الأوطان بين دموع التماسيح والسوط العربي ومعانٍ مقلوبة
النشرة الدولية –
صالح الراشد
صناديق مقفلة تحمل قلوب رجال، تبحث عن الحياة في أزقة القتل، تنتصر على الموت في عتمة الليل لتضيء شعلة الأمل، فتشرق شمس الحرية في زمن أصبحت فيه العبودية مقياس للنهضة والمدنية، والقوة في الخنوع والاستسلام، والسلام مطرز برآية بيضاء غُمِست بدماء أطفال ونساء لتصبح حمراء قانية، فترتفع رؤوس فارغة ولتنحني رؤوس عزيزة قهراً، فارتفعت أصوات الجهلاء وانخفضت همسات العقلاء، فالسوط العربي على العربي مؤلم وموجع وقاتل، والحنان العربي الغربي رمز لإنسانية زائفة مبنية على المكاسب المشروعة وغير المشروعة.
هذا حال العرب غير خافٍ على أحد، نغني للنصر في عز انهزامنا، ونهلل للديكتاتورية المُطلقة على أنها ديموقراطية نموذجية، وللقبضة الحديدية على أنها حُرية، وتتطاول أيادينا لمصافحة الأعداء وتقصر عن مسح دموع الأهل والأصدقاء، فهذا حالنا المؤلم حين تنهمر دموع التماسيح على شهدائنا وقضيتنا، وينبعُ نهر دموع من المُقل المُتألمة على قتلى أعدائنا حتى تخضب لحانا التي تسجد لله على استحياء، وتركع للقوى البشرية بكل إخلاص ووفاء، فأصبحنا نشتم رائحة الغدر فنعتقد أنها ياسمين، وريح الوفاء نظنها خروب وحنظل دفين، لنشعر بأننا مساكين وفي الجهل القهري غارقين، بعد أن أضعنا الأوطان ووراء سراب الغرب لاهثين.
لقد تُهنا حتى اعتلى خونة الشعوب المناصب، وأصبح الجاهلون رأس حربة الإصلاح، ليتراكم الفساد حتى غطى البلاد، وتحملت الشعوب وهي تحدث نفسها بأن الغد قد يكون أفضل، فنجول النظر فنجد ان المستقبل أفضل للفاسدين المتسلقين المتسترين بهيبة الخداع المتدثرين بالكذب والنفاق، فيما الموت الحنون ينتظر الطيبين، والعزلة الاجبارية ترافق الراشدين أصحاب الرؤى والقضايا الوطنية والقومية، فانقسم المجتمع بين طرفين أحدهما في نار الدنيا والآخر في نار الآخرة، أحدهما لا يجد قوت يومه يبحث عن وظيفة في زقاق المدن وأرجاء الوطن، والآخر تتعبه كثرة الطعام ويتقلب في المناصب فيخرج من الباب ليعود من النافذة.
آخر الكلام:
حين تكثر الوعود ويكذب أصحاب العهود ويتزايد المنافقون ويقل الصادقون، ويخطط للدول عضو مجلس شعب جاهل واستشاري لا يُستشار ونائب غائب ووزير يأكل في جميع الاتجاهات، فانتظروا خراب الأوطان.