عصر “الجذمور” .. فجور وشرور وقبور
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
تداخل الفكر السقيم بالسليم والخبيث بالطيب لينتشر الضباب الفكري، وأصبحت المجتمعات تجد صعوبة في فصل المعيب عن المستساغ، ليتم الترويج للشذوذ الفكري والجسدي في شتى الدول تحت غطاءات عدة أبرزها حرية الفكر والفعل، وتم الترويج للربا التي أرهقت الدول والشعوب على حد سواء على أنها فائدة لها أوجه متعددة، وأصبح “الاستسلام” حكراً على أصحاب القرار وتم تجميله بمصطلح “التطبيع”، واستقوى المروجون لهذه الرذائل بالإعلام الرهيبة الذي أصبح السلاح الأقوى في العالم، لصناعة الصورة الضبابية ليؤدي الإعلام عمله المسيء للبشرية بأبشع الطرق وأسوئها، ناقلاً الأوبئة دون أن يشعر بها أحد من المُتلقين متسلحاً على نشرها بشعارات براقة تجذب المشاهدين، كما يجذب ضوء المصيدة الفراش والذباب والناموس، لتكون المحصلة الموت السريع للجميع.
وتسبب “الجذمور” الإعلامي والسياسي والاقتصادي في زيادة “التنافر الإدراكي” عند الشعوب، حين فشلت بمعتقداتها ورؤيتها وفكرها في الوصول للحقيقة الغائبة المغيبة، فالمؤسسات الاعلامية والسياسية والاقتصادية تظهر كحالات مستقلة وأن لكل منها قرارها الخاص، ولكنها في الواقع تنبع من ذات الجذر وتنقاد لذات القرار، فالإعلام الذي اجتاح البيوت والعقول وتنوعت طرقه في نشر المعلومات من الإعلام الرسمي إلى الخاص، وانتهاءً بإعلام وسائل التواصل التي غزت العالم ولوثت الفكر والنهج، ففي الظاهر نعتقد ان كل وسيلة إعلامية تعمل لوحدها فيما الحقيقة أنها تعمل على نظام القطيع، بنشر رسالة موحدة بطرق مختلفة ليتم العبث بفكر أكبر عدد ممكن من خلال صناعة الحوار بين الأطراف ، والتي تسعى للوصول لذات الهدف مع اختلاف الطرق التي يروج لها الإعلام بدهاء.
ولا يختلف الهدف في عالمي الاقتصاد والسياسية، فهناك العديد من المؤسسات والشركات التي يعتقد الجميع أنها مؤسسات مستقلة، لكن حين البحث والتحقيق نجد أنها مجرد واجهة للمجموعة الأكبر، أو مجرد ترس يدور في العجلة الكُبرى للشركات متعددة الجنسيات التي تحكم الدول، وفي السياسة لا يختلف الوضع حيث يدعم رأس المال أشخاص محددين للوصول لقيادة الدول ويتحولوا إلى أتباع لشركات رأس المال، لنجد ان العديد من الرؤساء مجرد أتباع للشركات وأنهم ليسوا أحرار بقراراتهم، ويشعلوا الحروب بقرار من راس المال، ليسيطر “الجذمور” الاقتصادي السياسي على الصورة الكُبرى ويُنفذ من فوق الأرض الأوامر الصادرة من تحت التراب ورجال الظل.
ونجح مروجوا الفكر المريض الجديد في صناعة توتر نفسي على أمل حمل الكثيرين على تغير معتقداتهم وفكرهم، وهو ما نجح في الدول ذات التنوع الثقافي المختلف كأوروبا ودول شرق آسيا، كون الثقافة متغيره حسب المفاهيم الجديدة عكس الثقافة العربية المستنبطة من الديانة الإسلامية، ليظهر الصمود في بعض المناهج وبالذات قضايا الشذوذ ورفض الخيانة وتجميل مصطلحها، ورغم ذلك لم ينفض صُناع محتوى الرذيلة أياديهم، ولم يستسلموا كون المجتمع العربي تقبل الزنا والربا والخمور، ليركزا بكل قوة على جعله يتقبل الأفكار الأكثر شذوذاً.
وما سمح لهؤلاء المروجين بنشر فكرهم المريض وبضاعتهم الفاسدة، أن العالم يدار من قبل أشخاص تافهين فكرياً يملكون السلطة متنوعة الأوجه، ويوجهونها للابتعاد عن السبب الحقيقي لما آلت إليه أحوال الشعوب، وما يحصل من عبث في العصر الحالي من زيادة في الضغط على الوضع الاقتصادي للشعوب مجرد بداية وليس نهاية، حيث يختبىء أصحاب السلطة الحقيقين وراء حروب يشعلونها في شتى الأماكن، للسيطرة على الفكر وجعله يتوجه بعيداً عنهم لإخفاء جرائمهم، وهو ما يُطلق عليه “نظرية المؤامرة”، القائمة على الخوف مما نعرف ولا نستطيع اثباته، لذا يتجه الفكر بدعم من الإعلام لإطلاق مسمى المؤامرة لسد عجز نقص المعرفة التي يصعب الوصول إليها بسبب الخطوط الحمراء، والتي تصل عقوبة من يتجاوزها الموت، لتختفي الحقائق خلف المجهول ويبقى صناع الظلام والموت والحروب في أمان، وهؤلاء من يملكون رأس المال الساعين لزيادة سيطرتهم على العالم بتجويع وتجهيل وبدماء الآخرين.
أخر الكلام:
_ الجذمور هو تداخل الفكر وانتشارة “تعدد المفاهيم” بصورة مخفية كما جذور النبابات التي تنمو تحت الارض كالانجيل والنّبتة المعروفة باسم “اليهوديّ التّائه”.
_ التنافر الادراكي: هو ما يحصل عندما يتصرف الناس بطريقة تتنافى مع معتقداتهم، مما يقودهم لتوتر نفسي ينتهي بتغير معتقداتهم وهو تغير السلوك بما يتلائم مع الاعتقاد الجديد.