أنانية أحزاب الإسلام السياسي وراء فشلها
بقلم: حافظ البرغوثي
النشرة الدولية –
بدأت حكومة طالبان الأفغانية السير على خطى مثيلاتها المنقرضة منها والحية من حكومات الإسلام السياسي، بإقرارها ميزانية فصلية على قياس رواتب عناصرها وموظفيها فقط، غير عابئة بغيرهم من قطاع العمل والموظفين.
وهذه الأنانية الحزبية تميز كل برامج الأحزاب التي تدّعي التمسك بالدين وتنسى جوهره من العدالة.
فقد أقرت حركة ”طالبان“ أول ميزانية منذ استعادتها زمام الحكم في البلد في أغسطس (آب)، لا تشتمل على أي مساعدة دولية، وتغطي أول ثلاثة أشهر من 2022، بحسب ما أفادت وزارة المالية.
وإثر وصول الحركة إلى سدّة الحكم، علق المانحون الدوليون المساعدات الطائلة التي كانت تشكل 80 في المئة من الميزانية الأفغانية.
وتغطي الميزانية، وهي بقيمة 53.9 مليار أفغاني (نحو 516 مليون دولار) الربع الأول من عام 2022، لا غير، وهي مخصصة لنفقات الحكومة بالكامل تقريباً.
فالميزانية تقشفية جداً، لكنها تفي باحتياجات حكومة طالبان فقط، ولا ضير أن تتجاهل الشعب بأكمله.
وهناك تجارب أخرى مماثلة في تونس، حيث إن حكومة ”النهضة“ سارعت إلى توظيف مئات الألوف من عناصرها في القطاع الحكومي دون الحاجة إليهم، ما أثقل بل ضاعف ميزانية الرواتب، وظل الاقتصاد حتى الآن يتدهور.
وفي مصر، ركزت حكومة جماعة ”الإخوان“ بعد الثورة على توظيف عناصرها، وفتحت الموانئ لتهريب البضائع لحساب خيرت الشاطر، وأقامت مجمعات استهلاكية لتجارها.
وفي إيران، التي يعاني اقتصادها من الحصار، لم نسمع عن تظاهرة لقوات الأمن والعسكر بعكس العمال والقطاع الخاص الذي خرج في تظاهرات دموية في كثير من المرات؛ فالأولوية هناك لعناصر النظام في تلقي الرواتب.
ولعل تجربة ”حماس“، التي اكتوى بها قطاع غزة ما زالت قائمة حتى الآن..
فعندما شكلت حماس حكومتها الأولى، رفع رئيسها إسماعيل هنية شعار ”زيت وزعتر“، لكن الرئيس الفلسطيني أبو مازن، لتفادي المقاطعة الدولية لحكومة حماس، أنشأ صندوقاً خاصاً للمساعدات الدولية وكان يحول المال لحكومة هنية..
لكن تلك الحكومة بدأت بتعيين موظفين من عناصرها وتدفع لهم رواتبهم، بينما ظل بقية الموظفين بلا رواتب، ما دفعهم لإعلان الإضراب، بل وأنشأت قوة أمنية خاصة، وكانت تصرف لها رواتب من الضرائب ومن تحويلات صندوق الرئاسة، بينما عسكر وأمن السلطة بلا رواتب.
لهذا، عندما نفذت حماس انقلابها وسيطرت على قطاع غزة سنة 2007، كانت قوات الأمن الفلسطنية غائبة وجائعة وبعض عناصرها باع سلاحه وذخيرته لحركة ”حماس“.
وحتى الآن، لا تفعل حكومة ”حماس“ إلا صرف رواتب عناصرها فقط، وتفرض الضرائب لهذا الهدف، ولا تتكفل بأية خدمات تجاه من تحكمهم؛ فالخدمات الصحية والاجتماعية ومشاريع الأشغال والتربية والتعليم تصرف عليها السلطة من رام الله، بينما تتولى وكالة ”غوث“ العناية بالمخيمات.
فشل حكومات أحزاب الإسلام السياسي لا يرجع للإسلام، بل للأحزاب نفسها، التي تتميز بالأنانية الظالمة، وتفتقر إلى العدالة، بل تتميز بالجشع والنهب المغلف بالبسملة والحوقلة.
ولنا في نظام البشير في السودان مثال آخر ينم عن أنه ضحى بمساحة 40 بالمئة من السودان ليقول بعدها ”الآن نستطيع تطبيق الشريعة في الشمال“..
والشريعة في نظره هي جلد النساء في الطرقات، وتكديس الأموال لأركان النظام، وتجاهل حقيقة أن أربعين بالمئة من سكان جنوب السودان هم من المسلمين؛ فسياسة حزب البشير مهدت للأحداث حالياً من حيث خطر المزيد من الانقسامات في الجسد السوداني.
الأحزاب التي تدّعي الإسلام تتقن النهب والسلب والهدم ولا تتقن البناء، وفي عقيدتها الحزبية كما قال سيد قطب ”لا قيمة للوطن، فهو حفنة تراب“، ومثلما قال مرشد الإخوان السابق محمد بديع ”طز في مصر“، ومثلما قال محمود الزهار ”إن فلسطين ليست مهمة بالنسبة لنا، فهي لا تظهر على الخريطة، فهي مجرد سواك أسنان“.