أحكام قضائية بحق المصارف اللبنانية تستعجل إقرار الكابيتال كونترول “المسخ”

أحكام قضائية بحق المصارف تستعجل إقرار الكابيتال كونترول "المسخ"!

النشرة الدولية

المدن –

عزة الحاج حسن

لم تنته عاصفة “الكابيتال كونترول” بعد. فاقتراح القانون مَثُل اليوم الأربعاء أمام اللجان النيابية المخوّلة بحثه وإحالته إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقراره. وعلى الرغم من معارضة العديد من النواب للشكل الحالي للاقتراح، غير أن كثراً سواهم يسعون لإقراره كما هو بكل ما يحمل من تجاوزات ومخالفات، ونوايا سيئة تستهدف من الكابيتال كونترول السطو على ما تبقى من ودائع وتقويض حق المودعين بالمطالبة بأموالهم ومقاضاة المُعتدين عليها.

 

القانون “المسخ”

إصرار السلطة السياسية على إقرار قانون الكابيتال كونترول، بمعزل عن أي إجراء إصلاحي آخر على مختلف المستويات المالية والمصرفية والاقتصادية، إنما يفضح نواياها بمحاولة تبرئة المصارف وإطلاق يدها على ما تبقى من ودائع، وليس بالطبع لإدارة الموارد المالية وتنظيم حركة الأموال، لاسيما أن النسخة الأخيرة من قانون الكابيتال كونترول التي يتم بحثها اليوم، وكانت “المدن” نشرتها في تقرير سابق، تلغي الدعاوى القضائية المرفوعة بوجه المصارف والمصرفيين بمفعول رجعي، كما تقف حجر عثرة بوجه أي دعاوى قضائية جديدة.

 

باختصار، يلغي اقتراح قانون الكابيتال كونترول بنسخته الأخيرة، كل القوانين المعنية بحماية حقوق المودعين وحرية الدفاع عن أموالهم والمطالبة بها. ويحرم أصحاب الحقوق من حق الإدعاء الشخصي بوجه المصارف. ولا يتردّد قانون الكابيتال كونترول من توسيع مهام اللجنة الخاصة المخولة تطبيقه، وتخويلها إصدار القرارات النهائية والمبرمة وغير القابلة للطعن، بما فيها العقوبات والإجراءات التي تتخذها بحق أي مودع.

 

احكام قضائية جديدة

وإذا كان أغلب القضاة اليوم يماطلون بإصدار الأحكام القضائية المنصفة بحق المودعين، فإن قلة منهم أصدروا ويصدرون أحكاماً مُنصفة، تُشيع القلق بين المصارف، وتستنفر السلطة السياسية المتضامنة والمتكاتفة مع المصارف، للإسراع في إقرار قانون الكابيتال كونترول بشكله الحالي. وبالتالي، إيجاد غطاءٍ قانوني يحمي المصارف من الملاحقات القضائية.

وآخر القرارات القضائية الصادرة بحق المصارف، قراران من ضمن سلسلة قرارات قضائية متقدّمة، صدرا منذ قرابة الأسبوعين، عن محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، ويساهمان في بدء تحرك القضاء لإنصاف أصحاب الحقوق، من خلال إلزام المصارف احترام حقوق المودعين وبدء وضع حدٍ للتعسف الذي يُمارس منذ عامين ونصف العام.

 

وقد صدر عن الغرفة الثالثة عشر في محكمة الاستئناف المدنية، والمؤلفة من القاضي حبيب مزهر رئيساً منتدباً والقاضين أدهم قانصوه ومنال فارس مستشارَين، قراران. قضى الأول بإلزام بنك بيروت بتحويل مبلغ وقدره 12 مليون دولار أميركي من فرعه في الحازمية إلى Bank of Sharjah في الإمارات العربية المتحدة، لصالح مودعين فيه. أما القرار الثاني فقد قضى بإلزام بنك عوده بتحويل 100 ألف دولار أميركي إلى بنك بيروت والبلاد العربية BBAC فرع بغداد.

قرار قضائي ثالث صدر يوم أمس الثلاثاء 12 نيسان، عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت كارلا شواح، قضى بإلزام المدعى عليه مصرف فرنسبنك باستعادة شيكين مسحوبين لأمر الكاتب العدل وفتح الحسابين العائدين لهما، ثم تحويل المبالغ فيهما بالدولار الأميركي إلى مودعة مدعية مقيمة في سويسرا. وغير ذلك العديد من القرارات القضائية صدرت بحق مصارف أخرى في المرحلة الأخيرة، ومنها في بريطانيا.

 

تحرّك صرخة المودعين

وتزامناً مع بحث اللجان النيابية باقتراح “الكابيتال كونترول” ورفضاً له قبل إحالته الى المجلس النيابي، نفّذت جمعية صرخة المودعين اليوم تحرّكاً احتجاجياً أمام مبنى مجلس النواب، تحت شعار “لا يمكن أن نقبل بأن تُسرق أموالنا ثم يُسنّ قانون لحماية السارق”.

وأصدر المحتجون تحذيرات عدة بحق “كل من تسوّل له نفسه المس بأموال المودعين بأنه سيكون هدفاً مشروعاً لكل مودع، فالمواجهة الفعلية لم تبدأ بعد، رغم كل التحركات الحاصلة، وهي ستكون مفتوحة وقاسية ودامية انطلاقاً من حقوق الناس المقدسة في أرزاقهم وجنى أعمارهم والمكرسة في كل شرائع الدنيا والسماء”.

كما حذّر المحتجون كل من تسوّل له نفسه من الأحزاب المتسلقة على أوجاع الناس والمودعين من مغبة الالتفاف على حقوق هؤلاء، باعتبار أن قسماً من هذه الأحزاب يجاهر بالدفاع عن حقوق المودعين في وقت يعقد الصقفات مع من يقوم بإزهاقها وسلبها ويصوّت نوّابه بعكس ما يُعلن مسؤولوه على الملأ.

وأخيراً أكدت جمعية صرخة المودعين على أن التعنّت في الدّوس على حقوق المودعين المظلومين من قبل طبقة حاكمة ماكرة وفاسدة حتى العظم، سيُقابل بمواجهة من نوع آخر ستُسقط اقتراح القانون المسخ حتماً، بطريقة أو بأخرى، ولو سقط فيها الشهداء، فلا يمكن لأحد السير قدماً بعكس حركة التاريخ. مطلقة التهديدات بالقول “ما حدا يجرّبنا”، هذا وعد حرّ والاستعداد لتنفيذه جارٍ على قدم وساق، وإن غداً لناظره قريب!

Back to top button