سعد الغائب يفتقد “الشريك”: “ما تحكوني سياسة قبل هذا التاريخ ولوقتا بنشوف!”
بقلم: جويل بو يونس

النشرة الدولية –

الديار-

مطمئنا، غادر الرئيس سعد الحريري حبيبته بيروت وعاد الى الامارات، غادر وهو مدرك تماما أن غيابه الشخصي والسياسي عن لبنان لم يحوّله الى مجرد اسم ورقم هامشي بالمعادلة السنية، لا بل على العكس تماما، فقد تهافت الجمهور الازرق من مختلف المناطق وسبق زعيمه الى الضريح مجددا له الولاء وهاتفا: “سعد سعد سعد”…

مشهد الرابع عشر من شباط وسط بيروت كان وحده كفيلا ليجدد الزعامة ولو الغائبة راهنا، للحريرية السياسية وبشخص سعد الحريري فقط لا غير.

قد يكون سعد الحريري وحده الزعيم السني الذي يغيب لسنة كاملة ويغادر بصمت المشهد السياسي فيعود لاحقا ويجد ان شيئا لم يتبدل. صورة الجماهيىر من مختلف الاعمار التي احتشدت وهي تحاول مصافحة سعد ولو عن بعد ومن خلف الحديد الفاصل وحدها تبقى ابلغ من اي توصيف. لا بل قد يكون سعد الغائب حاز عطفا اقوى من الجمهور السني الذي اعتبر بمكان ما ان زعيمه تُرك وحيدا وتعرض لاغتيال سياسي ففضل الانسحاب بهدوء بدل ان يدخل البلاد بفوضى وحرب اهلية وهذا ما سيكسب الزعيم الازرق عطفا اقوى.

غاب سعد عن الارض لكنه بقي بوجدان التيار الازرق فمصادر مستقبلية علقت على مشهد 14 شباط بالقول: انه زعيمنا الاوحد، اذ يكفيك ان تزوري اي بيت داخل منطقة سنية لتجدي صور سعد لا تزال معلقة على كل حائط وعند مستديرة ومدخل كل حي، لتضيف: سعد الحريري لا ينتهي ونحن اوفياء له”.

بالفعل غريب امر سعد الحريري، هذا الرجل الغائب الحاضر باذهان الجميع من الجمهور الى السياسيين ممن خاضوا حتى الانتخابات بغياب سعد والذين تهافتوا للقائه وكأنهم يقولون: قلبنا معك، اما من هم خارج التيار الازرق ومن مختلف الاحزاب والقيادات فكانوا هم ايضا ينتظرون لحظة اللقاء او التواصل مع الحريري، محاولين اخذ ولو كلمة سياسية منه.

صحيح ان الحريري قطع وعدا للاماراتيين بعدم الكلام على الاعلام باي كلمة سياسية، وهو التزم فعلا بذلك، لكن بعض المجالس التي بقيت بالامانات لم تخل من بعض “الكلمات المتقطعة” للحريري، تماما كما وصفها أحد الزائرين من القيادات اللبنانية والتي عبر فيها عن موقفه من المشهد السياسي الراهن.

كلمات الحريري المتقطعة عبّرت بحسب مصادر خاصة للديار عن الموقف نفسه الذي ردده على مسمع اكثر من مسؤول زاره، ولعل الابلغ تعبيرا في ما قاله بحسب معلومات الديار ما مفاده: “انا اليوم بلا شريك في البلاد”، ولا سيما ان القوات تخلت عنه في اصعب الظروف، والمقصود بالشريك بحسب مصادر متابعة للقاء ان الشريك الذي يطلبه الحريري هو من يستطيع ان يكون فعلا شريكا له على المستويات كافة من الامن السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي. وفهم بعض الزوار من هذا الكلام ان الحريري يربط توقيت عودته الى الحياة السياسية بجملة تطورات ابرزها وجود الشريك الحامي وان لا كلام اقله قبل موعد الانتخابات المقبلة.

من النقاط الثانية التي حاول الحريري استحضارها هي الطائف ولا سيما انه ابدى شعوره امام بعض زائريه بمحاولات واضحة لاستهداف كل مقومات الطائف سواء عبر تفسيرات الدستور الذي بات مجرد وجهة نظر، او بتفريغ المؤسسات، ولا سيما ان الطائف بالنسبة له “خط احمر”. وفهم زوار سعد الحريري ان الرجل لا  ينوي العودة في حال بقي الشريك غائبا وهو اصلا لن يتخذ اي خطوة لا تنال الرضى السعودي والمباركة.

اما امام بعض النواب السابقين لتيار المستقبل، فقد حرص الحريري على اظهار انه كان على حق بموقفه بالانسحاب من الحياة السياسية، اذ فاتح من التقاهم من النواب، سواء السابقون او الحاليون بالقول: العام الماضي عندما اتخذت قراري بتعليق العمل السياسي “قمتو عليي القيامة”، واليوم تبين انني على حق لا بل اصبحت مقتنعا اكثر فاكثر بان موقفي كان صائبا “وانتو بفتكر صرتو هيك مقتنعين”. وتوجه الى بعض النواب السابقين بالقول: اديش مرتاحين هلأّ؟

وتابع مبررا موقفه السابق بالقول: رح نوصل لمرحلة يفوتوا فيا العالم على بيوت النواب، وما يحصل حفلة جنون والاهم انني لست مشاركا فيها.

واضاف الحريري امام نوابه السابقين، حتى لو كنت رئيس كتلة تضم 10 او 15 او حتى 20 نائبا شو فينا نعمل؟ فوضع البلاد صعب ولا يمكن انجاز شيء.

وعند سؤال احد النواب عن موعد العودة، حرص الحريري على عدم تحديد اي مواعيد او تواريخ محددة، وقال، لم احدد مدة تعليق عملي السياسي، لم اقل لاربع سنوات مثلا، انا ناطر الظروف، فاذا بقيت على حالها في البلاد وبقيت حفلة الجنون ابقى على موقفي واذا تحسنت الظروف من هنا حتى الانتخابات المقبلة، بنشوف شو الجو وبنفكر”.

ليختم بالقول: من يعمل بالسياسة اليوم بيكون عم يحرق حالو”.

وفهم من دردشاته المتقطعة بحسب ما قاله مصدر رفيع للديار:

” يبدو ان الحريري مش مفكر بالعمل او العودة السياسة قبل الانتخابات المقبلة”.

على اي حال اثبت جمهور سعد الحريري، ولو بعد غياب عام كامل، ان سعد هو الزعيم الاوحد على الساحة السنية، مهما طالت العودة وكذلك توقيتها، كما تيقّن السياسيون الذين تهافتوا للقاء الحريري بمختلف انتماءاتهم ان وجود سعد الحريري في المعترك السياسي حاجة للبنان ولا سيما لما يمثله من وزن سني واعتدال وطني.

وعلق مصدر متابع لحركة الحريري بالقول: لقد وصلت رسائل الحريري الداخلية والخارجية عبر زيارته بيروت ومشهد الصلاة على الضريح، فهو قال لبعض الداخل ممن حاول الاستيلاء على مكانته كما للخارج الذي اقصاه: انا الزعيم السني الاول!

وقد علم ان تواصلا حصل على خط بنشعي بيت الوسط، بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والرئيس سعد الحريري، كما افادت المعلومات بأن تواصلا حصل ايضا على خط بيت الوسط حارة حريك وتمثل باتصال اجراه الحاج حسين الخليل بالحريري مطمئنا الى صحته ووصفت مصادر مطلعة على جو اللقاء هذا الاتصال من باب المجاملة والذي لم يتعدّ الدقيقة او الدقيقتين.

زر الذهاب إلى الأعلى