الحرب الجوية ومفتاح التحرير
بقلم: د. فاطمة العازمي

النشرة الدولية

الأنباء الكويتية –

مازلت أتذكر فجر السابع عشر من يناير 1991 حيث كنا نترقب بدء الحرب الجوية لتحرير الكويت بعد أن نفدت كل المحاولات الديبلوماسية السلمية لانسحاب جيش المحتل العراقي، بدأت الطلعات الجوية على الأهداف العراقية في بغداد والكويت بمشاركة 1800 طائرة عسكرية من طائرات التحالف الدولي الأميركي والبريطاني، ومن ضمنها القوات الجوية لدول مجلس التعاون الخليجي.

ونفذت في هذه الحرب 100.000 طلعة جوية وأسقطت الآلاف من القنابل حيث دمرت البنية التحتية والعسكرية لقوات النظام العراقي البائد بشكل كبير.

ولقد لعبت التكنولوجيا آنذاك دورا كبيرا في مجريات هذه الأحداث بمشاركة العديد من الطائرات المختلفة والتشويش على الأجهزة والرادارات المضادة، وشارك بهذه الحرب الآلاف من الجنود من قوات التحالف ودول الخليج وبعض الدول العربية.

اختلطت آنذاك مشاعر الرهبة والفرحة بقرب التحرير للكويتيين في الداخل والخارج منذ بدء الحرب الجوية.

مازلت أتذكر تلك المشاعر جيدا، كنا ندعو الله عز وجل أن يطهر أرضنا الغالية من رجس المعتدي.

كانت أصوات الطائرات والقصف الجوي كموسيقى عذبة تطرب آذاننا جميعا، فالهدف هو تحرير الكويت فقط، ولم نكن نفكر بأي شيء آخر فكل شيء سيصبح هينا وسهلا. فحلم التحرير بدأ يتحقق بأسرع مما كنا نتوقع على الرغم من تركيز إعلام العدو العراقي على تحطيم الروح المعنوية لدينا، وعلى الرغم من فشله بتحقيق ذلك، إلا أن كل يوم يمر يجر معه شهداء وأسرى كويتيين هم أهلنا وأبناؤنا.

استمرت الحرب الجوية حتى فجر السادس والعشرين من فبراير متزامنة مع الهجوم البري، حيث انسحب الجيش العراقي من الكويت بعد هزيمته النكراء مخلفا وراءه دمارا شاملا لبلدي الكويت وخصوصا النار التي أضرمها بحقول النفط الكويتية يوم انسحابه مما جعلنا نعيش في ظلام دامس ونعاني من الأبخرة المتصاعدة والغازات والتي حجبت عنا ضوء الشمس.

مازلت أتذكر جيدا فجر التحرير خروجنا (للفريج) ملوحين بأعلام الكويت ومهنئين بعضنا البعض رغم التحذيرات الكثيرة بخطورة الخروج للشارع، فمشاعر البهجة المختلطة بالدموع سيطرت علينا.

يوم السابع عشر من يناير 1991 يوم لا ينسى فهو مفتاح وبداية حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم. يجب ألا يمر هذا اليوم مرورا عاديا فهو بداية التحرير وبداية النصر ضد المعتدي.

لن ننسى كل من شارك في هذه الحرب الجوية وساهم فيها بأي شكل كان من الأشقاء والأصدقاء، وسوف تبقى هذه الذكرى درسا نعلمه لأبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة.

لن ننسى أبدا شهداءنا الأبرار (رحمهم الله جميعا) الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن الغالي، لن ننسى أبدا كذلك مجهولي المصير والذين لا نعلم عنهم شيئا حتى هذه اللحظة فسيظلون في قلوبنا، متمنين من الله عز وجل أن نلقاهم قريبا أحياء أو رفاة يحتضنهم تراب وطنهم.

حفظ الله بلدي الغالي الكويت من كل شر ومكروه، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان.

زر الذهاب إلى الأعلى