1150 يوماً عصيبة
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
بالرغم من أن 1150 يوماً فصلت بين كارثتي أمطار نوفمبر 2018 ويناير 2022، المماثلتين تقريباً، إلا أن هذه الفترة الطويلة نسبياً، كما تبين تالياً، لم تكن كافية لكي نتعلم منها شيئاً، بعد أن رفضت حكومة سمو الشيخ صباح الخالد، محاسبة أي طرف عن كارثة 2018، حتى من دعوا لإقامة صلاة الاستسقاء، بالرغم من أن كل ما نتج عن أمطار 2018 من غرق جسور وأنفاق ومدن سكنية جديدة، وغرق بيوت مئات المواطنين ومركباتهم ومحالهم، وقع بسبب الإهمال والفساد! ولم تكن كارثة يناير 2022 بعيدة عنها، وكان من الممكن تجنب خسائرها، لو تعلمنا شيئاً من دروس كارثة 2018! ولكن يبدو جلياً أننا لا نود التعلم من أخطائنا!
***
وحدها وزيرة الاشغال حينها، السيدة «جنان بوشهري»، قررت منفردة، بعد تسلمها تقارير لجان التحقيق في الوزارة، إصدار مجموعة قرارات حازمة في ابريل 2019، أوقفت بموجبها شركات مقاولات وطرق ومكاتب هندسية عن العمل لأربع سنوات، وأغلقت عدداً كبيراً من مصانع الاسمنت المتلاعبة بالخلطات!
وكانت الوزيرة تعلم أنها تدخل نفسها في عش «دبابير الفساد» التي تحركت قواها على الفور لإبطال قراراتها، كونها تمثل سابقة في «تاريخ الفساد»، ويجب ألا تمر، مهما كان الثمن «المالي»!
***
بعد إصدار الوزيرة قراراتها القوية، شكل مجلس الأمة لجنة تحقيق من النائب السابق عادل الدمخي، رئيساً (!!) ومن النائب خالد العتيبي، مقرراً (!!) والنائب السابق خلف دميثير، عضواً(!!)، وخرجت في الشهر السابع، وبعد ثلاثة أشهر تقريباً من قرار الوزيرة وقف شركات المقاولات والمكاتب الهندسية، خرجت بنتيجة مهلهلة مائعة، لم تتضمن أية إدانات واضحة بالاسم، بل حملت مجلس الوزراء وجهات حكومة أخرى المسؤولية عن الكارثة، ولا شيء مهم غير ذلك تقريباً!
***
لم يتوقف الموضوع عند تلك النقطة طبعاً، فالانتقام من جرأة الوزيرة تطلب تقدم عدد من النواب بطلب استجوابها لأنها أضرت بشركات ومكاتب هندسية «صديقة»، ونجح المستجوبون في إرغامها تالياً على الاستقالة، بعد أن رفعت الحكومة الغطاء عنها وتركتها لمصيرها!
كانت الكلمة التي ألقتها وزيرة الاشغال، جنان بوشهري، في قاعة عبدالله السالم، وهي تعلن استقالتها واعترافها بعجزها عن الوقوف في وجه قوى الفساد، الكلمة الأقوى والأكثر إثارة للأسى في تاريخنا السياسي!
***
بعد تعيين السيدة «رنا الفارس» وزيرة للأشغال، بعد قبول استقالة سلفها، قامت الوزيرة الجديدة، وغالباً بمباركة من رئيس الوزراء، بمخاطبة لجنة المناقصات بكتب منفردة تطلب فيها رفع الإيقاف عن هذه الشركة أو تلك الجهة بحجة أنها أزالت المخالفات والتزمت ما عليها القيام به من «تعديلات وإصلاحات»، في تصرف خالف الحقيقة وكل تقارير ديوان المحاسبة(!!). علما بأن بعض تلك المخالفات لا تزال، بعد 1150 يوماً على حالها، حتى لحظة كتابة هذا المقال.