الإستعمار مُتجذر وهذه أسباب تخلف أمة العرب
بقلم: صالح الراشد

يستغرب البعض سقوط الأمة العربية وتراجعها على الصعيد العالمي، بل لنكن أكثر صراحة ونقول “تخلفها”، وهنا يخرج علينا المنظرون الأفاقون ليدافع كل منهم عن بلده التي صنعها الإستعمار، ويصفونها بأنها متطورة عن بقية الدول العربية المتخلفة بشعبها وفكرها “حسب وجهة نظرهم”، ليتم تقسم الدول العربية إلى طبقات متعددة، فهذه عُصبة الأغنياء وتلك مجموعة المستورين وفي القاع فرقة المتسولين، كما نجد التوزيع الفكري بين الدول فتلك مجموعة الفكر والثقافة، أما الأخرى فرمز للجهل والسطحية ، لنجد أن أبناء كل بلد يضعون دولتهم في المقدمة حسب التوجه الذين يتناسب معهم، من مال وقوة وسلاح وفكر.

الغريب ان هذه الفوقية العربية لا نجدها في تعاملها مع الدول الأوروبية أو الولايات المتحدة وكندا، كما لا تملك دول العرب الجرأة للتعامل مع الصين واليابان وكوريا الجنوبية بالفكر الطبقي، لأنه وبكل بساطة هناك فاصل كبير بينهم وبين الدول العربية التي لا زالت في غالبيتها العُظمى ترزخ تحت نير الإستعمار، وبالتالي تُحافظ على وجودها كدول مرحلية وليس أبدية، فجميعها قابلة للتقسيم والإنقسام والإنهيار والحروب الداخلية بفضل النزعات التي صنعها المستعمر ويملك القدرة على إشعالها في أي وقت يُريد، لنجد أن الإستقرار صفة متنحية والخوف من المستقبل يُشغل فكر الجميع، لأننا ضللنا الطريق وتمسكنا بفكر “الأنا” المرضية التي تصاحب كل من يحتل منصب.

ففي أمة أساس عقيدتها “العدل أساس الحُكم” غابت العدالة الإجتماعية وانتفى العدل، وفي أمة كان شعارها “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه”، إختفى الحب واصبح الحقد سيد الموقف، وفي أمة نشرت أمنها المجتمعي ب”والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقة”، انتشرت البوائق حتى أصبحت الأمة بدولها تأمن للغرب ولا تأمن لإخوتها العرب، وأصبحت تستقوى بقوى الإستبداد والإستعمار على إخوتها، فتم التآمر على فلسطين أولاً لتصبح وطننا للأغراب “والنقطة تؤلمنا”، ثم العراق و سوريا واليمن وليبيا ومصر وتونس ولبنان والسودان والبقية تأتي توالياً، فلا أمان بين الإخوان حين يصبح الأخ هو الخصم وعودنا الحكم.

أقولها لمن يبحثون عن سبب تراجع الأمة ويتساءلون لماذا أصبحنا دول متخلفة مدنياً وفكرياً؟، وأصبحنا أمة البضائع المعلبة فلا نُنتج إلا ما تجود به الأرض من خيراتها، أقول لهم ان سبب التخلف واضح وصريح، ولا يحتاج لساحر يفك طلاسمه ولا لعالم يفسر نظرياته، لقد تراجعت الأمة حين وُضَعَ الساسة أراذل الناس على رقاب الشعوب، فأصبح الجاهل مسؤولاً، والأحمق رئيساً لمعاهد العلم والعلوم، والأخرس متحدثاً بإسم الدول والشعوب، والرعديد قائد للفيالق في حروب الردة، فضاعت بوصلة الأمة وتاهت خيولها وضل فكرها، كونها لم تُجِد قراءة تاريخها ولم تبني مستقبلها من يومها، وساس أغرابها أسيادها، لتبقى النقطة في قلوب أشراف الأمة علة مستعصية في طريق النصر والعودة.

زر الذهاب إلى الأعلى