رقص “الإخوان” على وفاة الإبراشي وجرائم أنعشها ربيعهم!
النشرة الدولية –
النهار العربي – محمد صلاح –
لم يخلف تنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي عادته، فبمجرد الإعلان عن وفاة الإعلامي وائل الإبراشي اندفع عناصر التنظيم، في مختلف الدول، إلى المشاركة في حفلة شماتة اعتادوا الرقص فيها في كل مناسبة مماثلة، ما دفع فئات الشعب المصري الى أن تسأل مستنكرة: كيف سمحنا لهذا التنظيم وعناصره بحكمنا لمدة سنة كاملة؟.
كانت وقائع الاحتفال المخزي تدور قبل أن ينتهي “الإخوان” من الرقص على إيقاع حدثين وقعا في مصر خلال الأسبوع الجاري، رغم كونهما عكسا إلى أي حد صار القانون في مصر يطبق على الجميع، حتى هؤلاء الذين يعتقد أنهم محسوبون على نظام الحكم، خصوصاً الذين سطع نجم كل منهم في فترة الفوضى التي أعقبت الربيع العربي. فبينما كانت محكمة الجنايات تنظر في قضية متهم فيها عدد من نجوم المجتمع بينهم رجال أعمال بارزون واحد منهم أسس قناة فضائية معروفة منذ عهد مبارك، كانت النيابة العامة تعلن القبض على رجل أعمال معروف كان أسس مجموعة قنوات فضائية وقررت حبسه على ذمة قضية تتعلق بالاتجار بالبشر وارتكاب ممارسات فاضحة مع فتيات من الأيتام كان احتجزهن في دار رعاية هو نفسه أنشأها واستغلها في ممارساته المفجعة.
وقائع القضيتين معروفة ومتداولة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لكن ردود فعل المصريين تجاه الحدثين رسخت الاعتقاد بأن الدولة مصرة على محاربة الفساد، وبأن الأجهزة الرقابية تبذل جهوداً حثيثة للتعاطي مع نوع من الجرائم تحولت ظاهرة في السنوات الأخيرة، لكن اللافت هنا كان رد فعل “الإخوان” ولجانهم الإلكترونية وقنواتهم والذي اتسق مع أهداف الجماعة، التي تسعى منذ ثار الشعب المصري على حكم محمد مرسي وأطاح أحلام التنظيم في الاستمرار في حكم أكبر بلد عربي والانطلاق منه للسيطرة على دول أخرى، إلى سرقة مشاعر المصريين ومواقفهم وإشاعة مناخ دائم من الإحباط واليأس وبث الطاقة السلبية بين المواطنين، فـ”الإخوان” شككوا في الروايات الرسمية بالنسبة الى القضية الأولى، وحين وجدوا أنها صحيحة روجوا الادعاء بأن واحداً من الموقوفين اتخذ مواقف معارضة للسيسي!! وأخيراً وبعدما تبينوا أن المصريين سخروا وتهكموا على مزاعم الجماعة، عادوا الى مفرداتهم المعتادة وعزفت لجانهم الإلكترونية معزوفة أن السيسي يطيح بعض رجاله حتى يخدع الشعب المصري ويوهمه بأنه يحارب الفساد!!.
المهم لدى الجماعة ألا يصدق المصريون أن الدولة تطارد المفسدين، أما في واقعة رجل الأعمال والفتيات، فإن الآلة الإعلامية للجماعة ظلت تعيد وتكرر أسطوانة مفادها أن المتهم من الأغنياء وهم وحدهم في مصر قادرون على فعل كل شيء بغض النظر عن القوانين، بينما الفقراء والبسطاء يدفعون ثمن رفاهية الأثرياء!! تخيل أن هذا هو الخط السياسي والإعلامي الذي يتبناه تنظيم حكم مصر لمدة سنة، وكان يأمل في أن يمتد حكمه إلى باقي الدول العربية! ثم عاد إعلام التنظيم الى سمفونية السيسي الذي بدأ يأكل رجاله!. نعم هناك حقيقة لا يمكن إنكارها أن مصر شهدت عقوداً من المخالفات والتجاوزات والتردي في مستوى الأداء العام أفضت إلى انهيار في القيم والتعليم والثقافة والسلوك ويحتاج علاج أمراض كتلك إلى فترة طويلة حتى تخرج مصر من عباءة ماضٍ عامر بالتجاوزات وعندها سيتوقف المصري عن أن يستحضر لنفسه رواية احسان عبد القدوس “يا عزيزي كلنا شرطة”!! لكن الربيع العربي انعش الجريمة و”النوتة” الإعلامية لـ”الإخوان” ظلت تطرب الناس بسمفونية الأمان الغائب في مصر والفساد الضارب في جذور الدولة منذ أتى السيسي إلى الحكم!! المهم ألا يشعر المصريون أبداً بالأمان أو أن جهاز الشرطة يقوم بواجبه، أو أن الدولة تواصل جهودها لمعالجة آثار الانهيار الذي أحدثه الربيع العربي.
يصاب “الإخوان” بصدمة كلما مر المصريون بأوقات مبهجة أو سعيدة رغم ندرتها، وهم لا يدركون أن المصريين بالأساس يحملونهم، ومعهم دول وجهات وشخصيات تآمرت على مصر، المسؤولية عن تفشي تلك النوعية من الجرائم، فالربيع العربي كان سبباً في أجواء الفوضى وتردي الأوضاع الأمنية وارتفاع طموحات الناس، وتحول الحرية إلى همجية وبلطجة وغياب المسؤولية الاجتماعية أو حتى السياسية وكلها عوامل جعلت بعضهم يعتقد أن في استطاعته أن يفعل أي شيء من دون أن يطاوله القانون، وآخرون يتصورون أن جهاز الأمن يعمل لمصلحة فئة بعينها ويترك بقية المواطنين ضحايا للفساد والسرقة والخطف، ناهيك بطوفان الإشاعات والأكاذيب والأخبار المفبركة التي لا يتوقف “الإخوان” عن ضخها ليل نهار لإرباك الناس وجعل المجتمع ساخناً دائماً، إنها ألاعيب فطن إليها المصريون وحصّنتهم ضد إعلام الجماعة والدول التي تساندها ودعوات الناشطين وتنظيرات النخبة.
صحيح أن لدى “الإخوان” ثأراً مع السيسي وهم لم يتوقفوا عن محاولة الإساءة إليه وتغييب إنجازاته وتعظيم هفواته أو أخطائه، لكن شماتة “الإخوان” في وفاة الإبراشي رسخت الاعتقاد السائد في مصر الآن بأن الجماعة تسعى إلى الانتقام من الشعب المصري ذاته، ليس فقط لأنه أطاح حكم “الإخوان” وثار على محمد مرسي وجعل مرشد التنظيم يفر من اعتصام رابعة العدوية مرتدياً نقاباً، ولكن أيضاً لأن ذلك الشعب رغم معاناته وصعوبة الحياة التي يعيشها لا يتجاوب مع كل دعوة قد تؤدي إلى عودة “الإخوان” مجدداً إلى واجهة الصورة… باختصار فالشعب المصري لا يريد أن تجمعه صورة واحدة مع “الإخوان”، بل يبتهج أكثر مع كل واقعة ولو بسيطة لمجرد أن يزيد من صدمة الجماعة!