مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس اللبناني…. يرتفع منسوب التوتر عند صهره في جعبته خطط جهنميّة!

النشرة الدولية –

لبنان 24 –

نوال الأشقر

كلما اقترب موعد الإنتخابات الرئاسية يرتفع منسوب التوتر لدى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وهو يرى الأمور تتفلّت من قبضته شيئًا فشيئًا، وحلم الرئاسة يتلاشى. لكن الرجل لا ييأس، في جعبته خطط جهنميّة، لا تقيم اعتبارًا للأثمان التي سيدفعها البلد وناسه بسبب طموحاته التسلطيّة، في أصعب مرحلة من تاريخ لبنان. وعلى القاعدة، أنّ الغاية تبرر الوسيلة، يبتكر باسيل خطّة تناسب كلّ مرحلة، ويتدرّج في سلّم الأنانيات الشخصيّة، المغلّفة “بالحقوق المسيحيّة”، وفق ما تقتضيه التطورات الرئاسيّة، آخرها القنبلة الدخانيّة التي فجّرها بوجه الدستور اللبناني، بتهويله بعدم الإعتراف بالحكومة في حال الشغور الرئاسي، واعتبارها “مغتصبة للسلطة فاقدة للشرعيّة وساقطة مجلسيًّأ ودستوريّا وشعبيًّا”.

نسي رئيس الظل أو تناسى أنّ موقفه هذا يشكّل أكبر اغتصاب للسلطة الشرعية، وانقلابًا على الدستور وحقدًا دفينًا على الطائف. إذ لا يملك أيُّ مسؤول في الدولة اللبنانية مهما علا شأنه، بمن فيهم رئيسُ الجمهورية، صلاحيةَ تنصيب نفسه وليًّا على الدستور ونصوصه، يحذف ما يشاء ويُبقي ما يشاء، ويفسّر مواده كما يحلو له.

الخبير الدستوري سعيد مالك: لا يمكن التذرع بالفراغ والصلاحيات تناط بالحكومة

إذا كان هناك من مواد دستورية تحتاج إلى تفسير، وحده المجلس النيابي الجهة الصالحة لتفسير الدستور. وبما خصّ انتقال صلاحيات الرئاسة إلى الحكومة، النص الدستوري واضح، يقول الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك “هناك مبدأ قانوني عام، هو أن لا اجتهادات في معرض النص، لسنا أمام فك طلاسم، هناك دستور واضح وعلينا الإحتكام إلى مواده، وعدم الذهاب إلى اجتهادات غب الطلب وصولًا إلى تحقيق مكاسب في عشية انتهاء ولاية العماد ميشال عون”. في حديثه لـ “لبنان 24” أضاف مالك  “المادة 62 من الدستور، تنص صراحة على أنّه في حال خلو سدّة الرئاسة لأيّ علّة كانت، تناط صلاحيات رئاسة الجمهورية بمجلس الوزراء وكالة، حتّى انتخاب رئيس جديد. ولم يذكر النص ما إذا كان يجب أن تكون الحكومةُ كاملةَ الأوصاف أو حكومةَ تصريف أعمال. كما أنّ المادة 62 من الدستور اللبناني مأخوذة من المادة 7 من الدستور الفرنسي، تحديدًا في الجمهورية الثالثة وكرُرت في الرابعة والخامسة، وهي تتكلم صراحة أيضًا أنّه عند خلو سدّة الرئاسة، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية برئيس مجلس الشيوخ وإلّا في حال تعذر ذلك، بالحكومة. هناك إجماع في كافة الأنظمة الدستورية، على أنّ رئيس الجمهورية ليس باستطاعته أن يتذرّع بالفراغ للقيام بأي تصرّف، ومصادرة القرار والبقاء في القصر، بالتالي يقتضي على رئيس الدولة وبكل احترام حزم حقائبه ومغادرة القصر عند انتهاء ولايته، ومن يتولى الصلاحيات هي الحكومة. ولن نكون أمام فراغ في حال لم تتألف حكومة جديدة، لأنّ المفهوم الذي هدف لتكريسه المشترع، عملًا بمبدأ الإستمرارية في الدولة، وحؤولاً دون الفراغ، وحرصًا على سلامة الدولة ومسؤولياتها وإداراتها، من أجل ذلك تناط هذه الصلاحيات بالحكومة، سواء كانت حكومة تصريف أعمال أو كاملة الأوصاف”.

“الفوضى الدستورية تقابلها فوضى دستورية” ماذا قصد باسيل بهذا القول؟ خصوصًا أنّ رئيس الجمهورية تناغم وتصريح صهره، ملوحّا بـ “خطوة تالية” له في الأسابيع الأخيرة من عهده.

ترك باسيل مفاجأة “الفوضى الدستورية” خاصته من دون توضيح، هكذا فعل أعوانه في تياره، لكن، المستغرب، وربما غير المستغرب، ما نُسب إلى رئيس الجمهورية ميشال عون من حديث لصحيفة “الجمهورية” ما حرفيته أنّ مثل هذه الحكومة (حكومة تصريف الاعمال الحالية) غير مؤهّلة لتسلّم صلاحياتي بعد انتهاء ولايتي، وأنا اعتبر أنّها لا تملك الشرعية الوطنية للحلول مكان رئيس الجمهورية، ولذلك ما لم يُنتخب رئيس للجمهورية أو تتألف حكومة قبل 31 تشرين الأول المقبل، وإذا أصرّوا على ان يزركوني، فإنّ هناك علامة استفهام تحيط بخطوتي التالية وبالقرار الذي سأتخذه عندها”.

المجلس النيابي دفن بأيار 2021 فكرة سحب التكليف

استنادًا إلى مواقف سابقة للرئيس عون، قد تكون “الخطوة التالية” التي لمّح إليها، إعادة إحياء فكرة قديمة راودته سابقًا، وهي سحب التكليف قبل انتهاء ولايته، حاول عون ترجمة هذا السيناريو أيام تكليف الرئيس سعد الحريري، يشير الخبير الدستوري سعيد مالك، وذلك في رسالة وجّهها إلى مجلس النواب يوم الثلاثاء في 18 -5 -2021، عملًا بصلاحيته المنصوص عنها بالفقرة 10 من المادة 53، بهدف سحب التكليف من الحريري، شارحًا فيها أسباب التأخير في تشكيل حكومة، وطالباً من المجلس اتخاذ القرار أو الإجراء المناسب. “لكنّ الدستور لم ينصّ على سحب التكليف، وفي حينه أتى الجواب حاسمًا من المجلس النيابي، بحيث دعا الرئيس نبيه بري مجلس النواب إلى الإجتماع لتلاوة وقراءة الرسالة ومناقشتها، تناط صلاحيات رئاسة الجمهورية واتخاذ الموقف منها، فعُقد الإجتماع يوم السبت الواقع في 22-5-2021 ، ونتيجة التلاوة، صدر قرارٌ واضحٌ عن مجلس النواب، تلاه بري وصُدّق عليه في الهيئة العامة، حيث قال بالحرف الواحد إنّ مجلس النواب كلّف الحريري، وأيّ موقف خلاف ذلك يستدعي تعديلًا دستوريًا. بالتالي مجلس النواب حسم الجدل بعدم إمكانية سحب التكليف، ولا أدري ما إذا كانوا يذكرون هذه الواقعة أو يتجاهلونها عن عمد”.

حكومة عسكرية أو انتقالية: عمل مسرحي فاشل

في معرض البحث عن السيناريوهات المفترضة، بقي سيناريو واحد، وهو أن يستنسخ عون تجربته بتأليف حكومة انتقالية أو عسكرية كما حصل في الدقائق الأخيرة من عهد الرئيس أمين الجميل، حيث استدعاه الأخير ليل الخميس 22 أيلول عام 1988، بصفته قائدًا للجيش في حينه، وكلفه ترؤس حكومة مؤلفة من المجلس العسكري . هنا يلفت مالك إلى أنّ هذا الخيار ليس متاحًا أمام عون اليوم “لا ننسى أنّه قبل الطائف، كان رئيس الجمهورية عملًا بأحكام المادة 17 من الدستور هو السلطة التنفيذية، وعملًا بأحكام المادة 53، كانت صلاحياته واسعة وتجيز له اختيار الوزراء وتعيين رئيسًا منهم، ليس كما هو الحال اليوم، بحيث ينصّ الدستور على آلية واضحة وملزمة لتشكيل الحكومة، في المادة 53 منه، تحديدًا الفقرة 2، التي تتكلم عن وجوب أن يتبع رئيس الجمهورية آليّة محدّدة وواضحة المعالم في التكليف والتأليف، لا يمكن الإجتهاد بها، أو تفسيرها، وصولًا إلى إصدار المرسوم بتوقيع مشترك بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف عملًا بأحكام الفقرة 4 من المادة 53 من الدستور. بالتالي في حال ذهب عون إلى تأليف حكومة على شاكلة ما يسمى حكومة الجميل في 88، لن يكون لها أيّ مفعول، على الصعيد الداخلي والخارجي، ونكون أمام عمل مسرحي فاشل، لا أكثر ولا أقل، ولا أعتقد جازما أنّ رئيس الدولة سيقود هذه المغامرة، لأنّها مغامرة فاشلة حكمًا لن توصل إلى أيّ مكان”.

مصادر مراقبة ترى أنّ “تراجع حظوظ باسيل للرئاسة، وعدم تبنّي حزب الله لهذا الترشيح، يقف خلف ما نسمعه من تهويل بالإنقلاب على الدستور، في محاولة لانتزاع موقف من حليفه داعم لترشيحه، أو على الأقل قطع الطريق على مرشحين منافسين، على قاعدة إمّا مرشحنا أو قلب الطاولة على الجميع وفرض أمر واقع”. حزب الله لغاية اليوم ملتزم الصمت حيال طروحات حليفه، وبعدم تغطيتها لها، لن تجدي نفعًا كل هذه المحاولات وفق المصادر، خصوصًا أنّ القرار الرئاسي وبفعل ولاءات مَن في الداخل للخارج لا يُصنع في جغرافية هذا البلد. وللحزب أجندات واعتبارات قد لا تتناسب وحسابات باسيل في هذه المرحلة، من شأنها أن تجعل الضاحية غير قادرة على مجاراة مغامرات العهد في آخر أيامه، لاسيّما في زمن الضغوط لتوقيع الإتفاق النووي.

Back to top button