خريطة “انتخابات لبنان”: 15 دائرة و718 مرشحا و103 لوائح

انخفاض التوقعات بتغيير كبير في السياسة ومقاطعة الحريري تزيد ضبابية المشهد ومصادر: ميقاتي مرشح لتشكيل الحكومة

النشرة الدولية –

اندبندنت عربية – سوسن مهنا –

يتصاعد التجييش المذهبي والحزبي والطائفي والمناطقي في أنحاء لبنان حتى ليكاد يخنق الأنفاس. ولا يعدم أي فريق وسيلة يستطيع أن يتسرب عبرها إلى قلب وفكر الناخب إلا ويستعملها، حتى لو كانت عملية نبش للقبور. وتذهب عيون المرشحين إلى صناديق الاقتراع نهار الأحد 15 مايو (أيار)، وعيون اللبنانيين إلى ما بعد ذلك التاريخ، إذ تأتي هذه الانتخابات في وقت يواجه البلد أزمة اقتصادية ومعيشية وانعداماً للأمن الاجتماعي قد تكون الأقسى منذ نشأته.

تقول وكالة “رويترز” في تقرير لها، 13 مايو الحالي، إن هذه الانتخابات ستكون اختباراً لميليشيات “حزب الله” المدعومة من إيران وحلفائها إذا ما كانوا سيستطيعون الحفاظ على الأغلبية البرلمانية وسط الفقر المدقع والغضب من الأحزاب الحاكمة. ومع ذلك، تنخفض التوقعات بحدوث تغيير كبير في السياسة والحكومة الطائفية في لبنان، على الرغم من حدة الأزمة التي يقول البنك الدولي إن الطبقة الحاكمة هي التي تسببت فيها.

خريطة الدوائر والمرشحين

قسم القانون لبنان إلى خمس عشرة دائرة انتخابية موزعة على 26 قضاء، وكل دائرة انتخابية كبرى مقسمة بدورها إلى دوائر صغرى. وخُصص لكل دائرة عدد من المقاعد أقلها خمسة وأكبرها 13، لشغل 128 مقعداً في البرلمان اللبناني. وبحسب باحثين قانونيين فإن هذا التقسيم مبني على أساس مذهبي وعلى قياس المنظومة الحاكمة، إذ لا يتبع أية قواعد علمية أو ديموغرافية أو جغرافية.

ويقترع الناخبون في دائرة انتخابية معينة للمرشحين على اختلاف طوائفهم. ويعتمد القانون الحالي “نظام الاقتراع النسبي” ونظام “الصوت التفضيلي”، بحيث يكون للمقترع الحق بصوت تفضيلي لمرشح في اللائحة المختارة يكون حصراً من دائرته الصغرى. وبلغ عدد اللوائح المسجلة 103 يتوزع ضمنها 718 مرشحاً، بعد أن كان وصل إلى 1044 مرشحاً منهم 155 مرشحة، مع إقفال باب الترشح منتصف ليل 16 مارس (آذار) الماضي، بزيادة 77 مرشحاً على عام 2018.

لكن هذا العدد انخفض بعد انسحاب 42 مرشحاً، وسقوط ترشيح 284 آخرين لعدم انضوائهم تحت أية لائحة، علماً بأن القانون ينص على أن أي مرشح لا ينضوي ضمن لائحة يسقط ترشيحه ويعتبر خارج السباق الانتخابي، وتتوزع أقلام الاقتراع على 7000 قلم. أما الطوائف التي تمثل في هذه الانتخابات فهي: السنة، والشيعة، والموارنة، والدروز، والعلويون، والروم الكاثوليك، والروم الأرثوذكس، والإنجيليون، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الأرثوذكس، والأقليات.

ويشرح المدير العام لشركة “ستاتيستكس ليبانون”، الباحث الانتخابي، ربيع الهبر، كيف تتوزع الدوائر في المحافظات والأقضية كالتالي: محافظة بيروت، وتنقسم إلى دائرتين كبيرتين، تتوزعان على دوائر صغرى هي الأشرفية، والرميل، والمدور، والصيفي (الأولى) وعدد مقاعدها ثمانية. ورأس بيروت، ودار المريسة، وميناء الحصن، وزقاق البلاط، والمزرعة، والمصيطبة، والمرفأ، والباشورة (الثانية) وعدد مقاعدها 11.

أما محافظة البقاع فتنقسم إلى ثلاث دوائر كبرى: زحلة (الأولى) وعدد مقاعدها سبعة. وراشيا والبقاع الغربي (الثانية) ستة مقاعد. وبعلبك، والهرمل (الثالثة) عشرة مقاعد. وتنقسم محافظة الشمال إلى ثلاث دوائر كبرى هي: عكار (الأولى) سبعة مقاعد. وطرابلس، والمنية، والضنية (الثانية) 11 مقعداً. وزغرتا، وبشري، والكورة البترون (الثالثة) عشرة مقاعد.

محافظة جبل لبنان تنقسم إلى أربع دوائر كبرى هي: جبيل، كسروان (الأولى) ثمانية مقاعد. والمتن (الثانية) ثمانية مقاعد. وبعبدا (الثالثة) ستة مقاعد. والشوف، وعالية (الرابعة) 13 مقعداً. أما محافظة لبنان الجنوبي فتنقسم إلى ثلاث دوائر كبرى: صيدا، وجزين (الأولى) خمسة مقاعد. وصور، وقرى صيدا “الزهراني” (الثانية) سبعة مقاعد. وبنت جبيل، والنبطية، ومرجعيون، وحاصبيا (الثالثة) 11 مقعداً.

كيف تحتسب أصوات المقترعين؟

وفق الدستور اللبناني، يحق لكل مواطن لبناني بلغ 21 سنة أن ينتخب، باستثناء فئة من المواطنين يمنع مشاركتهم لموجبات قانونية، كالعسكريين أو المحكومين ببعض الأحكام القضائية. وتشرف على الانتخابات هيئة خاصة اسمها “هيئة الإشراف على الانتخابات”، وتتألف من 11 عضواً، وتمارس دورها المستقل بالتنسيق المباشر مع وزير الداخلية والبلديات. كما يحق لهيئات المجتمع المدني المختصة، تحت إشراف الهيئة، مواكبة الانتخابات ومراقبة مجرياتها، وفقاً لشروط معينة.

وبحسب القانون الحالي، يجري الاعتماد على “الصوت التفضيلي” الواحد ضمن اللائحة الواحدة، إذ يختار المقترع مرشحاً واحداً ضمن اللائحة التي صوت لها يعطيه صوته التفضيلي، على أن يكون المرشح حصراً من دائرته الصغرى. وهذا الصوت هو صوت “ترتيبي”، أي إذا حصلت اللائحة على ثلاثة مقاعد، يتم توزيعها على الأوائل الثلاثة الذين حصدوا أعلى نسبة أصوات تفضيلية باللائحة. ومع القانون الجديد، أصبحت المنافسة بين اللوائح، فالمقاعد تتوزع بحسب النسب المئوية لا بحسب الأكثرية المطلقة، إذ إن كل لائحة تحصل على “الحاصل الانتخابي” تحجز مقعداً أو أكثر في البرلمان، بحيث تحصل كل لائحة على نسبة من المقاعد توازي نسبة الأصوات التي نالتها، من خلال قسمة مجموع الأصوات في الدائرة على عدد المقاعد (الحاصل الانتخابي)، وتعطى كل لائحة عدداً من المقاعد يوازي عدد المرات التي تردد فيها هذا الحاصل في أصواتها في المرحلة الأولى، وهناك مرحلة ثانية متعلقة بتوزيع المقاعد المتبقية، التي لم توزع في المرحلة الأولى، وفقاً للكسور، فتحصل على هذه المقاعد اللوائح ذات الكسور الأكبر.

الحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي

يقول الباحث الانتخابي ربيع الهبر إن الحاصل الانتخابي يحتسب بناءً على عدد المقترعين وليس الناخبين بكل دائرة، مقسوماً على عدد مقاعدها. مثلاً، في دائرة من 100 ألف صوت وعشرة مقاعد يكون الحاصل الانتخابي هو عشرة آلاف، تحصل اللائحة (أ) التي نالت 25000 صوت في المرحلة الأولى على مقعدين، بينما تنال اللائحة (ب) التي حصدت 37000 صوت ثلاثة مقاعد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللائحة (ج) التي نالت 38000 صوت، ليكون في هذه المرحلة قد تم توزيع ثمانية مقاعد على اللوائح الثلاث من أصل عشرة.

في المرحلة الثانية، التي سيتم فيها توزيع المقعدين المتبقيين، يتم العودة إلى الكسور، أي عدد المرات التي تكرر فيها الحاصل الانتخابي في الأصوات التي نالتها كل لائحة (أ: 2.5، ب: 3.7، ج: 3.8)، وبالاعتماد على الكسر الأكبر تحصل اللائحة (ب) على مقعد إضافي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللائحة (ج).

يحق للناخب منح صوته التفضيلي لمرشح واحد ضمن اللائحة التي قرر التصويت لها، ولهذا الأمر أهمية بالغة، نظراً إلى أن المقاعد التي حصلت عليها كل لائحة ستوزع على مرشحي اللائحة الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات التفضيلية. ويتوزع المرشحون في اللوائح مذهبياً في الدوائر الصغرى والكبرى. ما يعني أن كل دائرة لها عدد من المرشحين من مذهب محدد، وعدد مرشحين آخر من مذاهب أخرى. وهذه الطريقة في توزيع المقاعد تراعي توزيعها بحسب مناطق وطوائف الترشيح، مع أخذ المتفوقين تفضيلياً داخل كل لائحة في الاعتبار، حسب آراء ناخبيها، والمتفوقين بين المرشحين جميعهم على المقعد عينه من اللوائح جميعها، لإعطاء الأفضلية للأكثر شعبية في دائرة ترشيحه.

وبعد الانتهاء من عملية ترتيب أسماء المرشحين في قائمة واحدة من الأعلى إلى الأدنى، وفقاً لما ناله كل مرشح من النسبة المئوية للأصوات التفضيلية في دائرته الصغرى، تبدأ عملية توزيع المقاعد على المرشحين من خلال منح المقعد الأول للذي جاء في المرتبة الأولى من بين مرشحي جميع اللوائح، والمقعد الثاني للذي جاء في المرتبة الثانية، وتستمر العملية بهذا الشكل على أن يؤخذ في الاعتبار أمران: إهمال المرشح مقعداً في الدائرة الصغرى تم اختيار نوابه، والتوقف عن التوزيع في لائحة استكملت حصتها من المقاعد. وفي حال لم يقترع الناخب بصوت تفضيلي يبقى اقتراعه صحيحاً، وتحتسب فقط اللائحة. أما إذا أدلى بأكثر من صوت تفضيلي واحد ضمن اللائحة، فلا يحتسب أي صوت تفضيلي وتحتسب اللائحة وحدها. وإذا اقترع الناخب للائحة وأدلى بصوت تفضيلي ضمن لائحة أخرى أو ضمن لائحة عن دائرة صغرى غير التي ينتمي إليها، فلا يحتسب أي صوت تفضيلي وتحتسب اللائحة وحدها. وإذا لم يقترع الناخب لأي لائحة وأدلى بصوت تفضيلي ضمن لائحة واحدة فتحتسب اللائحة والصوت التفضيلي.

عملية الاقتراع وشكل البرلمان المقبل

توزع وزارة الداخلية والبلديات قسيمة انتخاب موحدة على أقلام الاقتراع. وعندما يدخل الناخب إلى القلم، يحصل على هذه القسيمة التي تتضمن اللوائح المتنافسة كلها، وكل لائحة تختار لوناً مختلفاً عن الأخرى، وتتضمن كل لائحة صور المرشحين فيها، إضافة إلى خانة فوقها يضع الناخب علامة عليها لتحديد ترشيحه لكل أعضائها، من دون إمكانية شطب أحدهم. وقرب اسم كل مرشح توجد خانات بيضاء وسوداء، وتعني البيضاء أن هذا المرشح من ضمن دائرتك الانتخابية الصغرى، وبالتالي يمكن أن تضع له صوتك التفضيلي، والسوداء تعني أنه ضمن دائرة صغرى لا تنتمي إليها، ولا يمكنك إعطاؤه صوتك التفضيلي. بعد اختيار لائحتك، والمرشح من ضمن هذه اللائحة حصراً الذي حصل على صوتك التفضيلي، تضع القسيمة في صندوق الاقتراع، ثم ننتقل إلى عملية احتساب الأصوات واللوائح الفائزة والخاسرة.

أما عن أبرز اللوائح المتنافسة، فقد ضمت القائمة “بيروت مدينتي”، و”بيروت نحن لها”، و”كنا ورح نبقى لبيروت”، و”بيروت التغيير”، و”بيروت بدها قلب”، و”بيروت تواجه”، و”لبيروت”، و”لتبقى بيروت”، و”نعم لبيروت”، و”هيدي بيروت”، و”وحدة بيروت”، و”زحلة السيادة”، و”زحلة الرسالة”، و”زحلة تنتفض”، و”بقاعنا أولاً”، و”سهلنا والجبل”، و”معاً لصيدا وجزين”، و”وحدتنا في صيدا وجزين”، و”صوت الجنوب”، و”النهوض لعكار”، و”الوفاء لعكار”، و”عكار”، و”عكار التغيير”، و”عكار أولاً”، و”عكار تنتفض”، و”شمال المواجهة”، و”شمالنا”، و”وحدة الشمال”، و”كنا ورح نبقى للمتن”، و”متن التغيير”، و”متن الحرية”، و”متنيون سياديون”، و”بعبدا التغيير”، و”بعبدا السيادة والقرار”، و”بعبدا تنتفض”، و”الجبل ينتفض”، و”الجبل”.

بحسب تقرير “رويترز” تتبارى في الانتخابات مجموعة من الأحزاب المعارضة للنخبة التقليدية الحاكمة، ترشح بعضها من قبل، والبعض يخوض غمار الانتخابات للمرة الأولى. وعلى الرغم من إجراء مفاوضات طيلة أشهر، فلم تتمكن التجمعات المتعددة من تشكيل منصة انتخابية موحدة أو ائتلاف للترشح على مستوى البلاد. وهناك تجمع واحد فقط يشارك في لوائح تحمل مشروع حكم واحداً في كل الدوائر، هو “مواطنون ومواطنات في دولة” العلماني الذي أسسه وزير سابق عام 2016. أما الباقون فقد قاموا بتجميع لوائح على أساس كل دائرة على حدة. وفي بعض الدوائر ائتلافات معارضة متعددة تتنافس مع بعضها بعضاً، مما يقلل من فرص نجاحها.

ويضيف تقرير “رويترز” أن من المقرر أن ينتخب البرلمان رئيساً جديداً خلفاً للرئيس الحالي ميشال عون، الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر (تشرين الأول) مما يزيد من المخاطر. ويتوقع “حزب الله” تغييرات قليلة في تشكيل البرلمان الحالي، على الرغم من أن معارضيه، بما في ذلك حزب “القوات اللبنانية”، يقولون إنهم يأملون في الفوز بنصيب من مقاعد “التيار الوطني الحر”. وتزيد من ضبابية المشهد مقاطعة الزعيم السني سعد الحريري الانتخابات، مما ترك فراغاً سنياً يسعى حلفاء “حزب الله” ومعارضوه على حد سواء إلى شغله. وقالت مصادر من أربع جهات إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، رجل الأعمال الثري الذي يتولى فترة ثالثة في المنصب، قد يتم اختياره لتشكيل الحكومة الجديدة. وصرح ميقاتي لقناة “الحرة” بأنه على استعداد للعودة رئيساً للوزراء إذا كان متأكداً من سرعة تشكيل الحكومة.

Back to top button