المودعون غير المؤهلين هم صغار المودعين، وكابيتال كونترول لحماية كبار المودعين وأصحاب المصارف!
بقلم: اكرم كمال سريوي
النشرة الدولية –
الثائر –
خطة تعافي حكومية، وكابيتال كونترول، على قياس أصحاب المصارف، الذين يتنعمون بسرقة أموال المودعين.
فوفقا للقانون اللبناني وفي أي دولة في العالم عندما يتمنع مصرف عن سداد الودائع، يتم إعلان إفلاسه، وتصفية ممتلكاته، لتوزيعها على المودعين.
لكن في لبنان توقفت المصارف عن الدفع، وتحتجز أموال المودعين منذ ٣ سنوات، وتنفذ عليها قرصنة وحسم وصل إلى أكثر من ٨٠٪ ، والآن يحاول المجلس النيابي، تصفية قسم من الودائع، وهي تلك العائدة لصغار المودعين، وهي لا تزيد عن ٢٠٪ من مجمل الودائع، مقابل الحفاظ على ودائع كبار المودعين، من مسؤولين وتجار، والحفاظ طبعاً على نعيم وثروات أصحاب المصارف، خلافاً للمنطق والقانون، بحجة أن القطاع المصرفي عماد اقتصاد لبنان، ولا يجوز تدميره، وكأن رد ودائع صغار المودعين، هي فعلاً ما سيدمر هذا القطاع، وليست خطوة بلطجة وحكم بالإعدام، على الطبقة الوسطى التي تم إفقارها من اللبنانيين.
منذ أن اتخذ حاكم مصرف لبنان قراره بالتفريق بين من حوّل وديعته إلى الدولار قبل ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٩، ومَن حوّلها بعد هذا التاريخ، والحديث مستمر داخل مجلس النواب، عن إدراج هذا التمييز في قانون الكابيتال كونترول.
لم يسأل أحد عن السند القانوني لهذا التمييز، فالدستور اللبناني وقانون النقد والتسليف أعطى الحرية للمودع، وكل التحاويل تمت وفقاً لنفس القانون، ودون ان يرتكب المودعون أي مخالفة للقانون.
ومن الواضح ان المصارف أغرت المواطنين بوضع أموالهم لديها بالليرة اللبنانية، وبفوائد عالية. ولكن منذ بداية عام ٢٠١٩ تنبّه بعض المودعين للخطر المحدق بسعر صرف الليرة، فعمدوا إلى تحويل ودائعهم إلى دولار، أو سحبها أو تحويلها إلى الخارج، فيما لم يتنبّه قسم آخر الى هذا الخطر، سوى بعد اندلاع الاحتجاجات في ٢٧ تشرين، فسارعوا الى تحويل ودائعهم للحفاظ على قيمتها. وهناك من حالفهم الحظ فتمكّنوا من سحب وديعتهم، برشوة بعض موظفي البنك، أو قاموا بتحويلها إلى الخارج، أمّا من وثق بالمصرف، فاكتفى بتحويل وديعته إلى الدولار ومن لم يحالفهم الحظ بقيت ودائعهم بالليرة.
يتعاطى حاكم المركزي وبعض النواب مع المودعين، على طريقة “الشاطر بشطارته” ، دون اي اعتبار لحقوق الملكية التي يكفلها الدستور اللبناني، ودون أي منطق أو عدالة أو تطبيق للقانون، والأسوأ من ذلك أنه لن يتم اتخاذ أي إجراء بحق من هرب أمواله ولا حتى بحق من سرق وأهدر المال العام.
فهل يمكن لأحد أن يشرح للناس ما هو الفرق بين من سحب وديعته أو حوّلها قبل ٣٠ تشرين، أو بعد يوم من هذا التاريخ؟؟؟ ووفقاً لأي سند قانوني، تجري الآن محاولة تنفيذ عملية تصفية للودائع المحولة بعد ١٧ أو ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٩؟؟؟ ولصالح من يتم تنفيذ هذه العملية، وهذا التمييز بين مودع مؤهّل وآخر غير مؤهّل؟؟؟ ومواطن مؤهّل وآخر غير مؤهل؟؟؟
فهل من هرب أمواله، ودفع رشوة لاصحاب البنوك ( وغالبية هؤلاء هم من المسؤولين والنافذين) هو مواطن مؤهل بالحصول على حقه؟؟ أمّا من وثق بالمصارف والدولة (وغالبية هؤلاء من صغار المودعين، الذين أودعوا جنى عمرهم أو تعويضهم الوظيفي) فهـؤلاء يجب معاقبتهم، وتحميلهم ثمن عمليات الفساد والسمسرات وانهيار العملة الوطنية؟؟؟
ماذا عن الاموال المهرّبة للخارج قبل وبعد ١٧ تشرين، وماذا عن الأموال المهدورة؟ وماذا عن السمسرات التي تقاضاها المسؤولون والنافذون؟؟؟
من الواضح أن بعض النواب الشركاء في الجرم مع أصحاب المصارف، يحاولون تمرير قانون كابيتال كونترول، يبرّىء القوي الظالم، ويجرّم الضعيف، ويحمّله المسؤولية، ليأخذ أمواله.
اذا كان النواب سيشرعون خلافا للدستور، وينتهكون مبادىء العدالة والمساواة، ويحرمون صغار المودعين من حقوقهم، فهذا يعني أنه يحق لهؤلاء المودعين تحصيل ودائعهم بالقوة من المصارف، ومحاسبة النواب الذين يشرعون ويوافقون على كابيتال كونترول ينصف القوي ويظلم الضعيف.