وزير الخارجية الصيني: دول الخليج على أعتاب تحول تنموي يواكب الثورة الصناعية الرابعة
النشرة الدولية –
النهار الكويتية – سميرة فريمش –
أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا وإيران دول مهمة في الشرق الأوسط، لافتا إلى ان هذه الدول جميعها تنظر إلى الصين كقوة استقرار تسهم في السلم والأمن الدوليين، وبالتالي تزداد رغبتها السياسية لتطوير العلاقات مع الصين.
وقال الوزير خلال مقابلة صحافية بعد استقباله وزراء خارجية «الخليجي» وتركيا وإيران والأمين العام لمجلس التعاون أخيرا ان هذه الدول جميعا تعتبر الصين صديقا لتعزيز التضامن والتعاون بين الدول، مع الأمل في صيانة تعددية الأطراف والدفاع عن العدالة والإنصاف.
وذكر وانغ يي انه تباحث مع وزراء الخارجية الستة والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الزائرين على نحو معمق وكل على حدة في شأن التخطيط المشترك لسبل تطوير العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف حول القضايا الدولية والإقليمية، مبينا انه تم الاتفاق على ضرورة الإسراع في إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، وإنشاء منطقة التجارة الحرة بينهما.
وأشار إلى أن طريق صيانة السلام وتعزيز التنمية في الشرق الأوسط ما زال طويلا، إذ إن الأوضاع الجديدة والتغيرات الجديدة تظهر في المنطقة باستمرار، وما زالت عوامل عدم الاستقرار وعدم اليقين بارزة، فلم ولن تتوقف الجهود الصينية في صيانة الاستقرار وتعزيز السلام. وستواصل الصين المساهمة في تحقيق السلام والأمان في الشرق الأوسط.
مفتاح الأمن
وقال إن «منطقة الخليج غنية بالطاقة والموارد الطبيعية، وإن أمنها واستقرارها يتعلقان بالبيئة الاستراتيجية العالمية، حيث تزداد التفاعلات بين الدول على جانبي الخليج في الوقت الحاضر، وحققت المفاوضات في شأن العودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاق النووي الإيراني تقدما مستمرا، وتواجه الأوضاع في المنطقة فرصة التطور نحو التحسن.. نرى أنه يتعين على دول الخليج أن تمسك بمفتاح إحلال الأمن والاستقرار في الخليج في أيديها، مهما كانت تغيرات الأوضاع».
وأضاف أن دول الخليج العربية وإيران جيران لا يمكن نقلهم، وكلما تصاعدت الخلافات والصراعات بين الجيران، ازدادت الحاجة إلى التواصل بينهم. إن دول الخليج العربية وإيران أصدقاء للصين التي تعمل دائما على دفع الحوار وتعزيز الثقة وتبديد الشكوك.
وأوضح « لقد أعربت كل من السعودية وإيران عن رغبتهما الإيجابية في تحسين العلاقات فيما بينهما، وأكدت كافة الأطراف على حرصها على لعب الدور المطلوب في إحلال السلام في المنطقة. ما زالت المفاوضات في شأن العودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاق النووي مستمرة في، وتقوم الصين باعتبارها طرفا في الاتفاق بالوساطة من أجل بلورة التوافق. في نفس الوقت، نتفهم الهموم المعقولة لدى دول الخليج في شأن أمن المنطقة، فطرح الجانب الصيني خصيصا مبادرة لإنشاء منصة حوار متعددة الأطراف في منطقة الخليج».
صراعات واضطرابات
وقال وانغ يي: يتمتع الشرق الأوسط بتاريخ طويل وثقافة فريدة وموارد غنية، لكن في الوقت نفسه، تغرق هذه المنطقة في صراعات واضطرابات لمدة طويلة بسبب التدخلات الخارجية. ظلت الصين تدعم بموقف فعال تحقيق الاستقرار وتسريع التنمية في الشرق الأوسط، ونؤمن بأن شعوب الشرق الأوسط هم سادة المنطقة، وبطبيعة الحال ليست هناك حاجة إلى «أولياء الأمور من الخارج». لقد أثبتت الحقائق أنه إذا كان الشرق الأوسط في حاجة إلى التنمية، فيمكنه الاستفادة من النماذج الخارجية دون استنساخها. إذ أن فرض الحلول والاستنساخ الأعمى كثيرا ما يؤدي إلى عدم التأقلم مع البيئة المحلية، و«النيوليبرالية» ليست دواء سحريا.
وأضاف لقد طرحت الصين أخيراً وبشكل متتال المبادرة ذات النقاط الخمس لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، والرؤية ذات النقاط الأربع لحل المسألة السورية والأفكار ذات النقاط الثلاث لتنفيذ «حل الدولتين» في شأن القضية الفلسطينية، التي يكون هدفها الأساسي تشجيع دول المنطقة على إبعاد التشويش الناجم عن التجاذبات الجغرافية بين القوى الكبرى، والعمل على استكشاف الطرق التنموية ذات خصائص الشرق الأوسط بروح الاستقلال والاعتماد على الذات، والسعي إلى الوحدة والتقوية الذاتية بموقف التسامح والمصالحة، وحل القضايا في الشرق الأوسط بطريقة الشرق أوسطية، والتمسك بمصيرها بأيديها بكل ثبات.
وتابع: تسجل دول المنطقة تقديرا عاليا للديبلوماسية الصينية تجاه الشرق الأوسط. واعتمد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية قرارا في نهاية العام الماضي، وأعرب فيه لأول مرة وبشكل خاص عن الإشادة بالجهود الصينية في صيانة الاستقرار وتعزيز السلام في المنطقة.
وحول مبادرة الرئيس الصيني للتنمية العالمية التي طرحها على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، وكيف يمكن تنفيذها في الشرق الأوسط، عدد وزير الخارجية الصيني بنود خطة بلاده في المنطقة:
أولا: تحقيق التنمية المشتركة. تعمل الصين حاليا على تشكيل معادلة تنموية جديدة، وتعمل دول الشرق الأوسط والخليج على تسريع وتيرة تنويع الاقتصاد. إن الجانب الصيني على استعداد لتحقيق الاندماج بين مبادرة التنمية العالمية والرؤى التنموية الهامة لدول الشرق الأوسط والخليج، والإسراع في إنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، ودعم مساعي دول الخليج لتعزيز قدرتها على التنمية الذاتية.
ثانيا: تحقيق التنمية التحولية. تتميز الصين ودول الشرق الأوسط والخليج بالتكامل في الهيكل الاقتصادي والموارد الطبيعية، ويتمتع الجانبان بأسس التعاون المتينة في مجالات الطاقة التقليدية والاقتصاد والتجارة، ويزدهر التعاون بينهما في مجالات العلوم والتكنولوجيا المتقدمة والحديثة مثل الجيل الخامس لتقنية الاتصالات والذكاء الاصطناعي. ولدى هذه الدول رغبة شديدة في توسيع التعاون العملي مع الصين. يحرص الجانب الصيني على تضافر الجهود مع هذه الدول لتفعيل الإمكانية وإطلاق الحيوية لتسريع العملية الصناعية في المنطقة وانتهاز فرصة الثورة الصناعية الرابعة والدفع بتحويل نموذج التعاون العملي والارتقاء بمستواه، بما يخدم مصلحة الشعبين.
ثالثا: تحقيق التنمية الخضراء. إن الصين باعتبارها دولة مستهلكة رئيسية للطاقة ودول الشرق الأوسط والخليج باعتبارها منتجة رئيسية للطاقة، تواجه المهام الشاقة الناجمة عن تغير المناخ وتحقيق التحول الأخضر. إن الجانب الصيني يولي اهتماما بالغا ويدعم بنشاط مبادرة التنمية الخضراء المطروحة من قبل دول الشرق الأوسط والخليج، مستعد للعمل مع دول المنطقة على الالتزام بالدور القيادي للابتكار ورفع القدرة وتعزيز التواصل التقني وتقاسم الخبرات، والمساهمة في التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون لكلا الجانبين، بما يسهم في مواجهة تغير المناخ في العالم.