أموال العرب للأوهام وليس للتنمية!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية -الوهم تلو الوهم يتسبب في ضياع ثروات الأمة العربية، لتتبخر وتصعد بإتجاه السماء لتتكثف من جديد وتصير غيوماً تحمل المطر والخير لدول أخرى، لتغنم هذه الدول أكثر من أصحاب الثروات العربية، ويتنعمون بالخير والمال أكثر ممن أضاعوا النِعم، والذين اعتقدوا أن السراب نهر ماء وواحة رخاء، فنهض الغرب ونما بأموالنا وخيراتنا، وأعاد استعمارنا من جديد، فعندنا أتباع لهم ليشتروا ذهبنا بورق بلا قيمة ولا حماية، ونحن نعطيهم كل شيء عن طيب خاطر .

الأوهام انتشرت وخرجت سوداء اللون كلون النفط الذي حول حياة وقلوب الكثيرين للسواد، فهذا يشق نهر بلا ماء فلا يحول الصحراء لجنات بل ينتهي الماء وتذهب الأموال، وآخر يتطاول في بنيان بلا سكان لتصبح دول تعتمد على غيرها وسقطوها أسهل من بنائها، وثالث يشتري السلاح بالأطنان ويطلقها ليقتل الأمن في وطنه ليبقى العدو في أمان كون السلاح واليد التي تضغط على الزناد ضلت الطريق، ورابعهم يُشيد منشآت رياضية تنتهي صلاحيتها قبل عقد من الزمان، لتكون ذات فائدة محدودة، وخامس يُخزت الأموال في البنوك الغربية خوفاً من المستقبل، ليهدر هؤلاء المليارات من أموال الأمة التي تعاني من الجوع وتراجع التنمية، فتتزايد التنمية في الغرب والشرق الأقصى الذين بمال الأمة ينعمون، لينتشر في أمتنا الفقر والعوز والظلم، فيهتف العلماء اننا في آخر الزمان، فيرد عليهم تُجار النفاق إننا الآن قد أصبحنا من بني الإنسان.

أموال العرب ضاعت، أموال العرب وللحق أمطرت حيث تستحق أن تُمطر، فهذه الدول التي تنهب ثرواتنا صنعت لنا الأمل والمستقبل والمدنية فأنتجت السيارات والطائرات والأجهزة الخلوية والطبية، وصنعت لنا الدواء الشافى للأمراض والحامي من الأوبئة، وشيدوا أعظم الجامعات والمراكز الطبية وأصبحنا تلاميذ في مدارسهم وجامعاتهم بعد أن كنا قادة العلم في العالم، فالمال وحده لا يكفي لصناعة الأمل فالمدنية تحتاج لثقافتها وسلامة نهضتها، وتحتاج إلى بناء حقيقي ينطلق من تكامل إقتصادي حقيقي، قائم على المنفعة العامة للأمة العربية التي كان عليها أن تفكر في بناء نفسها قبل الدخول في عالم العولمة المُظلم، والذي يُغلق بابه خلف من يدلج فيه ولن يخرج.

لقد كان علينا كعرب أن نفكر في البناء الإقتصادي السليم عبر المناطق الجغرافية من شمال افريقيا إلى بلاد الشام والخليج العربي، وأن يقوم كل تكتل إقتصادي بدعم التكتل الآخر وبالتالي لن نستورد الطعام من الغرب ونحن نملك أوسع المناطق الزراعية في المنطقة من السودان لبلاد الشام، ولن نكون بحاجة لملابس أوروربا التي تبدع في صناعتها مصر وتونس، ولن نستورد منهم المواد الخام المتواجدة في الجزائر والخليج العربي، وفي مجال التعليم نملك أقدم جامعات العالم، لذا فإن المطلوب ليس بالكثير كونه ينبع من كرامة الأمة التي عليها أن تحافظ عليها وتنطلق من جديد، وعندها سنملك التنمية الأفضل وسيعود الأوروبيون ليعملوا في بلادنا، لكن يبقى السؤال الأهم، هل يملك القادة الرغبة في الوقوف منتصبين أمام العالم أم لا؟، وعندها سنعرف من يرفض التنمية العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى