سريوي: ٦٥ نائباً نصاب جلسة انتخاب الرئيس، ونصاب الثلثين مطلوب فقط في حالة تعديل الدستور، وهذا هو رئيس الجمهورية المقبل
النشرة الدولية –
الثائر –
في حديث لتلفزيون لبنان، عبر برنامج “لبنان اليوم” مع الإعلامية نوال الأشقر نهار الخميس الفائت في ٢٠٢٢/١١/١٧ بعد انتهاء جلسة انتخاب رئيس للجمهورية دون نتيجة، وتعليقاً على الجدل القانوني الذي دار في الجسة، أوضح الخبير الدستوري، رئيس تحرير موقع “الثائر” اكرم كمال سريوي : أن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفقاً للدستور، هو ٦٥ نائباً، وأن نصاب الثلثين مطلوب في حالة واحدة نصت عليها صراحة المادة ٧٩ .
وأضاف سريوي: استغرب أن لا يقرأ النواب الدستور، واستغرب أكثر أن يقع بعض اساتذة القانون في خطأ تفسير المواد المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية، رغم أن هذه المواد واضح وهي لغة عربية سهلة وسلسة.
وفي التفاصيل قال سريوي : المادة ٣٤من الدستور تنص: لا یكون اجتماع المجلس قانونیاً ما لم تحضره الأكثریة من الأعضاء الذین يؤلفونه.
م ٤٩: ینتخب رئیس الجمهوریة بالاقتراع السري بغالبیة الثلثین من مجلس النواب في الدورة الأولى، ویكتفي بالغالبیة المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي.
من الواضح أن م ٤٩ لم تحدد نصاب جلسة الانتخاب، بل تحدثت فقط عن مجموع الاصوات التي يجب أن يحصل عليه المرشح، ليفوز بمنصب الرئاسة، وهو ثلثي أعضاء المجلس في الدورة الأولى (حالياً٨٦ صوتاً)، والأغلبية المطلقة (٦٥ صوتاً) في الدورات التي تلي.
وهذا يعني أن نصاب الجلسة يكون قانونياً، وفقاً لنص المادة ٣٤، أي بحضور ٦٥ نائباً .
وجواباً على سؤال حول إمكانية فوز رئيس ب ٣٣ صوتاً، فيما لو اعتمد نصاب ال ٦٥ قال سريوي:
الدستور واضح ويجب أن يحصل المرشح في الدورة الثانية على الغالبية المطلقة من أصوات أعضاء المجلس، أي لا يمكن أن يفوز أي مرشح يحصل على أقل من ٦٥ صوتاً، فالغالبية المطلوبة هي تُحتسب من عدد أعضاء المجلس، وليس من عدد النواب الذين يحضرون الجلسة.
وأوضح سريوي: أن هناك حالة واحدة حدد فيهما الدستور ضرورة وجود نصاب الثلثين، حيث نصت المادة ٧٩ على: عندما یطرح على المجلس مشروع یتعلق بتعدیل الدستور، لا یمكنه أن یبحث فیه، أو أن یصوت علیه، ما لم تلتئم أكثریة، مؤلفة من ثلثي الأعضاء، الذين يؤلفون المجلس قانوناً، ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها.
ففي هذه الحالة حدد الدستور نصاب الجلسة، بحضور ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً، وإضافة كلمة “قانونا” تعني احتساب ثلثي عدد النواب المحدد في قانون الانتخاب، وهو حالياً ١٢٨، أي أن المطلوب حضور ٨٦ نائباً.
إن الذين وضعوا الدستور هم أساتذة قانون، وهو في الأصل مأخوذ عن الدستور الفرنسي، وكل كلمة لها معنىاها المحدد، فعندما لم يذكر كلمة “قانوناً” في المادتين ٣٤ و ٤٩ كان المقصود أنه يمكن احتساب النصاب على أساس عدد الأعضاء الفعليين للمجلس، ويتم في هذه الحالة إسقاط النواب المتوفين والمستقيلين من عدد نواب المجلس، وهذا ما حصل عندما تم انتخاب الرئيس بشير الجميل عام ١٩٨٢ حيث نال (٥٧ صوتاً في الدورة الثانية من أصل ٩٢ حيث كان قد توفي ٧ وتغيب ٣٠ نائباً عن الجلسة)، والرئيس رينة معوض عام ١٩٨٩ (نال ٥٢ صوتاً من أصل ٧٣ وحضر الجلسة ٥٨ نائباً)، والياس الهراوي (نال ٤٧صوتاً من أصل ٧٢ وحضر الجلسة ٥٢ نائبا)، وفي هذه الحالات تم احتساب النصاب من أصل العدد الفعلي للنواب الأحياء، وليس من أصل العدد القانوني الذي كان ٩٩ نائباً.
أما عندما يذكر الدستور “الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً” فعندها يجب الاحتساب على أساس العدد المحدد للنواب في قانون الانتخاب، وهو حالياً ١٢٨.
وأوضح سريوي: أنه تم إقرار وثيقة الطائف عام ١٩٨٩ (اي تعديل الدستور) بموافقة ٥٨ نائباً فقط، حيث تم احتساب العدد الفعلي للنواب وهذا مخالف لنص المادة ٧٩ ، التي فرضت موافقة ثلثي أعضاء المجلس الذين يتألف منهم قانوناً، (٩٩ وليس ٧٣) أي كان يجب موافقة ٦٦ نائباً.
أما الحالة الثانية المطلوب فيها احتساب نصاب على أساس العدد القانوني للنواب، وليس العدد الفعلي، فهي في المادة ٥٧ ، عندما يطلب رئيس الجمهورية من المجلس إعادة النظر بالقانون، ضمن المهلة المحددة لإصداره، بحيث يجب أن يناقشه المجلس، ويعيد إقراره بالغالبية المطلقة، من العدد الذي يتألف منه المجلس قانوناً.
الورقة البيضاء ومقاطعة الجلسات:
قال سريوي التصويت بورقة بيضاء هو حق دستوري، لكن مقاطعة جلسة انتخاب الرئيس، فهي تختلف في حالتين:
فوفق المادة ٧٣ يمكن لرئيس المجلس أن يدعو إلى جلسة انتخاب رئيس جديد، قبل شهر على الأقل وشهرين على الأكثر، من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية. وفي هذه الحالة يمكن للنائب أن يقاطع الجلسة ولا يحضر . لكن هذه المادة تضيف أن المجلس يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق موعد انتهاء ولاية الرئيس لانتخاب رئيس جديد، وفي هذه الحالة لا يمكن للنائب مقاطعة جلسة انتخاب الرئيس.
أما المادة ٧٤ فتنص: إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئیس، أو استقالته، أو سبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف، یجتمع المجلس فوراً بحكم القانون.
وفي هذه الحالة يصبح من واجب كل نائب أن يحضر فوراً إلى المجلس، وعلى المجلس أن يعقد جلسات متتالية، حتى التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية، أي بما يشبه نظام اجتماعات الكرادلة لانتخاب بابا في الفاتيكان.
كل نائب يقاطع جلسة انتخاب الرئيس في حالة خلو سدة الرئاسة يكون وفقاً للمادة ٧٤ ، قد ارتكب جرم مخالفة الدستور، ويجب محاسبته على ذلك. ففي هذه الحالة لا يحق لأي نائب مقاطعة الجلسة، لأنه يكون بذلك مستنكفاً عن القيام بواجباته الدستورية.
الرئيس المقبل للجمهورية
قال سريوي: من الواضح أن ترشيح النائب ميشال معوض لن يصل إلى نتيجة، ومن رشحه يقول: “إن معوض مرشحنا حتى الآن” مما يعني أن هناك مجال للتفاوض على اسم آخر. أما حزب الله فهو ضمنياً يريد سليمان فرنجية، لكن لم يُعلن ذلك كي لا يحرق الاسم.
وجواباً على سؤال عن شروط حزب الله قال سريوي: كل فريق حدد شروطه، وحزب الله فعل ذلك، وهذ من حقه، لكن المهم هو أن الباب يجب أن يبقى مفتوحاً للنقاش وللتوافق على انتخاب رئيس، وليس انتخاب أي رئيس، فلقد كان لدينا رئيس وحكومة، وغرقنا في الأزمات، لذلك يجب اختيار رئيس جامع داخلياً، وغير مستفز للدول الخليجية والغربية، وقادر على التحاور مع الجميع، فالبلد في حالة انهيار، وإنقاذه يتطلب مساعدة دولية، خاصة دول الخليج العربي، والولايات المتحدة الأمريكية.
إن العامل الداخلي هو الأهم في انتخاب الرئيس، وغير صحيح أن الجميع ينتظر كلمة سر أو اسم الرئيس من الخارج، وعندما يتفق اللبنانيون لن يمنعهم الخارج عن ذلك، لكن يبدو أن الاتفاق داخلياً ما زال صعباً، حتى ضمن الفريق الواحد، فرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يعارض انتخاب فرنجية، ويعمل للحصول على دعم دولي لترشيحه شخصياً، وهو قدم إغراءات
للفرنسيين، في البلوكين ٤ و ٩ ، فبعد أن تنازلت نوفتاك عن حصتها البالغة ٢٠٪ للبنان، قام لبنان ببيعها إلى شركة توتال، التي باتت تملك ٦٠٪ ، وهذا تم بموافقة قطرية بعد أن كان مقرراً بيعها لقطر .
لا يمكن لباسيل أن يكون رئيساً للجمهورية، ولكن حتى يقتنع بذلك بشكل نهائي، سيبقى انتخاب رئيس للجمهورية معلقاً، لأن انتخاب فرنجية يحتاج إلى موافقة باسيل ودعمه وكذلك أي مرشح آخر ، فحزب الله لن يقبل بعزل باسيل.
يضع باسيل فيتو على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون، بحجة أن هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، والحقيقة أن باسيل يخشى وصول العماد جوزيف عون، لأنه يعتبر أنه سينافسه على زعامة المسيحيين، وسيأخذ من شعبيته وجمهوره، لذلك هو يرى أن فرنجية سيبقى أقل خطراً عليه، خاصة إذا تلقى وعداً من حزب الله، بدعم ترشحه في المرة القادمة بعد فرنجية.
لذلك إذا خُيّر باسيل بين فرنجية وقائد الجيش، فهو على الأرجح سيختار فرنجية، وعندما يحصل ذلك سيصبح ترشيح فرنجية رسمياً، خاصة أنه كما أعلن علي حسن خليل، بأن فرنجية هو مرشحهم المفضل، أما كتلة اللقاء الديمقراطي، فإذا طال الفراغ، وكان الخيار بين استمرار الفراغ وانتخاب فرنجية، فقد توافق على انتخاب فرنجية، فهو نال دعم جنبلاط في عام ٢٠١٦، والأهم أن فرنجية يبدو مقبولا
من الفرنسيين، وحضوره في مؤتمر دعم تطبيق اتفاق الطائف، الذي تم برعاية سعودية، أعطى إشارة إيجابية.
وعن المؤتمر التأسيسي قال سريوي: الأفضل أن نطبق ما تم الاتفاق عليه في الطائف، فما قيمة أي دستور أو قانون إذا كان لا يطبق!!؟؟ وكيف يجوز للسلطة التشريعية أن لا تطبق الدستور، أو تقوم بمخالفته!!!؟؟؟ للأسف لدينا نواب لم يقرأوا الدستور، ولا يريدون قراءته.
وقال سريوي: في المحصلة وعلى الأرجح سيكون فرنجية رئيساً للبنان، لكن الطبخة لم تنضج بعد، وهي بانتظار موافقة جبران باسيل وتبلور الوضع الدولي خاصة حول الصراع القائم في أوكرانيا. ولا اعتقد أن هناك فرصة لزياد بارود، ولو حظي بعدد من الأصوات حتى من داخل التيار، ولا جهاد أزعور الذي يقبل به التيار لكن يرفضه حزب الله، وهذه أسماء لم تحظَ بموافقة الحزب والتيار لأكثر من سبب، ويتم حالياً تداول اسم فريد هيكل الخازن، وكذلك اسم الوزير الأسبق جان لوي قرداحي الذي طرح رؤية إصلاحية مهمة خاصة على الصعيد الاقتصادي، لكن الممر الإلزامي لهذه الأسماء هو موافقة باسيل وحزب الله، ليصار إلى البحث الجدي بها مع الفرقاء الآخرين.
وفي الختام قال سريوي: اتمنى أن يقرأ أعضاء البرلمان الدستور اللبناني، وأن يقوموا بإجراء مقارنة بين المادتين ٤٩ و ٧٩، وكذلك اساتذة القانون، وخاصة بعض النواب، كملحم خلف، فهو كان نقيباً سابقاً للمحامين، ومن واجبه التمسك بتطبيق نصوص الدستور ولا شك أنه يعرفها جيداً وما يطرحه النائب سامي الجميل حول نصاب الجلسة صحيح ويحتاج إلى مقاربة دستورية بعيداً عن التعنت السياسي.
وأنا أقول أعضاء البرلمان وليس النواب، لأن قلة منهم هم نواب حقيقيون عن الشعب، فإرادة الشعب اللبناني لا يمكن أن تكون التعطيل، والفراغ، والمحاصصة، والطائفية، فالشعب اللبناني يريد بلداً مزدهراً، يسوده العدل والمساواة وتطبيق القانون.
يمكن الاستماع إلى المقابلة كاملة على هذا الرابط: