طعن “قانوني” قريب بهدية ميقاتي إلى العلويين؟
بقلم: إسراء ديب
النشرة الدولية –
لبنان الكبير –
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يقم، بعد إصداره المرسوم رقم 10850 تاريخ 28/10/2022 الرامي إلى تنظيم شؤون الافتاء الإسلامي العلوي وتحديد ملاكه، بإثارة الجدل فحسب، بل تمكّن من إشعال فتيل قد يحرق مدينته طرابلس يوماً ما في حال عدم تدارك نتائج هذا الاصدار وانعكاساته، وهو ليس جديداً ولم يبتدعه ميقاتي، بل يعود إلى عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس الراحل الياس الهراوي، لكنّه وضع في الأدراج حينها ولم يعمل به، لكنّ رئيس الحكومة، عاد وأظهره إلى العلن من جديد، في وقتٍ تُعاني فيه طائفته من أزمات مختلفة وطنياً.
ويرى الكثير من الطرابلسيين أنّ تعيين ثلاثة مفتين للطائفة الاسلامية العلوية في كلّ من بيروت، طرابلس وعكار، ينقصه الكثير من الحكمة، فإنّ تعيين مفتٍ لطائفة ما يحتاج إلى عدد يسمح بالوصول إلى هذه الخطوة. وإذ يرى الطرابلسيون أنّ عدم تعيين هذا المفتي لهذه الطائفة الكريمة، لا يعني الانتقاص منها، لكنّه قد يفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات التي لا تُفسر على المستوى الديني أو الاجتماعي، بل على المستوى السياسي تحديداً.
ولا يُخفي مصدر سياسي شمالي لـ “لبنان الكبير” أنّ خطوة ميقاتي تُعدّ سياسية، على المستوى الطرابلسيّ وعلى المستوى المحلّي أيضاً، ويقول: “إنّ الخطوة أو الخطوات التي ترضي الطرف الايراني باتت واضحة للغاية، فهي خطوة غير بريئة ولا تمت بصلة الى إرضاء الطائفة العلوية خصوصاً في بيروت حيث لا يتعدّى عددها الـ 500 ناخب. وإذْ اعتبر البعض أنّ خطوته كانت لأسباب انتخابية قد ترتبط بترشح ابنه في الدورة الانتخابية المقبلة، إلا أنّني أذكّر بتصريح للسفير الايراني الجديد في لبنان مجتبى أماني، الذي تسبّب بجدل واضح واستياء عام بعد زيارته دار الفتوى واستبداله صفة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بعبارة: فضيلة الشيخ مفتي أهل السنّة. بالتأكيد الطائفة الشيعية لها مفتيها ومعتقداتها، لكنّ مفتي الجمهورية هو مفتي المسلمين جميعاً وينطق باسمهم أيضاً لغاية وطنية لا ترتبط بالطائفة فحسب، لكنّ الشيعة لهم مفتٍ نظراً الى عددهم وانتشارهم، ويمكننا حالياً التفكير في تصريح السفير الإيراني بصورة منطقيّة لنرى ما يُخطّط لنا في الوقت المقبل على الصعيد السنّي”.
وإذ يشير المصدر الى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد أصدر مرسوماً منذ ما يُقارب العامين، ألغى بموجبه منصب مفتي الجمهورية السوري، وهو يعني إلغاء السنية السياسية بصورةٍ مطلقة، لكنه يشدد على أن “سوريا تختلف عن لبنان، وهي لم تتمكّن من تنفيذ رغباتها وصبّ معتقداتها على أراضينا في فترة الوصاية، لكن هذه المرّة إنّ تنفيذ مرسوم كهذا لن يمرّ مرور الكرام لأنّه يصبّ في مصلحة ميقاتي مع سوريا وغيرها كما في مصلحة غيره من الأحزاب، وهو قرار يصعب (بلعه) خصوصاً في طرابلس وحتّى في عكار حيث النائب أحمد رستم، لكن مدينته التي عانت الويلات في زمن الحرب وكذلك في جولات العنف بين جبل محسن وباب التبانة والتي يتجاوز عددها الـ 20 جولة، لن يكون أيّ طرابلسيّ قادراً على تخطيها وذلك خشية على موقعهم في هذه البلاد”.
ويُضيف: “يبدو أنّه لا يكفي طرابلس ما عانته من إهمال الدّولة، لكنّها ستحتاج أيضاً إلى حماية نفسها كما حمتها من الوصاية السورية وستحصّنها أيضاً من تداعيات هذه القرارات التي لا تجلب سوى الإحباط للطائفة السنّية التي تعرّضت لمزيد من الاحباط بعد عزوف الرئيس سعد الحريري سياسياً وانتخابياً لفترة، الأمر الذي قد يحمل توترات كبيرة على المستوى المحلّيّ، لكنّها قطعاً لن تصبّ في مصلحة ميقاتي انتخابياً بل سياسياً”.
أمّا مصدر حقوقي، فيُشدّد لـ “لبنان الكبير” على عدم أحقية ميقاتي في القيام بهذه الخطوة، معتبراً أن “تشببيه موقعنا بالأقليات يُعدّ إهانة وتهديداً كبيراً للطائفة، الأمر الذي قد يُؤدّي إلى تأسيس مجلس مفتين في وقتٍ لاحق وهذا ما يُعدّ مرفوضاً تماماً، لأنّه سيُلغي امتيازاتنا الوطنية وسيُنصف الجميع إلّا الطائفة السنية، وهذا ما نستغربه من خطوة ميقاتي”.
ويكشف هذا المصدر دراسة يقوم بها عدد من المحامين والحقوقيين من طرابلس لموضوع الطعن بهذا المرسوم، “حتّى لو اضطررنا إلى الضغط على بعض النواب للتوقيع عليه، لأنّنا سنرفضه جملة وتفصيلاً”.