التعليم والإدمان
بقلم: د. نرمين الحوطي
النشرة الدولية –
بالأمس سلطنا الضوء عبر كلمات مقالنا «لا.. للإدمان» على دور الأسرة في قضية «الإدمان والمخدرات»، واليوم سطور مقالنا ستسلط الضوء على دور التعليم بجميع مراحله التعليمية في تلك القضية وذاك الوباء الذي تفشى في مجتمعنا.
في أوائل الثمانينيات أثناء مرحلتي الثانوية أتذكر أن مدرساتي كن يهتممن بتلك القضايا ويقمن بتكليفنا بأبحاث وتقارير عن المخدرات وكيفية الابتعاد عن هذا الطريق، وكانت تلك الأبحاث والتقارير تناقش أثناء الحصص الدراسية، بجانب هذا أيضا أتذكر أن التعليم في تلك الآونة كان لا يقتصر على تلقي المعلومات فقط بل كان يوجد اهتمام أيضا بالجانب الأسري من خلال «المشرف الاجتماعي» إذا لوحظ أي تقصير في الدراسة من اتجاه الطالب، ليس هذا فقط بل كانت مهمة «المشرف الاجتماعي» الاقتراب من الطالب والتلاحم مع الطلبة، فعلى سبيل المثال لا للحصر: إذا شعر مدرس بأن الطالب يواجه مشكلة ما كان يقوم على الفور بتبليغ «المشرف الاجتماعي» فيقوم المشرف بالجلوس مع الطالب لمناقشة مشكلته والوقوف على أسبابها وتداعياتها وسبل حلها، وكان هذا التلاحم والاقتراب لا يقتصر على الطالب بل يمتد وصولا للأسر في بعض القضايا والمشاكل أحيانا، أيضا كان المشرفون والمسؤولون على التعليم يهتمون بالجانب الرياضي للطالب ويدفعون الطلاب للمشاركة في المسابقات الرياضة التي تقام بين المدارس في المناطق التعليمية في ذلك الوقت، كما كنا نجد المشرفين والمسؤولين يهتمون بهوايات الطلاب ويصقلونها أيضا، أما اليوم أين التعليم من بناء شخصية الطالب وحمايته من «الإدمان»؟
اليوم للأسف أصبح تعليمنا بجميع مراحله التعليمية ما هو إلا استيراد تجارب دون معرفة تلك التجارب تفيد أو تضر! أصبح التعليم يقتصر فقط على المنهج والكتب «حشو معلومات» والنتيجة مجرد حفظ معلومات لاجتياز المرحلة التعليمية، أما شخصية الطالب وما استفاد من التعليم والمعلومة «محلك سر».
التعليم هو المرحلة الثانية في بناء الشخصية للأبناء وتكملة لنواة الأولى له «الأسرة»، فإذا اقتصر التعليم فقط على المنهجية دون بناء الشخصية وحمايتها من مخاطر الدنيا وتعليم أبنائنا الطلبة مكافحة ومحاربة «المخاطر» والابتعاد عنها إذا لم يحدث ذلك سوف تكون النتيجة خللا في تكوين النواة وقد يؤدي هذا الخلل لاتجاه البعض إلى أحد المخاطر وهو «الإدمان».
٭ مسك الختام: الملل، الضغوط النفسية، العنف، تكدس المعلومات، عدم تواجد عنصر الترفيه والتسلية، عدم الاهتمام بالمواهب، عدم الالتحام والتقارب بين إدارة التعليم والطالب، وعدم الاهتمام بطرح القضايا والبحث بها… هذه الأشياء وغيرها من العناصر أصبح تعليمنا يفتقر إليها في هذه الآونة مما أدى إلى انحراف بعض أبنائنا إلى الإدمان.