التفتوا لأهل «الوفرة» و«صباح الأحمد»
بقلم: أسرار جوهر حيات

النشرة الدولية –

لا يختلف اثنان، على أن توفير أراضٍ تغطي التزام الحكومة بالرعاية السكنية يستوجب بناء مدن جديدة، ومؤكد أنها ستكون خارج مدينة الكويت، وهو ما حدث في إنشاء مشروعي الوفرة السكنية ومدينة صباح الأحمد السكنية.

إلا أن بناء المدن الحديثة يجب أن يكون على أسس وقواعد ومخططات، تراعي احتياجات السكان أولاً عبر بنية تحتية متكاملة.

فخلال زيارتي الأخيرة، لمدينة صباح الأحمد السكنية، لحضور مناسبة اجتماعية، صدمني ما رأيت، فكانت هذه الزيارة الثانية لي بعد ٤ سنوات، من زيارتي الأولى في 2018، فكنت أتوقع أن أجد المدينة أكثر حيوية، إلا أن الاختلاف الوحيد الذي لمسته كان في أمرين، تحسين الطرق، وزيادة عدد المنازل، بينما مازالت المدينة بلا روح ولا حيوية.

فالبنية التحتية المتكاملة ليست فقط طرقاً وصرفاً صحياً وتمديدات كهرباء ومياهاً، بقدر ما هي توفير كل مستلزمات الحياة للسكان، الذين بلا شك فاق عددهم الآلاف.

ولعل أبرز ما تفتقر إليه المدينة وكذلك مدينة الوفرة السكنية، الفرص الاستثمارية والتجارية التي تخدم السكان، والخدمات في بعض القطاعات الحيوية، فكان من باب أولى أن تفكر الحكومة، ليس في سكن للنوم فقط للمواطنين، بل سكن للحياة، فهؤلاء المواطنون بحاجة لسبل ترفيه، مولات تجارية، مستشفيات لا سمح الله، فرص تعليمية خاصة الى جانب مدارس الحكومة، صالونات، مطاعم، كافيهات، وغيرها من الحاجيات التي تتجاوز توفير المياه والكهرباء والصرف الصحي فقط.

فعلى سبيل المثال، من غير المعقول، أن أوفر سكناً لآلاف الأسر في مدينة تقارب الحدود، بينما لا أوفر لهم حياة متكاملة، لا يضطرون معها أن يقطعوا مسافات طويلة يومياً للعودة لمدينة الكويت لقضاء حاجياتهم.

حدثتني احدى الصديقات، الساكنة هناك، انها تضطر لشراء بعض الحاجيات أن تقطع مسافة زمنية أكثر من نصف ساعة ذهاباً ومثلها اياباً، للوصول لأقرب مول للمدينة، بينما اذا احتاجت أن تقصد صالوناً نسائياً فهي تذهب لبعض المجمعات التجارية في مدينة صباح الاحمد البحرية، خاصة ان منطقة الشاليهات تبدو حيوية أكثر من الجانب السكني.

وأخرى تضطر أن توصل ابناءها يومياً، الى مدرسة خاصة في الفحيحيل، كونهم معتادين على مناهج اجنبية، بالتالي عدم وجود مدارس خاصة في المدينة يضطرها لقطع كل تلك المسافة أربع مرات يومياً.

ولا نختلف مع الحكومة بجديتها بتوفير سكن للمواطنين، ولكن كان واجباً عليها كذلك أن تعي أن لهؤلاء السكان احتياجات كثيرة، لم توفرها بعد رغم كل هذه السنوات، فكان من باب أولى على الحكومة أن تبني مدينة متكاملة، لا أن توزع أراضي فقط.

فالمدن المتكاملة، تراعي توفير الخدمات التعليمية والصحية المناسبة لطبيعة السكان، وأن توفر مساحات تجارية وترفيهية، وهنا لا أتحدث عن مولات كبيرة، بل حتى عن محال التجزئة والمقاهي والمطاعم وغيرها.

وجميعنا نعرف ان هذه المدن الجديدة قد لا تكون مغرية للمبادرين الصغار، وهنا كان دور الحكومة بأن تفتح تسهيلات في التراخيص وكذلك الدعوم لأصحاب المشاريع الصغيرة لتوفير احتياجات سكان المدن الجديدة، إلى جانب الزام القطاع التعليمي الخاص أن يفتتح أفرعاً في هذه المدن، والتفكير جدياً بإنشاء جامعات حكومية وخاصة تخدم السكان، هذا فضلاً، طبعاً عن الحديث عن مآسي السكان شتاء بالامطار والغرق، وصيفاً في الغبار.

وأخيراً، ان بناء المدن، البعيدة عن العاصمة، يتطلب فكراً متكاملاً، ورؤية شاملة، أتمنى أن نعيها مستقبلاً في بناء المدن الجديدة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى