في كواليس زيارة آموس الى لبنان… هكذا رسّم بوصعب «حدود التقارب»
بقلم: جويل بو يونس
باسيل حضر باجتماع بعبدا... فقالها هوكشتاين: «He showed me What was then a secret map»!
النشرة الدولية –
الديار –
هي المرة الاولى منذ سنوات طوال، يظهر فيها لبنان الرسمي بموقف موحد بملف ترسيم الحدود البحرية مع «اسرائيل»، حرص المعنيون على ان ينقله رئيس الجمهورية الى الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، واكد عليه كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، ولعل العبارة الابلغ التي قالها الوسيط الاميركي في مقابلته على قناة «الحرة» خير دليل، بعدما اشاد هوكشتاين بالموقف اللبناني الموحد الذي سمعه للمرة الاولى كما قال.
توحيد الموقف اللبناني بعد الخطوة «الاسرائيلية» الاستفزازية باستقدام الباخرة اليونانية، كانت وراءه جهود بذلت، ومواقف ساعدت للذهاب بموقف موحد، تلخصها مصادر مطلعة على جو الاجتماعات التي عقدها هوكشتاين في لبنان بموقف حزب الله الذي اعلنه صراحة امين عام الحزب السيد حسن نصر الله بالوقوف الى جانب ما تقرره الدولة في هذا المجال، كما باعلاء سقف التحذيرات التي بلغت حد ارساء السيد نصر لله للمعادلة التالية: لا استخراج من «كاريش» قبل نهاية التّفاوض وقادرون على منع هذه الخطوة!
هذه المواقف التي اشعلت النار على «طبخة الترسيم»، دفعت بالمسؤولين الرسميين الى تكثيف الجهود، فقاد نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب اتصالات ابقت خطوطه مفتوحة مع الجانب الاميركي منذ ان بدأ الحديث عن الخطوة «الاسرائيلية» وما اعقبها من مواقف لبنانية محذرة ، وحرصت على ابلاغ الجانب الاميركي بمدى خطورة ما يحصل، والذي قد يهدد بمواجهة لا تخدم اي طرف، هذه الاتصالات بحسب مصادر مطلعة، افضت لتبلّغ بوصعب صبيحة جلسة انتخاب اللجان منذ حوالى الاسبوع، بان الوسيط الاميركي سيكون في بيروت بين الاحد والاثنين، وانطلاقا من موقعه كنائب رئيس مجلس النواب عمل بوصعب على تقريب وجهات النظر حتى مع رئيس البرلمان الذي تربطه به علاقة جيدة، فوضعه بجو ان اموس آت بين الاحد او الاثنين، فاستبق بري اية مزايدة يمكن ان تحصل خلال جلسة اللجان من قبل البعض عبر المطالبة بتعديل المرسوم والتمسك بالخط 29، وكشف عن الزيارة المرتقبة لاموس الى بيروت.
المعلومات من مصادر موثوقة ومطلعة على جو عين التينة، كشفت بان الرئيس بري كان عازما عندما زاره اللواء ابراهيم ناقلا له ما سمعه خلال زيارته الاميركية من ان الطرف الاميركي لا يزال ينتظر الرد اللبناني على طرح هوكشتاين وان لبنان تأخر بالرد، وقبيل ان يصله الخبر بان هوكشتاين سيزور بيروت، كان عازما على العمل على فكرة اعداد رد مكتوب على طرح الوسيط الاميركي، الذي كان تقدم به في شباط الماضي، الا انه تريث بعد نصيحة من بوصعب بالتريث بضعة ساعات، ريثما يتبين اي جديد على خط زيارة مرتقبة لاموس، وبالفعل هذا ما حصل.
وصل اموس وعقد اجتماعات مع المعنيين، بعدما كان تولى كل من اللواء عباس ابراهيم والياس بوصعب التنسيق بين مختلف الاطراف للخروج بموقف موحد امامه، وتجلى هذا التنسيق بالاجتماع الشهير الذي انعقد في بعبدا عشية الزيارة، وضم الى رئيس الجمهورية رئيس حكومة تصريف الاعمال وكل من بوصعب واللواء ابراهيم، وتولى بعدها ابراهيم نقل ما اتفق عليه الى الطرف الشيعي ، لاسيما حزب الله، كما التقى بري الذي عاد واستمع من بوصعب ايضا لما اتفق عليه وكان له (اي الرئيس بري) بحسب المعلومات ملاحظتان :
– الاولى وجوب وقف العمل واي حفر، طالما التفاوض مستمرا.
– الثانية بان يسعى الاميركيون لازالة الضغط على شركة «توتال» لاستكمال عملها، فكان الرد ممن يعمل على خطوط التنسيق بان هذا مطلب لنا جميعا.
وتنطلق اوساط بارزة من سرد هذه الوقائع وهذه الكواليس لتؤكد بانه خلافا لكل ما قيل، فالرئيس بري كان موافقا على ما اتفق عليه وهو جدد، بحسب المعلومات، التأكيد امام الوسيط الاميركي على ما حرفيته: «موافق على العرض الذي سمعته من رئيس الجمهورية»! (مع الاشارة الى ان بري الذي كان التقى اللواء ابراهيم بعدما كان اجتمع الاخير باموس، عاد واستمع ايضا من بوصعب لخلاصة اجتماعه مع اموس).
علما ان ما طالب به بري رد عليه بوضوح تام الوسيط الاميركي خلال محادثاته مع المعنيين بالقول انه لا يمكنه ان يجبر «اسرائيل» على وقف العمل، علما انها لم تبدأ بعد، لاسيما ان الباخرة لا تزال بعيدة عن الخط 29، وتقول المعلومات هنا، بان وضعية الباخرة لن تتغير، وهي لن تقترب من الخط 29، مع الاشارة الى ان كل المعطيات تؤكد بان الجانب اللبناني لم يأت على ذكر الخط 29 في محادثاته مع الوسيط الاميركي، فالاساس «ان نأكل عنب مش نقتل الناطور وكل اللي طلعوا عالشجرة سابقا صار وقت ينزلوا» بحسب ما علقت الاوساط المتابعة.!
بالانتظار، الاكيد ان موضوع العقوبات الاميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لم تكن لا طبقا ثانويا ولا بندا في المحادثات اللبنانية الاميركية، اذ كشفت الاوساط المتابعة ان احدا لم يطرح او يسأل عن هذا الموضوع بتاتا، لكن المعلومات تكشف ان طيف باسيل لم يغب على اجتماعات اموس الذي تطرق في حديثه مع المعنيين، لاسيما في بعبدا، الى التذكير بما قاله له يوما جبران باسيل عندما كان وزيرا للطاقة، اذ قال على مسمع رئيس الجمهورية وكل من اللواء ابراهيم ونائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب اللذين حضرا اجتماع بعبدا: «عندما التقيت باسيل عندما كان وزيرا للطاقة، لم يكن احد قد سمع بعد بحقل قانا، يومها قال باسيل بان لدينا هذه الحدود (في حينه الـ 23) في هذا البلوك، ونريد حقل قانا الذي يمر بالخط 23، وان يكون ضمن هذا البلوك.
(مع الاشارة الى ان حقل قانا يقع نحو ٨٠% منه في البلوك رقم ٩ شمال الخط 23 و٢٠%منه جنوب الخط 23 )
وتابع اموس، بحسب المعلومات بالقول: ان باسيل عرض امامه ما كان يعتبر في حينه «خريطة سرية»، وقال ما حرفيته بالانكليزية: «!He)Bassil) showed me What was then a secret map»!
وانطلق اموس من هذه الواقعة ليضيف في اجتماع بعبدا: اضعتم الفرصة فلو تحركتم منذ ذلك الوقت اي منذ العام 2011 ، منذ 11 عاما واتفقتم، لكان لبنان اليوم ينتج غازا ويبيعه ويصدره بسعر هو الاغلى بتاريخ الغاز، لاسيما في عز الازمة الروسية – الاوكراينة، ما كان قد ينعكس ايجابا على اقتصادكم.
مع التذكير بان ملف النفط الذي كان باسيل قد حركه عندما اطلق كوزير للطاقة في 15 شباط 2013 عملية التأهيل المسبق للشركات الراغبة بالمشاركة في دورة التراخيص للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية، عاد لينام بالادراج مع استقالة حكومة الرئيس ميقاتي في 22 آذار 2013 ، والتي طيّرت في حينه المراسيم التطبيقية؛ وتم تأجيل المناقصة.
على اي حال، وبالعودة الى الـ 11 سنة التي اضاعها لبنان الذي لا يزال في العام 2022 يعمل على ترسيم حدوده البحرية، فالاهم في زيارة اموس هو طرح لبنان الذي سلمه للوسيط الاميركي على ان ينقله الاخير «لاسرائيل» وهو تمثل بالمطالبة بالخط 23 واكثر بقليل مع حقل قانا كاملا ، فهل يعود الوسيط الاميركي الاسبوع المقبل الى بيروت حاملا ايجابيات؟ وهل المعنيون اصلا متفائلين هذه المرة بعدما طالبوا بالحد المقبول «واكتر شوي» كي ينالوا الحد المعقول؟
على هذا السؤال، تكشف اوساط متابعة بان الايجابية هي التي طبعت المحادثات اللبنانية مع هوكشتاين، مشيرة الى انه ليس من الضروري ان يعود الوسيط الاميركي مرة جديدة الى لبنان اذا تم الاتفاق على آلية عمل للمتابعة عبر التواصل، ويكفي ان يعد تقريره وما حمله من اجوبة من العدو الاسرائيلي وينقله للسفيرة الاميركية التي قد تأتي بالرد على الرد اللبناني، تماما كما سلمت السفيرة شيا المسؤولين اللبنانيين طرح هوكشتاين السابق في شباط الماضي.
وبالانتظار، تبقى معضلة معادلة « لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا» وما قاله السيد نصر الله من انه لا يمكن العمل بـ «كاريش» طالما التفاوض مستمرا، فهل تكسر هذه المعادلة ؟ هنا يختم مصدر بارز معلقا بالقول: « المعادلة المطروحة صعبة التطبيق، والعين على الموقف الذي قد يخرج به حزب الله، لتختم: نحن متفائلون لكن لن نقول «فول غير ما يصير بالمكيول» تماما كما يردد الرئيس بري!