قمتان .. بينهما الأمل أو الألم..؟!!
بقلم: صالح الراشد

قمتان عقدتا في وقت متزامن وظهر جلياً ان عقدهما لم يكن وليد الصدفة بل نتاج لمواجهات متوقعة في منطقة الشرق الأوسط، قمتان شارك بهما قطبا العالم عسكرياً والقوى الإقليمية الأكثر تأثيراً، قمتان حملتا التحدي فالأولى أمريكية عربية في جدة والثانية روسية إقليمية في طهران، قمتان خرجتا بقرارات مختلفة ومتباينة، فقمة جدة ظهر أنها ذات بعد إقتصادي لمنح واشنطن قدرات إضافية لمواجهة الخطر الروسي، فيما قمة طهران كانت عسكرية بإمتياز وغايتها إنهاء الوجود الأمريكي في سوريا ووقف دعمة لعديد المنظمات الساعية لزيادة الدمار، ليكون الإتفاق سريعاً وواضحاً وهو ما سيجعل القوات الأمريكية التي تُجيد فن الهروب تُغادر سوريا كما هربت من العراق وأفغانستان بعد أن تكشف جرائمها التي فاقت الجرائم ضد الإنسانية، فيما قد تساهم قمة جدة في زيادة عزلة موسكو إقتصادياً.

قمتان سيشعر الجميع ومنذ اليوم الأول بحزم وقوة قرارات طهران فيما تحتاج قرارات جدة لفترة زمنية لظهور نتائجها، كون واشنطن لا تحسب للوقت أهمية على عكس موسكو التي تسابق الزمن لبناء التحالفات القوية القائمة على المصالح المشتركة بين الدول وحكامها لصيانة أمنها العسكري والاقتصادي، كون كل منهم يتحدث من موقع قوة، فموسكو قوة عالمية مؤثرة عسكرياً واقتصادياً، فيما أنقرة وطهران تمثلان القوى الأبرز عسكرياً في المنطقة ولهما دور مؤثر في نشر السلام أو زراعة بذور الحروب، ويبرز هذا الأمر في دور طهران في نشر للموت والدمار في دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء، وهو ما جعلها مرفوضة عربياً لحين إظهار حسن نواياها، فيما ترتبط تركيا بدول قمة جدة بعلاقات ثابتة وراسخة بداية من قاعدة إنجرليك الأمريكية وانتهاءً بالعلاقات المتطورة مع السعودية والهادئة مع مصر والامارات والبحرين والقوية مع قطر والأردن وعُمان والكويت.

وهنا نتوقف اذا كانت مصالح دول المنطقة تتشابك سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، وتجد جميعها بأنه من الأفضل لمستقبلها بناء علاقات مميزة تزيد من هدوء المنطقة لتصبح جاذبة للاستثمار الذي يجلبه الأمان فلماذا القمتان؟، ومن المستفيد منهما، دول المنطقة أو روسيا والولايات المتحدة؟، لقد أظهرت القمتان حاجة موسكو وواشنطن لدول المنطقة لتخوض صراعهما نيابة عنهما وحتى يهدد كل منهما مصالح الآخر، وهذا أمر متوقع منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية حيث ترفض أوروبا تحمل نتائج الحرب على حدودها وترفض واشنطن أن تتحمل فاتورة الحرب المُكلفة لوحدها، كما أن روسيا تحتاج لمن يُسوق بضائعها، وبالتالي وجدت كل من موسكو وواشنطن ضالتهم في دول المنطقة لتكون أداة تهديد تنوب عنها لضرب مصالح الطرف الآخر.

وقد تظهر نتائج القمتان سريعاً، وتتمثل في قصف المسيرات الحوثية للأراضي السعودية والاماراتية، وزيادة القصف الصهيوأمريكي لقواعد المنظمات الإيرانية في سوريا وقصف الطيران الحربي التركي لمواقع الأحزاب الكردية، وزيادة شراء الأسلحة من موسكو وواشنطن وتل الربيع المُحتلة لجعل المنطقة برمتها كبرميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة، وهنا تكون فائدة روسيا بإنهاء الأمل الأوروبي بالغاز بعيداً عنها في حال حدوث مواجهات في المنطقة حيث يرتفع سعر النفط والغاز، وتستفيد أميركا بتسريع بناء الناتو العربي الصهيوني لمواجهة الخطر الروسي الإيراني فيما تركيا عضو في الناتو الغربي مما يجعل مغامراتها العسكرية مع الدول المدعومة أمريكياً محدود جداً، وبالتالي فإن الصورة ضبابية وتُخيف الجميع مما قد يجعل سكان المنطقة ينعمون بالأمان في ظل خوف القيادات من رد فعل الدول الأخرى ورد فعل الشعوب التي تحكمها، إلا إذا أصاب داء الحُمق ساسة إيران أو تنامى الحُمق الروسي.

زر الذهاب إلى الأعلى