لهذه الأسباب نواب الأمس أفضل ..!!
بقلم: صالح الراشد

 

 

تتراجع مكانة السلطة التشريعية في عيون الشعب، وتصبح قيمتها أقل في ظل فقدانها لثقة المواطنين الباحثين عن الإحساس بتطور الدولة، والشعور بغيرة النواب على الوطن حاضراً ومستقبلا، ليصيب السأم المجتمع الأردني بسبب تدني مستوى الآداء النيابي، في ظل المشاحنات والشتائم والتصريحات النارية منزوعة الدسم في مجلس لم يقدم تشريعات ملموسة لتحسين ثلاثية “الصحة والتعليم والبطالة”، فالشعب يريد حلولاً جوهرية مغلفة بالنزاهة والمنطق السليم وقابلة للتنفيذ، فيما خبراء الخطابات الجوفاء يبحثون عن شيء مختلف يساعدهم على البقاء في المنصب أو توريثه لأبنائهم بعد تعديل الدستور.

لنجد أن العديد من النواب يخرجون من الجلسات بثيات مُتسخة ووجوه مقطعة وكأنهم يخوضون حرباً، ليُقَطّعوا الوعود التي قَطَعوها للشعب في رحلاتهم المكوكية قبيل الإنتخابات، ليشعر الجميع بأن هذه الحروب مجرد مناورات تضليلية، للذهاب بالشعب إلى منطقة هلامية تجعلهم يفقدون التركيز والسيطرة لعدم معرفة حقيقية ما يجري، ليقوم طرفي المعادلة من حكومة ونواب بتبادل التهم وتقاذف المسؤولية، مما يقود الشعب إلى الإختباء وراء نظرية المؤامرة التي سرعان ما يصدقها الكثيرون، ليصبح التيه أعظم والضياع أكبر، لا سيما أن التركيز تمحور حول الجدل السياسي بدلاً من المحتوى الفكري مما أضعف التصدي للتحديات وجعلنا نشك بأن المجلس يناقش الأمور بسطحية قد توصلنا إلى نقطة اللاعودة.

ويبحث الراشدون والمتابعون عن أسباب تحول جلسات النواب من الصراع الفكري المُنتج إلى الصراع اليدوي والجسدي واللفظي المسيء، ويبدأون بتشريح المشهد على أمل الخروج بما يعود بالفائدة على صُناع القرار السياسي أو من يقومون ببناء المجلس، لنجد أن البحث يتركز على مجالس اليوم والأمس، لتبرز الفوارق الكبيرة ما بين جيلين مختلفين في العادات والتقاليد، وهو ما صنع الفارق في حضارة وثقافة الحوار، فنواب الأمس جاءوا عبر نفس الطريق، فالمدارس ذاتها وتشاركوا في العمل المُجد وخاضوا الحروب لبناء الدولة الأردنية، كما أن عدوهم مشترك لتجمعهم صفات عديدة لا نجدها عند نواب اليوم، لتكون القواسم المشتركة عديدة وكثيرة لتنتج مجلس متقارب الفكر بنقاط خلافه قليلة رغم أهميتها.

أما نواب اليوم فلا قواسم مشتركة إلا الرقم الوطني، فالتعليم مختلف ما بين الداخل والخارج، والأعمال متنوعة وطريقة الحياة لا تلتقي بينهم، ولكل منهم فلسفته الخاصة النابعة من الأساس التعليمي والداعم المالي، لنجد أن حوار الماضي أكثر نضجاً واحتراماً، كون التاريخ يجمعهم فيما اليوم فإن التاريخ يمزق الأعضاء ولا يجمع بينهم، فسياسة الجيل القديمة مرتكزة على بناء الوطن والمستقبل، فيما سياسة اليوم تجارة لا رسالة ، والجدل المُحتدم بين النواب ما هو إلى مجرد مشهد مسرحي يتم إعداده بإحترافية متباينة.

ما بين مجالس اليوم والأمس فوارق كبيرة في الشخصيات الوازنة، والتي كان بإمكان أي من رجال الأمس أن يُحرك الشارع، ويصغي لهم الجميع حين يتحدثون، أما نواب اليوم فيتحدثون لأنفسهم فلا يستمع لهم أحد، فكلامهم كغثاء السيل وكالسراب لا ماء ولا حياة بجواره، ويُنتج المزيد من القهر والتعب لشعب لا زال يأمل ويحلم بحياة أفضل ومستقبل واضح.

زر الذهاب إلى الأعلى