ألا تستطيع كارمن لبّس منافسة ميريل ستريب لو أُعطيت لها الفرصة؟

النشرة الدولية –

رصيف 22 –  جوزفين حبشي –

“سرّ جمالي ليس الرياضة والنوم وشرب الماء. سر جمالي هو البوتوكس والفيلر”…

هذا ما أعلنته، وبمنتهى الصراحة، نادين نسيب نجيم، نجمة الدراما اللبنانية-العربية، وملكة جمال لبنان لعام 2004، في أثناء وجودها في مصر خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.

نعم، ملكة جمال لبنان “الجميلة” والشابة، والتي لا تحتاج إلى مزيد من التجميل، أو إخفاء آثار العمر، هي التي لم يتجاوز عمرها منتصف الثلاثينات، أعلنت أن سرّ “جمالها” حُقن التجميل. و”الأجمل”، أنها لم تتردد في دعوة النساء للتشبه بها، من خلال اللجوء إلى تقنيات النفخ والشد، وما إلى ذلك، وكأن المرأة العربية تحديداً، تحتاج أصلاً إلى تشجيع، هي التي ضربت الأرقام القياسية بالتهافت على عمليات التجميل.

حسب إحصاءات عديدة لدى عيادات الأطباء، معظم الساعيات إلى نفخ جمالهن، وتكبير مؤهلاتهن، يرغبن عادةً بأنف أنجلينا جولي، ونوال الزغبي، وشفاه هيفاء وهبي، وصدر باميلا أندرسون، ومؤخرة كيم كارداشيان، وسيرين عبد النور، وحنك نادين نسيب نجيم، ووجنتيها، واللائحة تطول وتطول، وتنتفخ.

طبعاً، عمليّات التجميل وتقنياته، أصبحت موضةً عالميةً، ولم تعد تقتصر على جراحة الترميم، والتشوهات الخلقيّة، والحروق، والجروح، وبعض الإصابات الشائعة، والأمراض، والسرطان، والأورام التي تتسبب بتغييرٍ واضح في الشكل العام للإنسان، وتؤثر بشكل مباشر، أو غير مباشر، على الحالة النفسيّة عند هذا الشخص، سواء أكان ذكراً أم أنثى. عمليّات التجميل وتقنياته، أصبحت موضةً لدى الكثيرين (رجالاً ونساءً)، ولكنها تحوّلت إلى هوسٍ تلجأ إليه اليوم كثيرات من النساء خارج المجال الفني، اللواتي يحتجن إلى استعادة الثقة بالنفس، والاحتفاظ بالشريك والعمل، وأيضاً النجمات الفنانات اللواتي يحتجن إلى الشعور الدائم بالشباب، والمحافظة على الجمال والشهرة والأضواء.

ترى أي منهما هي ضحية الأخرى؟ هل المرأة هي ضحية الرغبة في التشبه بنجمات التمثيل والغناء والجمال والكمال؟ أم نجمة التمثيل والغناء والاستعراض هي ضحية كل امرأة في مجتمع يركّز بشكل كبير على المظهر الخارجي والجمال والشباب، ولسخرية القدر لا يستعين بأهمية الجمال الداخلي، سوى في فقرة الأسئلة التي توجَّه عادةً إلى المتباريات على لقب ملكة الجمال؟

من ضحية من؟ المرأة التي تلمس لمس اليد سرعة تشريع المجتمع لأبوابه الفنية وشاشاته التلفزيونية وغلافاته الإعلامية أمام الشكل النجومي الجميل، وتثق بأن لهيب الحب والإعجاب لا يمكن أن ينطفئ عند زوج، زوجته تشبه أنجلينا وهيفاء وسيرين؟ أم النجمة التي ترى بأم العين رفض المجتمع الفني منحها دور البطولة، في حال بدا صدرها صغيراً، وعمرها كبيراً؟

من ضحية من؟ هل المرأة بشكل عام، والنجمة بشكل خاص، هما ضحيتا مجتمع يدفعهما “بقوة” إلى إجراء عمليّات تجميل لا تغيّر في معظم الأحيان نظرة أي منهما إلى نفسها، لذلك لا تكتفي كل من المرأة والنجمة عادةً بعملية واحدة، وغالباً ما تدخل في دوامة جراحات مستمرّة، حتى تتحوّل إلى امرأة أخرى لا تشبه نفسها، وإلى كاريكاتور امرأة، لا تستطيع أن تضحك من قلبها، ولا أن تعبس من حزنها؟ امرأة تشبه لوحة جامدة، وجهها شاشة معطّلة، لا تترجم كل ما يختلج في داخلها من مشاعر وانفعالات؟

امرأة تُبعِد عنها “تهمة” العمر، بحقنات متلاحقة من البوتوكس والفيلر، وكأن السنوات جريمة لا تُغتفَر، عقوبتها السجن المؤبد في أدوار هامشية أو ثانوية، بعيدة عن شغف الحب ولهب الغرام. من قال إن الحب حكر على الشباب؟ ألم تسمعوا بمقولة “التقدم في العمر لا يحمينا من العمر، بينما يحمينا الحب من التقدم في العمر”؟ ألم تُغرموا بقصة حب رندة كعدي وأحمد الزين، وهما يقفان على حافة خريف العمر، في مسلسل “للموت”؟ ألم تجدوا تقلا شمعون الستينية أفضل من مئة عروس بيروت عشرينية؟ ألم تبهركم كارمن لبّس بابتعادها عن تأليه الشكل على حساب الشخصية في مسلسل “2020”؟ ألم تبصموا بالـ10 على أن أداء كل من رلى حمادة ونوال كامل يستحق علامة 10/10 في مسلسل “خمسة ونص”؟ ألم تذهلكم هيام أبو شديد بلقطة صامتة واحدة ووحيدة لمريضة سرطان حليقة الرأس في مسلسل “العودة”؟ ألم تسرق منى واصف وهج كل الشابات في سلسلة “الهيبة”؟ وغيرهن كثيرات من الممثلات الكبيرات قيمةً وخبرةً وسناً في عالمنا العربي. أولئك الممثلات القديرات تحدّين الصورة النمطية للمرأة الجميلة والشابة، وقدّمن أدوار نساء حقيقيات، لا لعباً من الجفصين، مفصلةً على قياس “الرايتينغ”، و”الجمهور عايز كده”.

Back to top button