«كلنا إنسان» وتطور ملحوظ لمواهب ذوى القدرات الخاصة
بقلم: منى رجب
النشرة الدولية –
الدستور المصرية –
أصبحت لدينا الآن أصوات تعلو نحو المزيد من الحقوق لذوى القدرات الخاصة.. وتطوير قدراتهم واكتشاف مواهبهم ورعايتهم، بحيث تتحقق ذواتهم بشكل إنسانى طبيعى، وأثبتت التجربة الحية خلال السنوات الأخيرة أن رعاية ذوى القدرات الخاصة والاهتمام بهم وتنمية مواهبهم تحقق ما يشبه المعجزات، هذا ما أحسسته عندما شاهدت ازدهار مواهبهم الفنية وتطور قدراتهم خلال فعاليات الملتقى الدولى السادس الذى تقيمه مؤسسة «أولادنا» التى ترأستها القديرة سهير عبدالقادر، تحت رعاية فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يوليهم اهتمامًا خاصًا، والذى خصص عامًا لهم، مما يعتبر خطوة رائدة تُحسب لمصر عالميًا فى مجال حقوق الإنسان.
وخلال خفل الافتتاح رأيت السعادة على وجوه الفتيان والفتيات من ذوى الهمم وهم يشاركون بالغناء والرقص فى أوبريت «الليلة الكبيرة» التى ألفها الراحل الشاعر الغنائى والقامة الفنية الكبيرة الفنان صلاح جاهين، ومن ألحان وغناء القامة الفنية الخالدة الفنان الراحل سيد مكاوى، الذى كان أيضًا لفتة كريمة أن تم تكريمه فى حفل الافتتاح، وتسلمت التكريم ابنتاه السفيرة دايناس مكاوى وأميرة مكاوى، وهو فى حد ذاته وإنتاجه الفنى الفريد يعتبر خير نموذج يحتذى به لذوى القدرات الخاصة.
وكان حفل الافتتاح خير شاهد على تحدى الإعاقة، حيث سعدت برؤية البنات والفتيان يتحدون إعاقاتهم بإطلاق العنان لمواهبهم الفنية للمشاركة فى هذا الأوبريت الاستعراضى الذى يذخر بالبهجة والفرحة، فتصور عالم المولد فى جمالياته وألعابه المختلفة وأغنياته الرنانة الجميلة والألوان الزاهية لملابس المشاركين فى المولد، وفى ليلة الافتتاح بدار الأوبرا المصرية على المسرح الكبير جاء الافتتاح على مستوى رفيع فى الجودة والإبهار.
ولا بد أن أتوقف عند جهد كبير وحب من القلب تقوم به رئيس مؤسسة «أولادنا» رئيس الملتقى سهير عبدالقادر، التى كرست جهودها وخبرتها فى المهرجانات الدولية فى السنوات الأخيرة لرعاية مواهب ذوى القدرات الخاصة وتقديم مواهبهم الفنية من خلال هذا الملتقى الدولى، وكانت قد بدأت فعالياته منذ ٦ سنوات وهو يشهد تطورًا ملحوظًا مع كل عام، وكان لى شرف وسعادة العمل التطوعى به كعضو لجنة تحكيم المسابقة الدولية فيه منذ ٣ سنوات، وهذا الملتقى الدولى قد اتخذ شعارًا إنسانيًا مميزًا فى هذه الدورة هو «كلنا إنسان»، وشاركت فيه عدة وزارات لهدفه الإنسانى الكبير.
وحضر الافتتاح العديد من الشخصيات فى مقدمتهم وزيرة الثقافة د. نفين الكيلانى، ووزيرة الهجرة د. سها جندى، والمبدع الكبير د. مجدى صابر، رئيس مجلس إدارة دار الأوبرا المصرية، الذى قدم أفضل إمكانيات الأوبرا لإنجاح الملتقى الدولى، والذى قرر أن يقام تعاون فنى أيضًا فى هذه الدورة مع الملتقى الدولى، مما أسفر عن نجاح مضاعف له فى هذه الدورة. بالإضافة إلى أنه قال لى إنه قد أسند إخراج حفل الافتتاح إلى المخرج المبدع القدير وليد عونى، ليكون الافتتاح على مستوى رفيع ومبهر.
وهذا ما رأيته بالفعل خاصة فى استعراض «الليلة الكبيرة» الذى قدمه فى عرض حديث ومتطور وأمتعنا جميعًا وأعادنا لذكريات هذا الأوبريت الفريد الخالد الذى نحفظه جميعًا ونردد أغانيه المبهجة عن ظهر قلب.
كما حضرت نائبة عن وزير السياحة والآثار د. أحمد عيسى، نائبته د. غادة شلبى، كما حضر د. عمرو القاضى، رئيس هيئة تنشيط السياحة، وشارك بالتعاون أيضًا المجلس القومى للمرأة برئاسة د. مايا مرسى، وحضر من مؤسسى الملتقى الفنان التشكيلى المهندس أشرف رضا، وقامت بتصميم الأزياء المبدعة المتميزة إيمان النشرتى، وقدمت ريم حمودة فيلمًا كرتونيًا متميزًا من إنتاجها حول «ظاهرة التنمر» الذى قد يواجهه الأولاد من ذوى القدرات الخاصة، وذلك بهدف توعية المجتمع بخطورة التنمر والتصدى له ودور الأم فى دعم وتنمية قدرات أبنائها من ذوى الهمم، كما شاركت فى الملتقى ٣٧ دولة باستعراضات مختلفة ومبهجة، بالإضافة إلى تعاون مثمر مع الملتقى الأفروصينى، وفى مقدمة الداعمين المشاركين الأستاذ هانى ين.. وكان من الفقرات المبهرة أن قدم الفنان القدير هانى رمزى الافتتاح وتألقت الفنانة لطيفة فى أغنية استعراضية عن ذوى الهمم، وشارك أيضًا فى الافتتاح بأغنية استعراضية الفنانان مجد القاسم ونيفين رجب.. وقام بتأليف أغانى الافتتاح الشاعر الغنائى القدير أمير طعيمة.
ولا بد أن أذكر للقارئ العزيز أن كل من شاركوا فى دعم الملتقى يقومون بذلك كعمل تطوعى إنسانى، وأن الملتقى الدولى يقوم على النوايا الحسنة والإنسانية لكل من شارك أو ساهم فيه.
وأتمنى وأرى أنه من الضرورى أن توفر له الدولة بعض الدعم المادى فى الدورة المقبلة، ليتسنى له الاستمرار والنجاح لأنه فى تقديرى يتميز بأمرين: أولهما: أنه يقدم رسالة إنسانية بضرورة الاهتمام برعاية المواهب الفنية لذوى القدرات الخاصة.
أما الأمر الثانى: فهو أنه يعتبر واجهة مشرفة لمصر فى السبق والريادة فى مجال ذوى القدرات الخاصة ودمجهم فى المجتمع.
ومن اللافت للنظر وأرى أنه خطوة للإمام هذا العام، وإن كانت فى تقديرى فى حاجة إلى خطوات تكميلية ومجتمعية لتحقيقها بشكل أكبر وأكثر فعالية فى مجتمعنا.. أن الملتقى قد دعا لقضية دمج ذوى القدرات الخاصة، وهى قضية فى تقديرى تتطلب دعمًا من الدولة وجهدًا مجتمعيًا من المجتمع المدنى وضرورة رفع درجة الوعى بها من جانب الإعلام والصحافة، لأنها قضية مهمة وتتطلب أيضًا توفير سبل إنجاح الدمج وتوفير الأجهزة والسبل لمساعدة ذوى القدرات الخاصة على الحياة الطبيعية والدمج مع المجتمع ككل، وحتى نوفر لهم السعادة والأمل فى حياة أكثر أمانًا وسلامًا وازدهارًا مع المجتمع.