والتهويل والتخويف، باتت مهددة». بكلامه أوجد عبد الملك مادة للطعن في الانتخابات قبل حصولها. حتى وان كانت مواقفه وما اعلن عنه لم يقترن بتقديم اثباتات بقدر ما جاء كلاماً فضفاضاً، فضل مطلقه ومن موقعه المسؤول رفع الصوت عبر الاعلام عوض الالتزام بالسقف الذي حدده القانون لعمل الهيئة، اي اعداد التقارير ورفعها الى الجهات المعنية. وباعتراف وزير الداخلية بسام مولوي فان عبد الملك قال كلاماً خطيراً لكن يجب ان يكون موثقاً اولاً وان يبلغ به النيابة العامة، اي ان تقوم الهيئة بدورها امام القضاء بدل ان تقدم مادة دسمة للراغبين بالطعن الانتخابي. لا سيما حين يوجه المولوي انتقاداً لاذعاً للهيئة اقرب الى التأنيب لكونها ومنذ تشكيلها لم تتخذ «اي إجراء رادع بحق اي وسيلة اعلامية».

بدليل ما ادلى به فان المخالفة الاولى انتخابياً ارتكبها رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات بتوزيعه الاتهامات من دون وجود ادلة، والتشكيك بديمقراطية العملية الانتخابية واطلاق كلام عام يشمل به الجميع من دون استثناء، وكل ذلك ليوصل رسالة الى الحكومة تقول ان امكانيات هيئة الاشراف معدومة مما يصعب عليها القيام بدورها وليعلن مسبقاً تبرئته من اي اتهام بالتقصير في ما بعد.

من الناحية القانونية خالف حديث عبد الملك القانون رقم 44/2017 وقالت المستشارة في القانون العام جوسلين معلوف ان مهام الهيئة وفق ما هو وارد في المادة 16 تشترط على رئيسها عدم التصريح، وفي حال صرح يفترض به ان يكون حيادياً خاصة وانه تحدث عن رشاوى فخرج بذلك عن دور الهيئة المحصور بإعداد التقارير ورفعها الى وزير الداخلية او اتخاذ اجراءات، اما ادارية أو ارسال تنبيهات او احالة الموضوع الى محكمة المطبوعات او الى النيابة العامة في حال الرشاوى. لكن عبد الملك استعاض عن كل ذلك بالحديث في الاعلام فمن يشرف على اشراف هيئة الاشراف وهل يطبق القانون؟

تؤكد المستشارة في القانون العام أن «لا صلاحيات تنفيذية للهيئة وتقتصر مهامها على رفع التقارير وليس التصريح للاعلام. وهذه مهام واردة في المادتين 16 و19 واللتين تعدان كخريطة طريق لعملها والا لا يحق له بالتصريح، ويلزمه موافقة مسبقة من اعضاء الهيئة. بموجب ما قالته فان عبد الملك نسف فكرة الحياد من اساسها وأسس لامكانية الطعن بالانتخابات.

وبالموازاة وفيما لم تعلن الهيئة عن اعداد تقارير موثقة عن مخالفات وتقديم رشاوى انتخابية، الا انها سبق وتقدمت برسائل «تنبيه» الى المعنيين من خبراء انتخابات ووسائل اعلام بعدم نشر استطلاعات للرأي خلافاً للشروط والأحكام القانونية المحددة وغير معلن عنها صراحة تحت هذا العنوان»، علماً ان استطلاعات الرأي غالباً ما تكون معدة سابقاً وقد بدأ الخبراء العمل عليها منذ نهاية العام الماضي اي قبل صدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة رقم 8590 تاريخ 29/12/2021، وقبل تاريخ بدء الحملات الانتخابية بموجب التعميم الصادر عن وزير الداخلية والبلديات بتاريخ 5/1/2022، وقبل صدور القرارات عن الهيئة بتاريخ 5/1/2022 المتعلّق بالقرارات التنظيمية والتعاميم والبيانات المتعلقة بالعملية الانتخابية، والقرار رقم 7 تاريخ 25/1/2022، أي قبل أن يتّضح من هي الجهة التي يجب مراجعتها للإستحصال على إذن مسبق بحسب ما يقتضي القانون لإجراء استطلاعات الرأي.

وقد تبين من خلال مضمون التنبيهات التي وجهتها الهيئة اعتبارها ان الحديث عن استطلاعات الرأي هدفه «نشر وبث الترجيحات والإستنتاجات»، وليس دراسات اجريت على أسُس علميّة يعدها خبراء في هذا المجال وليست مجرد رأي، اللهم الا اذا كان المطلوب طلب اذن مسبق لاجراء مقابلات مع خبراء استطلاعات الرأي.

بسبب ضعف الامكانات التي تحدث عنه عبد الملك ونقص الكادر البشري، لم تستطع الهيئة توثيق المخالفات الانتخابية وتعجز عن وضح حد للاطلالات الاعلامية للمرشحين او ضبط سقف الانفاق الانتخابي. ربما هي العلة في قانون الانتخاب الذي حدد سقف الانفاق الانتخابي على الورق بينما وجد منافذ للتحايل عليه بما صعب عملية المراقبة، وفوضى الظهور الاعلامي للمرشحين الخاضع لاعتبارات سياسية. فالخلل الاساسي في هيئة مشكلة من فريق عمل من دون ادوات تنفيذية ولا قدرة لديها على المراقبة بما يجعل دورها عرضة للتشكيك بالشكل والمضمون.

Back to top button