بايدن ..كفاحي وانتصاري في العلاقات الصهيوعربية
بقلم: صالح الراشد

 

استنفرت منطقة الشرق الأوسط فقائد العالم الحر “كما يحلو لبعض الباحثين عن فتات الغرب تسميته” سيكون في زيارة رسمية، وتركز الدول عبر إعلامها على الإيجابيات الأمريكية في السياسة الخارجية، ولا يسمح لاحد بالحديث عن قتل مليوني عراقي وقيام واشنطن بتدمير أحد الحواضر الإنسانية والتاريخية، فاليوم سيكون التركز على شطب الصورة السيئة للولايات المتحدة من الذاكرة العربية المهترئة، لذا سنجد أن القنوات الفضائية ستستضيف شخصيات سياسية محددة لا يتحدثون إلا باتجاه وحيد عن عظمة الولايات المتحدة ومواقفها الإنسانية ونشرها للسلام في منطقة كانت مشتعلة، وكيف ان سياستهم فتحت الباب على مصراعية للمزيد من نشر السفارات الصهيونية في المنطقة العربية.

بايدن سيكون في المنطقة وسيرتدي الجميع أجمل حُللهم ويتحدثون عن بلادهم بأفضل الطرق، وندرك أن العديد منهم سيدعون بأن الحريات ارتفعت وأصبح من حق المواطن أن ينتقد من يشاء، وأن الموت القهري قد انتهى وان الشعوب بخير مستشهدين بمقالات بعض الباحثين عن الفتات، وقد يصل الأمر بالبعض إلى مهاجمة مؤشر الحرية والديموقراطية الذي يصنف غالبية الدول العربية كدكتاتوريات، وقد يصفونه بأنه مُعطل ولا يعمل بطريقة سليمة، فبايدن الباحث عن حلفاء جدد يريد أن يعود رافعاً رأسه لبلاده ومعه بعض المشاريع حتى يقنع شعبه بنجاح أهدافه، وهو الذي برر للأمريكيين أسباب هذه الزيارة بمقال طويل تم نشره في الواشنطن بوست قبل مغادرته البيت الأبيض.

ويبدو ان الزيارة لن تحمل جديداً للمنطقة إلا ما يُقال عن الناتو الشرق أوسطي المرفوض شعوبياً، كونه سيجعل الدماء العربية تسيل لصالح الغرب الباحث عن الخير لمواطنيه، لنجد أن الفائدة الحقيقية من الزيارة ستنعكس على قادة المنطقة وبالذات الصهيوني لابيد الذي ظهر منذ الآن بصورة البطل الصهيوني حامل الحلم الجديد، وهو الذي سيجتمع به بايدن بصوره منفرده كما يلتقي بنتنياهو زعيم المعارضة والرئيس هيرتسوغ، فيما سيكون إجتماع بايدن مع القادة العرب عبر تقنية الفيديو ومجتمعين في جدة، وهذا يعني ان بايدن لن يستمع لهموم ومشاكل الدول العربية وشعوبها بعد كورونا وفي ظل الضغوطات الاقتصادية الجديدة، بل سيبحث عن الشيء المشترك بينهم وبين واشنطن والمتمثل بمواجهة إيران.

لقد منح بايدن اللقاء مع القادة الصهاينة والفلسطيني محمود عباس هيبة رغم ان القضية الفلسطينية تأتي في نهاية الحسابات الأمريكية، فالحال تغير فالعالم العربي يختلف عن قبل عشر سنوات، فالعلاقات الصهيونية العربية بأفضل أحوالها والحرب والتهديد أمران لا مكان لهما في قاموس العلاقات الصهيوعربية، والتي تحولت إلى علاقات وثيقة في ظل الإتفاقات الإقتصادية المتعددة والمشاريع المستقبلية الكبيرة، لذا لن يكون الحديث مع عباس ولابيد عن حلول للقضايا العالقة، كون الحلول في هذه المرحلة تأتي بقرار على الفلسطينين تنفيذه بعد إنتقال القوى الداعمة لهم للمعسكر الآخر.

ستنتهي الزيارة وسيعود بايدن إلى بيته الأبيض كالطاووس كونه الرئيس الأميركي الأول الذي تغادر طائرته من القدس إلى جدة مباشرة، وكونه رسم خارطة طريق للمنطقة أعاد فيها رسم الأحداث ووجه بوصلة الصراع حيث يشاء، وقد يكون أول من يقوم بتوحيد العلاقات الصهيوعربية يتغيير المفاهيم السياسية العسكرية، وسيقدم بايدن جردة حساب للشعب الأمريكي وقد يكتب مقال جديد يحمل عنوان مغاير عما كتب سابقاً ويحمل مضمون يظهره كمنتصر حقيقي، وقد يحمل عنوان “كفاحي وانتصاري”.

Back to top button