كيف حال الكتاب والقراءة في الكويت؟
بقلم: حمزة عليان

النشرة الدولية –

نجحت في الحصول على عدد الكتب التي صدرت في دولة الكويت عام 2021 من أحد الأصدقاء الموثوقين، وكنت سعيداً بذلك، إذ بلغ 2235 كتاباً أعطي لها “ترقيم دولي” ISBN من المكتبة الوطنية للدولة، والتي تلزم المؤلف والمطبعة بالإيداع والتسجيل والفسح، وهذا الرقم غير ما يدخل الكويت من كتب عبر المنافذ الحدودية من الخارج، وإذا احتسبنا عدد هذه الإصدارات قياساً بعدد السكان وبحدود 4 ملايين نسمة، على اعتبار أن هناك أكثر من نصف مليون من المقيمين باتوا خارج العدد الإجمالي للسكان وهو أربعة ملايين وأربعمائة ألف نسمة، يكون حصة كل 10 آلاف شخص نحو 6 كتب.

نستنتج أن قراءة الكتب المطبوعة والورقية ونحن نعيش في ظل “الحجر الكوروني” وما تسببه من إغلاقات وتوقف دورة الحياة، كان في الحدود الدنيا والتي تعكس تراجعاً واضحاً في القراءة، أما على المستوى العربي فمعدل ما يقرأه الفرد سنوياً هو ربع صفحة فقط؟

الكتاب الأول “حقائق وخفايا ذكرياتي” لمحمد أبوالحسن والصادر عن مكتبة ذات السلاسل للنشر والتوزيع، والذي فتح باب الأسئلة عن تاريخه المهني والدبلوماسي، حيث أجاد في عرضه بذاكرة نابضة بالحيوية، تعرفنا فيها على المحطات التي شغلها، 5 سنوات في جنيف، سنتان (ملحق دبلوماسي) في طهران، سفير لدى الصين 3 سنوات، ويوغسلافيا 3 سنوات، لكن أطولها كان ترؤسه وفد الكويت الدائم في الأمم المتحدة والتي بلغت 22 سنة، استهلك فيها أربعة أمناء عامين (فالدهايمن، دي كويلار، غالي، عنان)، جانب من “الخفايا” التي أفصح عنها لقاء سري في الطابق 12 تم في مبنى البعثة الكويتية في نيويورك، قام بترتيبه الشيخ صباح الأحمد بين وزيري خارجية الاتحاد السوفياتي (شيفرنادزة) والأمير سعود الفيصل عام 1988، رواية أبو الحسن التي لم يسبق لأحد أن تناولها كانت من داخل أروقة مجلس الأمن، وكيفية صياغة مشاريع القرارات ذات الصلة بالغزو العراقي وما وراءها من تحركات ومواجهات وجهود وإقناع، ولهذا السبب جاء كتابه هذا، فالسرد والوقائع التي تضمنها تنقل القارئ إلى أجواء تلك الفترة العصيبة.

الكتاب الثاني بعنوان “من نثر القلم” للزميل والكاتب المهندس فاضل الطالب، وهو عبارة عن تجميع لمقالاته خلال عقد ونيف من الزمن، نشرها في عدد من الصحف الكويتية، وزعت على فصول حسب الصحيفة ومرتبة زمنياً.

الجديد في الكتاب، تخصيصه فصلاً أخيراً احتوى على المقالات التي منعت من النشر، ارتأى عرضها كي يرى “القارئ المتفرس ماذا يتم منعه والأسباب التي دعت إلى ذلك”، وعندما أراد التحليق، على حد تعبيره، بعيداً عن مقص الرقيب، قاده الأمر إلى تأسيس صحيفة إلكترونية تحت اسم “رؤى” ليكتب فيها ما يشاء، بعد أن تجسد بداخله “رقيب ذاتي متمرس” يراعي فيه خالقه أولاً ومصلحة وطنه وأمته ثانياً، وفي معظم الصحف التي كان ينشر فيها تعرضت مقالاته إلى المنع وهي “الدار” و”الراي” و”القبس” و”رؤى نيوز”.

الكتاب الثالث وهو بعنوان “فتية مسجد النقي” خواطر وذكريات عام 1966، للكاتب والوزير السابق السيد عبدالهادي الصالح، وتقديم الدكتور عبدالمحسن جمال والذي رأى أن الكتابة عن تلك المرحلة “ستوثق جانباً مهما عن حياة وأسلوب عمل مجموعة من الشباب الكويتي المخلص”، وكانت انطلاقتهم من مسجد النقي بمنطقة الدسمة، وهذا “النموذج” كما يدون المؤلف الدكتور عبدالهادي الصالح، لم يكن مقراً للأعمال الحزبية، أو مكمناً لأعمال تحت الأرض، ولكن كان مدرسة تربوية ومركزاً ثقافيا ومنتدى اجتماعياً، وحوزة فقهية، وملتقى للحوار بين المفكرين والعلماء، مما ولّد للمجتمع الكويتي قوى شعبية واعية متفاعلة مع قضايا البلاد والعباد، وهذه الفئة اندمجت في المجتمع مؤثرة ومتأثرة برزت كواجهة وطنية لها ماضيها وتطلعاتها المستقبلية، ولهذا رأى بعد مضي 50 عاماً وأكثر على بداية حركة فتية مسجد النقي ألا تذهب التجربة سدى، دون أن تلقى دراسة أكاديمية من المختصين بالعلوم الاجتماعية والتاريخية والسياسية.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى