تقسيم بلدية بيروت طرح متجدّد في غير أوانه وزمانه؟
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
منذ فترة ليست بعيدة بدأ الحراك المتصل بالانتخابات البلدية يتسلل الى واجهة المتابعات. رغم وضع البلد المزري والفراغ الذي يتخبّط به من أعلى الهرم الى الأسفل إلا أن الرهانات لا تزال مستمرة على أي استحقاق وفي أي وقت. الاستنفار الذي شهدناه في الانتخابات النيابية معرض للتكرار في الانتخابات البلدية بغض النظر عما إذا كانت ستحصل ام سيتم إرجاؤها. المشكلة في التحضر للانتخابات البلدية منذ اليوم. تشكل المطالبة بتقسيم بلدية بيروت نموذجاً عن المطلوب في الانتخابات البلدية والاختيارية وهو تحقيق الفدرالية الإدارية والمالية تمهيداً للفدرالية بحيث تصبح البلدية بديلةً للدولة تتولى بنفسها إدارة شؤون المناطق. لبنان الذي لم يعد يتبقى منه إلا الاسم يسير بخطوات متسارعة نحو الفدرالية بحجة سوء الخدمات وادعاء المظلومية. ليس موضوع بلدية بيروت مستجداً على لائحة الملفات الخلافية المتراكمة. لسنوات خلت كان الخلاف مستحكماً بين محافظ بيروت الارثوذكسي ورئيس البلدية السني. وبين فترة وأخرى تتجدّد المعركة السياسية حول قرار العاصمة ومرجعيتها.
منذ العام 1998 حاول رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري إجراء اول انتخابات توافقية تسووية لانتخاب أعضاء المجلس البلدي مناصفة بين المسلمين والمسيحيين مدعومة من النظام السوري. فشلت محاولاته لوجود لائحة منافسة لكنه رسّخ انتخاب مجلس بلدي من 24 عضواً موزعين مناصفة بين مسلمين ومسيحيين.
في العام 2004 طرح فريق مسيحي فكرة تقسيم بيروت الى 13 دائرة تماثلاً بفرنسا تحت ذريعة مظلومية المسيحيين رفضها الحريري المتهم مسيحياً بالسيطرة على مجلس بلدية العاصمة. ومنذ ذلك الحين يتجدد بين فترة وأخرى مشروع اللامركزية الإدارية والمالية وانفصال المناطق المسيحية عن تلك المسلمة. اليوم عادت المطالبة بفصل الاشرفية عن سلطة بلدية بيروت لتجدد الخلاف بين أعضاء المجلس البلدي واستقالة المسيحيين من بينهم التابعون للقوات والتيار الوطني والمطران عودة. بالعمق يسود الانقسام بين فريق مسيحي مؤيد لمبدأ تقسيم البلدية وآخر مسلم يعارضه. التقسيم يطرق باب العاصمة معززاً باقتراح نيابي توافقي بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، بالإضافة إلى النواب المستقلين بولا يعقوبيان وسينتيا زرازير وملحم خلف وهم يرغبون في تحويل بيروت إلى ولايات متعددة على غرار البلديات الكبرى في باريس وأمثالها. والمشروع وفق ما يظهر سيكون حتماً تمهيداً لان تنتخب كل منطقة مجموعتها التي تمثلها.
بتقييم اولي يمكن للخطوة أن تشكل تمهيداً نحو اللامركزية المالية والإدارية أي الفدرالية المقنّعة تحت مسمّى هضم الحقوق وبهدف تطوير المناطق وابتلاع الطوائف، وبتغطية من المؤسسة الدينية أي بكركي ومطرانية بيروت على وجه الخصوص. وتنقسم الآراء حول تقسيم بلدية بيروت الى وجهتي نظر، الاولى وتعتبر أن التقسيم حقها على أساس ان المناطق المسيحية لم تحظَ في الفترات الماضية بحصتها من مشاريع التطوير والإنماء. والثانية تقول إن هذا المشروع عصي على التنفيذ ويصعب تمريره في مجلس النواب وان الرئيس نبيه بري لن يقبل بتمريره.
في الكواليس يغذّي طرح تقسيم بلدية بيروت الحديث عن تواصل واتصالات مع دول غربية وتحديداً فرنسا وألمانيا لإنضاج المشروع من خلال إمكانية استنهاض المناطق المسيحية من خلال مشاريع توأمة ما بين البلديات بهدف تحسين ظروف عيش المسيحيين وتعزيز صمودهم في لبنان. للمرة الأولى تتفق القوى المسيحية على مشروع التقسيم ويلقى مثل هذا الاقتراح قبولاً حسناً.
في ما يتعلق بالإتصالات فإن عدداً من النواب يعملون في سبيل إعداد مشروع قانون وتحويله الى مجلس النواب ومن المتوقع ان يرفض رئيس المجلس مثل هذا المشروع وسيتصدى له مستفيداً من رفض تيار المستقبل المزمن لمثل هذا الطرح ورفض رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يرفض اي عملية تقسيم. وعلم ان أحمد هاشمية زار المطران عودة لإثارة هذا الموضوع والتأكيد على وحدة بلدية بيروت ورفض التقسيم.
طرح تقسيم بيروت دونه عقبات كثيرة أهمها تشريعية متعلقة بعمل مجلس النواب وإمكانية تعديل قانون الانتخابات البلدية قبل ثمانية أشهر على موعد الانتخابات البلدية وفي وقت يظهر موعد الانتخابات الرئاسية مهدداً فيما لا حكومة جديدة مؤهلة للعب دورها المفترض. كضربة سيف في الهواء يبدو طرح تقسيم بلدية بيروت في غير توقيته ولا زمانه.