حملة الإنتقام من “ديكتاتور النحافة”انطلقت: كنْ سمينًا وافتخر
النشرة الدولية –
نيوز لست كريستين نمر –
معايير وقواعد صارمة للجمال الأنثوي بدأت تعرف أشكالًا مختلفة، مع منتصف القرن العشرين، فرضها انتشار السينما، وجاءت لتتكيّف بشكل أكبر مع كاميرا مخرجي هوليود وبوليود ومقاييس فُرضت من مصممي أزياء عالميين، فلم يعدّ الجمال الغربي أو العربي أو الآسيوي مختلفًا، لا بل قُتل التنوّع، فأضحت الرشاقة ضرورة وتحوّلت البدانة إلى لعنة.
ولكنّ هذه النظرة بدأت تتغيّر بشكل خجول، في تسعينات القرن الماضي حين أحدثت الكاتبة الأميركية نيومي وولف ضجّة حول ما أسمته في كتابها ” خرافة الجمال”، إذ اعتبرت فيه “ان هناك تواطـؤًا بين كبار المنتجين في هوليود والشركات التجاريّة الكبيرة التي تتغذّى من عذابات نساء يلهثن باستمرار وراء الكمال. فالمرأة أصبحت مجبرة على اعتناق أفكار غير واقعية عن الجمال غير موجودة إلا في الشاشات…”
وفي العام ١٩٩٢، قررت الناشطة النسائية البريطانية ماري إيفنز يونغ إعلان السادس من مايو/أيار يوم “اللاحميّة العالمي” لتوعية النساء وباقي “المهووسين” بصناعة الجسد المثالي بمخاطر اتّباع حميّات غذائيّة قاسيّة، ومن أجل التذكير بدور الشّركات التجاريّة في التّلاعب بعقول البشر مستخدمة السينما ووسائل الإعلام والموضة.
ومنذ ذلك الحين بدأت تنشط حول هذا الموضوع حركات معظمها ذات طابع نسائي، بحيث اعتبرت كثيرات منهن أنّ معايير الجمال المفروضة هي بمثابة جهاز تعذيب غير مرئي يُستخدم لمعاقبة المرأة جسديّا ونفسيّا، فعندما تخفق في التماهي مع هذا النموذج تحصد الفشل المهني، والزوجي، وخيبات نفسيّة، قد لا تندمل.
وعلى الرغم من أنّ البدانة تشكّل خطرًا على الصحة، كزيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان الخ…الا أنّ الناشطين في هذا المجال، رأوا أنّ الطريقة التي يجري فيها تناول مسألة البدانة يجب أن تتغيّر.
وأظهرت الأبحاث أنّ الانتقادات الجارحة والنظرات التمييزيّة التي تلاحق أصحاب الوزن الزائد، تسبّب لهم المزيد من القلق والاكتئاب وتقلّل من ثقتهم بأنفسهم، مما تدفعهم الى الإفراط أكثر وأكثر في تناول الطعام. 6720
صوفي هاغن
ويقول نيك فينر، أستاذ الطب السريري في كليّة لندن الجامعيّة:” من الجيّد لَوْم الأشخاص بسبب زيادة وزنهم، لكن يجب الأخذ بالاعتبار البيئة الغذائية المحيطة بهم، فبدل لومهم، علينا مساعدتهم على عدم مخالطة أشخاص، أو الإقامة في أماكن، تدفعهم إلى الإفراط في تناول أطعمة تحتوي على كميّات عالية من السّعرات الحراريّة والطّاقة”.
وانتقد الدكتور ستيوارت فلينت، كبير الباحثين في الصحة العامة والبدانة في جامعة “ليدزبيكيت”، الطريقة التي يرى ويتحدّث الناس بها، بمن فيهم الأطباء، عن البدانة، وقال: “يجب أن تتغّير بشكل جذري”. واعتبر “أنّ الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن يتعرّضون للتمييز”.
ويرى فلينت “أن هذه الانتقادات تجعلهم أقلّ ميلًا إلى تعديل نمطهم الغذائي، وتزيد من مخاطر تعرضّهم لأمراض نفسيه جسديّة”
وانتشرت في العقد الأخير من القرن الحالي ظاهرة المؤثّرات الممتلئات او “الانفلونسرز”، في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عمدنّ الى التحدث عن تجاربهنّ ومعاناتهن في أروقة صناعة الموضة والنجوميّة، فلم يتركن تفصيلًا واحدًا عن التحدّيات التي واجهتهنّ الا وذكرنه، بهدف التأثير على الجيل الجديد في ما يتعلّق بشكله وثقته بنفسه، مشيرين الى الحاجة الملّحة لقبول التنوّع بالشكل كنموذج في التغيير المتواصل في معايير الجمال.
ففي استطلاع أجرته الفنانة الكوميديّة الدانماركيّة صوفي هاغن، في كتابها “الدهون السعيدة” ذكرت أنّ ٨٩٪ من أشخاص يعانون من الوزن الزائد يفضّلون الإصابة بالعمى، على المعاناة من السّمنة.
وتحدثت هاغن عن علاقتها الخاصة بجسدها، وعن رحلتها “من العار الى التحدّي الى الفرح بجسدها”، كما أسمتها، وأشارت الى ضرورة التصدّي لما أطلقت عليهم اسم “الجُناة الحقيقين لثقافة السخرية من زيادة الوزن” وشاركت متابعيها ببعض النصائح وضعتها تحت خانة: “كنْ سمينًا وسعيدًا”.
ولطالما كانت اطلالات عارضة الأزياء الأميركية اشلي غراهام محط اهتمام المتابعين، بسبب ما تميّزت به من جرأة وثقة بالنفس، بجسمها الممتلئ الذي ميّزها عن غيرها على منصّات عروض الأزياء العالميّة، قبل وبعد ولادتها لطفليها التوأم. ودأبت غراهام، على نشر صور لها عبر حسابها في انستغرام وهي ترضّع طفليها في وضعية غير مألوفة، وذلك لحث بنات جنسها على الافتخار بجسدهن كيف ما كان.
وفي سابقة من نوعها، شهدت أحدث أفلام “ديزني”، الذي حمل اسم “إنعكاس”، كسرًا للصورة النمطية لبطلاتها، بحيث تخلّت فيه عن صورة الأميرات الجميلات والممشوقات لتستعين هذه المرة بصورة بعيدة كل البعد عّما يُعرف بالمواصفات الجسديّة والملامح “المثاليّة”، بهدف تسليط الضوء على أهميّة الاختلاف وتقبّل الآخرين، وفقًا لتقريرٍ نشره موقع “دايلى مايل “البريطاني.
فقد ابتكرت الشركة في فيلم قصير، قصة راقصة الباليه بيانكا، الكبيرة الحجم، التي قهرت الخوف وكسرت النظرة النمطيّة لراقصات الباليه ذات “البطن المشدود والعنق الممدود”، فحققت حلمها بأن تصبح راقصة مشهورة ومميّزة رغم ضخامة جسمها وزيادة وزنها.
وديزني، التي أطفأت شمعاتها ال ٩٩ في تشرين الأول /أكتوبر الماضي، لم تعرف أفلامها شخصيات ذات حجم زائد الا في الأدوار الشريرة.
ولاقى الفيلم استحسانًا كبيرًا من قبل المشاهدين، وغرّدت إحدى المعجبات كاتبة: “كنت في السادسة عشرة من عمري كنت بحاجة إلى فيلم ديزني القصير هذا، حتى لا أترك الباليه لأنني لم أعد أريد أن أكون الفتاة السمينة في الفصل بعد الآن. أنا سعيدة لأنّ الصغار سيحصلون على هذا”.
الاّ أن فئة من الباحثين، اتهمت هذا التيّار المنادي بالنظرة الإيجابيّة الى البدانة بأنه يسعى الى التطبيع معها، وحذّر باحثون في الأمراض السرطانيّة من أنّ “جيل الألفيّة الثانية”، يُتوقّع أن يكون الجيل الأكثر بدانة، محذّرين أنّه بعد التدخين تأتي البدانة كثاني سبب للإصابة بداء السرطان.
ودعا المركز إلى حظر الإعلان عن الوجبات السريعة، وحثّ الناس على تناول أطعمة صحيّة، أكثر توازنًا.