واشنطن تخوض حرب الدولار.. والأعداء يتزايدون
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

عناوين تطالعنا بها الأخبار بشكل يومي، الولايات المتحدة قلقة من تجدد المعارك في اثيوبيا، واشنطن تقول : “الرد الإيراني يعيدنا للخلف ولن نبرم اتفاقاً لا يصب في مصلحة أمننا القومي”، الخارجية الأمريكية: “نريد رؤية حكومة لبنانية قادرة على تنفيذ الإصلاحات”، أمريكا: “ملتزمون بأمن ليتوانيا”، واشنطن: “ملتزمون بأمن الخليج”، أمريكا تهدد الصين برد عسكري حال قررت غزو تايوان، واشنطن تهدد برد “سريع وقوي” على أي تجارب نووية لكوريا الشمالية، البيت الأبيض: “أمن اسرائيل “الكيان الصهيوني” من أمننا”، أمريكا تهدد بحل منفرد في سوريا، وغيرها الكثير من العناوين الصادمة في شتى دول العالم، لنشعر بأن الولايات المتحدة هي الحاكم الفعلي للبشرية أو بلغة أهل مصر “فتوة” المنطقة، وبلغة أهل بلاد الشام “أزعر” الحارة، وفي لغة الغرب “مافيا” العالم.

فواشنطن تهدد دول العالم في العلن، وتعتبر كل من يخرج عن الخط الأمريكي عدو يجب محاربته، فلا يوجد رأي ورأي آخر في السياسة الأمريكية، بل يوجد رأي البيت الأبيض والبقية طائعون مطيعون للأوامر ومتلقون لها، ومن يرفض الانصياع للقرار الأمريكي عليه أن يستعد للتهديد والوعيد، ولحزمة قرارات لا تنتهي من الأمم المتحدة العبد المُطيع لواشنطن، وهي التي تنفذ سياستة واشنطن بكفاءة واقتدار، لنجد أن الأوامر تصدر من واشنطن لنيويورك لتدمير الدول والفتك بشعوبها، ومن يرفض يصبح رئيسا غير شرعي وديكتاتور قمعي يهدد السلم والأمن العالمي، ومن يُطيع وينفذ الأوامر بدقة فهو حاكم ديموقراطي حتى لو نصب المشانق لشعبه وأعدمهم بالجملة.

ويعتبر من يعبث بقيمة الدولار وسيطرته على العالم العدو الأوحد والأخطر، ليكون الدولار القوة التي تمنح واشنطن الحق في اصدار أوامرها لشتى دول العالم، لذا تعتبر واشنطن الدولار هو السلاح الأقوى والأخطر، ليتم قتل كل من اقترب من منطقة الدولار الحمراء المحفوفة بكل أنواع الألغام والصواريخ، فقتلت واشنطن بأيدي عملائها ثلاثة زعماء عرب حين اقتربوا من دائرة الدولار وهددوا بعدم التعامل به، ليتعلم الجميع الدرس القاسي بأن من يعبث بالبيت الأمريكي زائل لا محالة، وظهر هذا الأمر جلياً حين برز اليورو كقوة مالية منافسة، لتأمر واشنطن بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي فأطاعات بريطانيا سيدها أو جناحها العسكري، ثم أشعلت الحرب الروسية الأوكرانية لضرب العملة الأوروبية الموحدة لضمان تحطيم الاقتصاد الأوروبي وبالتالي انهيار اليورو.

وتركز واشنطن في سياساتها وعملها على إبقاء الدولار كقوة شرائية وحيدة في التبادلات التجارية الدولية، لذا فقد عملت على إجهاض قرارات منظمة شنغهاي بالتعامل بعملات دول المنظمة، والاتحاد الأوروبي لتقليل قيمة وهيبة اليورو وعدم الثقة به، وظنت واشنطن أنها نجحت في مسعاها ليأتي الرد من روسيا والصين اللتين لم تغفلا عن هذا المخطط، لتقرر الدولتان بأن التبادل التجاري بينهما سيكون بالروبل واليوان مما سيخفف من الطلب على الدولار، ليكون هذا القرار رسالة لواشنطن بأن العالم لن يبيع ممتلكاته بورق يعادل “5%” من قيمته الحقيقية كونه غير محمي بالذهب، لذا فإننا ننتظر مواجهات أصعب واشد قسوة على واشنطن إذا لم تنزل من برجها العاج وتتعامل مع بقية دول العالم باحترام متبادل على أساس الفوائد والمصالح المتبادلة، وليس على طريقة السيد والعبد، فعهد العبودية انتهى منذ زمن وكانت آخر ثورات الحرية في الولايات المتحدة عن طريق مارتن لوثر كينج جونيور، فهل تتذكر واشنطن ذلك أم تتناسى.

زر الذهاب إلى الأعلى