لا يمكننا محاربة “كورونا” فيما نخزن اللقاحات
بقلم: بيل ترو
سيؤدي غياب المساواة في التطعيم إلى إطالة وقت الجائحة؛ علينا أن نضمن وصول اللقاح إلى أكبر عدد ممكن من الناس حول العالم في عام 2022
النشرة الدولية –
اندبدنت عربية –
كانت مغادرتي المملكة المتحدة إلى بيروت قبل عيد الميلاد بقليل أشبه بالهروب بأعجوبة من جزيرة موبوءة. كل معارفي إما مصابون بمتحوّرة “أوميكرون” أو خالطوا مصاباً بها. كانت سرعة تفشي عدوى الإصابات مخيفة.
لكن بالنسبة لمن أخذوا لقاحاتهم كاملةً، يبقى الهمّ الأساسي هو الإنزعاج جراء قضاء عيد الميلاد في عزلة، أو في حالتي، العجز عن ركوب تلك الطائرة.
أما في لبنان، لا يزال “أوميكرون” غير منتشر كثيراً ولكنني أخشى مما سيحدث عندما يبدأ بالانتشار، وهو خوف أشعر به تجاه كل بقعة من الأرض تعاني من شلل في نظام الرعاية الصحية ونسب التطعيم فيها منخفضة.
هنا، اجتاحت البلاد أزمة مالية غير مسبوقة، مما يعني أن العثور على دواء “باراسيتامول” في الصيدليات كان متعذراً في بعض الأحيان. وفي موازاة ذلك، أفادت الأرقام التي نشرتها “رويترز” بأنّ ثلث السكان فقط حصلوا على اللقاح (مقارنة بأكثر من 80 في المئة في المملكة المتحدة).
وغرّد وزير الصحة اللبناني الأسبوع الماضي بأنّ 100 في المئة من المرضى الموجودين في وحدات العناية الفائقة الخاصة بـ”كوفيد” في لبنان لم يأخذوا اللقاح. وهنا تكمن المشكلة.
فيما تشبه الإصابة بـ”أوميكرون” الإصابة بنزلة برد سيئة بالنسبة لكثيرين في المملكة المتحدة (بفضل اللقاحات والجرعات الإضافية المعززة)، لن تكون هذه حال الذين لم يتلقوا اللقاح أو الذين يحاربون أمراضاً أخرى في بلدان لا يمكنهم فيها الاعتماد على مساعدة النظام الصحي.
من وجهة نظر أنانية بحتة، لا يؤدي انخفاض نسب التطعيم في مناطق أخرى من العالم سوى إلى تشجيع ظهور المتحورات التي تصل إلى شواطئنا في نهاية المطاف. هذا ما يحدث الآن مع متحورة “أوميكرون”، التي يبدو أنها انطلقت من جنوب أفريقيا. وفي ما يبدو أن وقعها خفيف، قد لا تكون هذه حال المتحورة الجديدة، وهي قادمة لا محالة.
ولهذا السبب يعتبر نجاح حملات التطعيم في كل مكان أمراً بالغ الأهمية من أجل وضع حد لهذا الوضع لمصلحتنا أجمعين.
تقول منظمة الصحة العالمية التي نبّهت مراراً وتكراراً إلى أنّ عدم المساواة في التطعيم سوف يطيل عمر الجائحة، إنّ 7.5 في المئة من الأشخاص فقط في القارة الأفريقية تلقوا لقاحاً كاملاً.
أمّا نحن، أصحاب الامتيازات والثروة، فلا يمكننا محاربة “كوفيد” عبر تخزين الجرعات الإضافية والاحتفاظ بها لأنفسنا. علينا الحرص على تطعيم أكبر عدد ممكن من الناس حول العالم. وهو ما يعني إيصال جرعات اللقاح إلى أكثر الدول ضعفاً والمساعدة في تأمين ما ينقص من الأجهزة والمعدات مثل الحقن ومكافحة المشكلات اللوجستية التي تخلق مشكلات تهدر نتيجتها ملايين الجرعات – كما حدث في نيجيريا الأسبوع الماضي.
يجب أن يكون هذا هدف العام 2022. وضع حدّ لهذا الكابوس بالنسبة لنا جميعاً.
تحية طيبة