الاعلامية عبير بركات: المهاجر يخفي حزناَ لا تداويه الأيام

النشرة الدولية –

عبير إعلامية وصحافية ومحاورة محاضرة بارعة في فن الحوار الراقي المبني على سطور العلم وليس على قوافي الشهرة، هي سيدة من لبنان والدة رائعة لأولادها، وصحافية وصديقة يحبها كل زملائها، لمع إسمها مؤخراً في العالم العربي برقي الإسم والعنوان والمضمون لتكون خير ممثل وملحق إعلامي لتجربة تعد الأولى عالميا مسابقة” فيلم أون لاين” و تحاضر وتشارك في أهم الجلسات الحوارية مع أهم الكتاب وأهل الإعلام من كل الدول العربية وتتميز بجدارة وتكسب محبة الجميع وإحترامهم .. عبير بركات رقي وقلم وبصمة من لبنان الى العالم كان لموقع عفكرة معها هذا الحوار الثقافي العلمي واليكم الحديث.

الفرق بين الاعلام اللبناني والاعلام العربي:

يعاني العالم العربي من غياب وسائل إعلام مستقلة وموضوعية مما يعكس تراجع حرية التعبير ، فهناك فعلا حاجة إلى إنشاء وسائل إعلام تدعم الحوار والوحدة والوطنية فحرية الإعلام تتطلب وجود إرادة سياسية، والحقيقة أن سكان العالم العربي هم بحاجة للحصول على معلومات ولإسماع أصواتهم وإيصالها إلى دوائر صنع القرار، من هنا ضرورة جعل وسائل الإعلام أقرب إلى هذا الجمهور. فالإعلام في الوطن العربي مرتبط بشكل وثيق بالمناخ السياسي في أي بلد وهذه المنطقة لم تشهد إلا القليل من التنوع السياسي والانفتاح وحرية التعبير، لذلك تعاني وسائل الإعلام من انعدام الإطار القانوني والمهني الذي يسمح لها بالتطور وذلك منذ عقود. أما في لبنان فتُعتبر وسائل الإعلام اللبنانية عموماً الأكثر حرية في العالم العربي، ولكن المفارقة أن معظم هذه المؤسسات تملكها جماعات سياسية وحزبية وبعض العائلات الثرية وجهات تحكمها المصالح السياسية المحلية أو الخارجية فيطغى عليها التمركز والتسييس والاستقطاب بدرجة عالية، حيث يخفي التنوع الظاهري للإعلام اللبناني الكثير من العقبات التي تقف في طريق حرية الإعلام.

نشاهد فيك استاذة ومعلمة ومدرسة تجيد نقل الصورة عن الاعلام وتقنياته الى طلاب من لبنان والعالم العربي هل كان ذلك من اهدافك ولم تحققيه ؟

أحب أن أنقل تجربتي في الاعلام الى كل شخص بحاجة للمعرفة، فالاعلام هو شغفي ودائماً أردد في محاضراتي أن الاعلام ليس سطور تدرسها في الجامعات بل هو شيئ جميل ينبع من داخلنا، وقد تطوّر كثيراَ في السنوات الأخيرة وانا أحببت هذا التطور وتأقلمت معه، وأحب أن أنقل صورة هذا التطور للناس بشكل صحيح. مثلاَ إذا ما نظرنا إلى وضع الصحافة الآن مقارنة بالخمس عشرة سنة الماضية، فسنجد أن هناك عددا أكبر من وسائل الإعلام خاصة بعد إطلاق مواقع الكترونية ومحطات إذاعية وتلفزيونية عدة منذ عام 2011 لكن الإشكاليات المتعلقة بالاستقلالية ونقص الحريات لم تحل وذلك بسبب نقص الصحفيين المدربين على إدارة المؤسسات الإعلامية بطريقة مستقلة وقلة الصحفيين المحليين، فالعديد من وسائل الإعلام الموجودة الآن على الساحة هي حزبية ولا تتيح فرصة التعرف على عدة آراء ولا تتمتع بالتعددية. كما أن سمات التقدم التكنولوجي على وسائل التواصل الاجتماعي جعلت الناس يتابعون وسائل الإعلام التي تتوافق مع أراءهم ووجهات نظرهم وهذا يحول دون بناء مستقبل مشترك بين المواطنين.

اسمك لمع مؤخراَ بشكر كبير في حقل الاعلام والحوار والمخاطبة ماذا اضاف لك هذا الامر ؟

هو اضافة في مسيرتي الاعلامية المتواضعة، فالإعلام بشكل عام، مرآة المجتمعات، وأداة رئيسة، تعكس مدى تقدم الدول، ويقاس مدى تأثير الإعلام بقدرته على إيصال رسالته إلى العالم وتحصين المجتمع ضد الأفكار الهدّامة. الهدف الذي أريد أن أحققه من خلال هذه المؤتمرات هو استقطاب الكفاءات، وتعزيز دورها، ووضع خطط إبرازها، وصقل المهارات، وإطلاق الطاقات، وتوجيهها نحو صناعة محتوى منافس ومؤثر، والبحث عن أصحاب الكفاءات الشابة، ذوي الأفكار المبدعة، ممن يستطيعون وضع بصماتهم في المشهد الإعلامي. ويهمني كثيراَ التركيزعلى ضرورة قبول الآخر، ومد جسور التعاون الإيجابي البنّاء، والإسهام في التنمية البشرية العالمية وخلق مبادرات تهتم بالإنسان، بغض النظر عن مكانه الجغرافي، ودينه وعرقه ولونه، ونبذ التطرف والعنف والتمييز والكراهية والأفكار الهدامة، وتقديم نوعية وجودة المحتوى، والتركيز إلى الجانب الإيجابي للإعلام الرقمي لأن سرعة انتشاره تمكننا من التأثير في الرأي العام، وتعزيز القيم المجتمعية وترسيخها، والقدرة على تقديم محتوى يناسب الجمهور ويلبي رغباته واهتماماته. فكل إعلامي لديه الحق في تناول أي قضية ومناقشتها بعقلانية وحكمة، وبطرح متزن، ومهنية عالية وحيادية، بعيداً عن التشهير والتجريح ما دام الهدف النهوض بالمجتمع فلا حدود تمنع الإعلاميين من المساهمة الفاعلة وتناول القضايا بحرية وشفافية.

اي فيه متعة اكبر لقاء جمهور والحوار معه مباشرة او من خلف الشبكة العنكبوتية؟

طبعاَ المتعة الأكبر هي لقاء الجمهور والحوار معه بشكل مباشر، فالشبكة العنكبوتية سهلت حياتنا كثيراَ خاصة في ظلّ جائحة كورونا التي أجبرت الناس في العالم على ملازمة بيوتهم لفترات طويلة فكان الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الأونلاين هم الحلّ.

لو صح ما يقال ان الانترنت سينقطع في لبنان ماذا تسمين ذلك؟

قد يبدو العالم من دون الإنترنت غريبًا جدًا بالنسبة لنا اليوم فهو حاجة ضرورية في حياتنا اليومية وهو عصب الحياة للهواتف الذكية وتطبيقاتها مما يعني اذا فقدناها نفقد مميزاتها سواء باستخدامها مواقع التواصل من التطبيقات التي تعتمد في الاساس على الانترنت مثل الواتساب التي سهلت حياة الناس في العالم أجمع وخدمة البريد الالكتروني، وخـدمات المراسلة الفـورية . ويسبب انقطاع الانترنت كارثة في القطاع الاقتصادي وانهيار العديد من الشركات التي تعتمد على الانترنت في عملياتها حول العالم وستتوقف الإنتاجية بشكل كبير في المصانع والشركات والفنادق وشركات الطيران وشركات السمسرة والبورصات العالمية وتتوقف الخدمات المصرفية وتتجمد سبل معيشة تقريبًا، وسيصبح مئات الآلاف من الاشخاص عاطلين عن العمل.

لو كنتي استاذة جامعية ماذا تخبرين طلابك عن الاعلام ؟ وعن لبنان؟

أخبرهم أن الاعلام هو شغف وليس وظيفة. هو شخصية ساحرة وطبيعة دافئة وكاريزما داخلية. هو ثقافة ومتابعة يومية للأحداث. أقول لهم أن امتهان مهنة الصحافة والإعلام لا يجب أن يكون لضمان وظيفة لأن هذه المهنة صعبة جدا خصوصاَ في أيامنا هذه، فهي تحتاج صبر وجهد وتضحيات كثيرة وإنفاقاَ حتى يتمكن صاحبها من الإحساس بأنه بدأ تحقيق نفسه. أذا أراد أن يكون الصحافي أو الأعلامي ناجحاً في عمله، عليه إتقان اللغة العربية بشكل ممتاز ويتحلى بالمصداقية في نقل الخبر وكتابة النصوص، فالمصداقية هي أساس من أساسيات العمل في الصحافة، وغياب أي تفصيل مهم في الخبر أو إلغاؤه يؤدي إلى عدم نقله بصورة صحيحة للناس ممّا يؤدي إلى نشر أخبار غير دقيقة، كما أنه من الضروري التأكد من مصادر الأخبار قبل نشرها أو تداولها حتى يكون جاداً في عمله، فعليه أن يحرص على معرفة أدق المعلومات من مصادر الأخبار، حتى لو احتاج للذهاب إليها بنفسه، ويساعده ذلك على تعزيز موثوقية الخبر، ممّا يُساهم في ابتعاده عن نشر أي خبر قد يكون مُزيّفاً وبعيداً عن الحقيقية. أيضاَ تعد الموضوعية من إحدى الأساسيات المهمة في العمل الصحفي، وتُعرف بأنها طرح الحقائق، ونقاش المواضيع دون التأثر بالآراء والأفكار الشخصية، وعلى الصحفي الناجح أن يكون موضوعياً في عمله، وقادراً على التحدث بجميع الأمور دون التحيّز لرأيه أو فكره، وعليه أن يتقبل آراء الآخرين، ويستمع إليهم، ويكون واسع الأفق في التفكير حتى ينجح في عمله الصحفي. أيضاَ يجب أن يكون الصحفي واثقاً من نفسه، ومدركاً لطبيعة عمله، ولكافة الظروف التي تحيط به، حتى يتمكّن من تحقيق النجاح في حياته المهنية، وينقل أفضل صورة عن عمله في مجال الصحافة وضرورة اتقانه العديد من اللغات مما يساعد على الحصول على فرص ذهبيّة خاصة للتمكن من القيام بحوارات مهمة مع مختلف الجنسيات والمشاهير في العالم على الصحفي أن يصقل موهبته لأنّها بحاجةٍ دائمة إلى تدريبٍ لكي تنمو وتتطور، لذلك من الضروري حضور التدريبات والمنتديات والدورات التي تساعدُ على تنمية المواهب الإعلاميّة، عليه أيضاَ الاهتمام بالمظهر الخارجي وأن يتمتع بسرعة البديهة والثقافة الواسعة والجرأة والاحترام والتواضع

7- الهجرة والسفر هم هجرة البلد ؟ او سفر البلد و دماره هو هجرتنا الحقيقية في الروح والجسد؟
شهد لبنان موجات هجرة كبيرة رافقت المراحل المفصلية التي عاشها خلال تاريخه، وأسس لمفاهيم ووقائع لا زالت تنعكس على صورته العامة، واليوم يستعد لبنان لموجة هجرة جديدة، تأتي كواحدة من تداعيات الأزمة الاقتصادية الأسوأ في تاريخه، والأعقد عالمياً، فقرار الهجرة يقوم على أسباب اقتصادية بالدرجة الأولى وتردي الخدمات العامة وعدم الشعور بالأمان، وسينعكس هذا الأمر على لبنان لأنه سيفقده العنصر الإبداعي والمهني القادر على إدارة القطاعات والنهوض فيها، فالشعور بعدم الأمان هو الذي يدفع الناس بالهرب بعائلاتهم ومصالحهم إلى الخارج للحصول على استقرار وأمان، وتأثيرات الهجرة ستكون وخيمة عبر خسارة يصعب تعويضها للرأسمال البشري اللبناني، وهو المدماك الأساس في إعادة بناء الدولة والمجتمع والاقتصاد إذ لطالما شكلت نجاحات اللبنانيين في دول الاغتراب مادة في بناء سردية “اللبناني الشاطر” الذي لا يُقَدّر في بلاده. قد يحسب البعض أن الهجرة نعمة، لكن حقيقة المهاجر تخفي وراءها حزناَ لاتداويه الأيام، وتبقي كثيراَ من الغصة، سواء بعودة المهاجر إلى بلده، كلما سمحت الظروف، أو قضائه زهرة شبابه وجزءا قصيرا كان أم طويلا في بلد المهجر، فالمهاجر يعاني من آلام عاطفية ونفسية ومشاعر التخلي والفقدان والكآبة والحزن.

Back to top button