في الموازنة اللبنانية 2022 ما هو أخطر من زيادة الضرائب

النشرة الدولية –

المدن – عزة الحاج حسن –

تثير موازنة العام 2022، المرتقب بحث بنودها في الأيام القليلة المقبلة، قلق المواطنين بفئاتهم كافة، من أن تتضمن ضرائب جديدة أو رسوماً تزيد الضغوط المعيشية عليهم، وقد سلب انهيار العملة اللبنانية منهم أكثر من 90 في المئة من قدرتهم المعيشية.

بعد نحو عامين على الفوضى في الإنفاق المالي، تستعد الحكومة، المعطلة أعمالها منذ أشهر، لإقرار موازنة العام 2022 تماشياً مع تطلعات المجتمع الدولي وشروط صندوق النقد الدولي، في إطار خطة التعافي المرجوة. وتعتزم الحكومة إقرار موازنة عامة من دون أي معيار واضح لاحتساب النفقات. فقد اكتفت وزارة المال باعتماد التقدير المباشر فقط في مشروع الموازنة. كذلك الأمر بالنسبة إلى الإيرادات، فلا معيار لتعديلها باستثناء ما نصت عليه المادتان 109 و133، وفي هاتين المادتين تحديداً ما يُنصب للمواطنين ويستنزف ما تبقى لهم من مقدرات.

“دولار” الضرائب والرسوم

من حيث الشكل، لا تتضمن موازنة 2022 ضرائب جديدة أو زيادات ضريبية على المواطنين بشكل مباشر. لكن في واقع الأمر، فإن في الموازنة ما هو أخطر من الضرائب الجديدة وأكثر تأثيراً على قدرة المواطنين المعيشية. هناك ما يشبه “الكمين” في المادة 133 منها، التي تجيز للحكومة أو لوزير المالية بتفويض من الحكومة أن يحدد سعر تحويل العملات الأجنبية إلى الليرة لغايات فرض واستيفاء الضرائب والرسوم. ما يعني أن بإمكان الحكومة لاحقاً تحديد سعر صرف الدولار لاستيفاء الضرائب والرسوم ومنها الدولار الجمركي والـTVA وباقي الضرائب، التي يتم استيفائها حتى الآن وفق سعر صرف الدولار عند 1515 ليرة.

كما نصت عليه المادة 109 لجهة منح وزير المالية، ووزير المالية مع الوزير المختص، لمدة سنتين، حق تعديل النسب والتنزيلات والشطور المتعلقة بالضرائب والرسوم. وليس ذلك فحسب، بل تعديل المواد المتعلق باستيفاء الرسوم بالليرة اللبنانية، والتمهيد لاستيفاء بعضها بالدولار. وهذا يعني رفعها بشكل غير مباشر أقله بالنسبة إلى المواطنين الذين يتقاضون بغالبيتهم الساحقة رواتب بالليرة.

رسوم تطال الجميع

أما الطامة الكبرى التي تتضمنها موازنة 2022، فتتمثل بالمادة 78 التي تفرض رسماً مقطوعاً بقيمة 3 في المئة على كافة السلع المستوردة الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، باستثناء البنزين والمعدات الصناعية والمواد الأولية للصناعات الزراعية. وكذلك المادة 81 التي سيُفرض بموجبها رسم جمركي على السلع والبضائع التي يتم استيرادها، ويصنع لها مثيل في لبنان، 10 في المئة. وهذا يعني أن الغالبية الساحقة من المستوردات الغذائية ستخضع للرسم الجمركي الجديد والرسم المقطوع.

وتضمنت الموازنة مواداً لتعديل رسوم المرافئ والمطارات ودولرتها، إضافة إلى المادة 104 التي تتيح تعديل مدة صلاحية جواز السفر والرسوم المتوجبة عليه، لتصبح صلاحية جواز السفر لـ5 سنوات بتكلفة 600 ألف ليرة، أو 10 سنوات مليون ليرة، مع إلغاء مدة صلاحية الجواز لسنة واحدة.

رسوم الخروج والدخول

وفي المادة 57 من الموازنة يُفرض رسم خروج على المسافرين من لبنان جواً بقيمة 35 دولاراً على كل مسافر من الدرجة السياحية، و50 دولاراً من درجة رجال الأعمال و65 دولاراً من الدرجة الاولى، و100 دولار على الطائرات الخاصة واليخوت الخاصة. أما المسافرين غير اللبنانيين على طريق البر، فيفرض عليهم لدى دخولهم الأراضي اللبنانية رسم دخول بقيمة 50 ألف ليرة يستوفى بموجب طابع مالي.

مساعدات اجتماعية

لم تتضمن الموازنة أي نفقات استثمارية كما خلت من الإنفاق الإجتماعي والصحي، وقلّصت اعتمادات الجامعة اللبنانية ووزارة الصحة. لكنها في الوقت عينه تضمن في المادة 135 إعطاء مساعدة اجتماعية لموظفي الإدارات العامة لمدة سنة اعتباراً من 1/1/2022، تساوي أساس الراتب الشهري و50 في  المئة منه للمتقاعدين. كما أعفت في المادة 37 التعويضات التي تعطى للمستخدمين والعمال نتيجة صرفهم من الخدمة أو استقالتهم من ضريبة الدخل.

العسكريون

ولم تستثن الموازنة العسكريين. إذ شملت الموازنة المادة 125 التي ترفع بموجبها رفع سن التقاعد لدى الاجهزة العسكرية، والمادة 127 التي تعدل فيه مسألة التعويض العائلي، فلا يتوجب التعويض العائلي عند استفادة أفراد عائلة المتوفي أو المتقاعد المتوفي من حصتهم من معاش مورثهم التقاعدي. ما يعني تضييق حالات الاستفادة من الراتب التقاعدي وتخفيض الاستفادة منه إلى حدود 25 في المئة. كما تقترح الموازنة تعديل ملاك السلك العسكري وتعديل شروط الترقية.

تقسيط الضرائب وتسهيلات للمصارف

تضمنت موازنة 2022 عدداً من المواد، منها ما يتيح تقسيط الضرائب والرسوم، ومنها ما ينص على إعفاءات ضريبية لشرائح وقطاعات عديدة، منها المصارف. فالمادة 19 تسمح وبصورة استثنائية ولمرة واحدة فقط للمكلفين بكافة الضرائب والرسوم التي تتولى مديرية المالية العامة تحقيقها وجبايتها، بما فيها الضرائب المقتطعة عند المنبع، والضريبة على القيمة المضافة، والضرائب الناتجة عن التكليف الذاتي، تقسيط الضرائب والرسوم المتوجبة عن أعمال 2020 وفق 3 سنوات، أو سنة ونصف، أو سنة، مع فوائد تعادل الفائدة على سندات الخزينة.

المادة 20 تجيز تقسيط الضرائب الواقعة على أشخاص القانون العام كالبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة وسائر أشخاص القانون العام، المتوجبة عليهم التزامات لصالح الخزينة ناتجة عن المخالفات المتعلقة بالضرائب والرسوم التي تحققها وتحيلها مديرية المالية العامة والغرامات الناتجة عن إشغالها لاملاك الدولة.

كما تشمل الموازنة تسويات ضريبية وتسوية الغرامات المفروضة بموجب قوانين الضرائب، وحسومات ضريبية للمؤسسات منها الصناعية والسياحية، ولم تستثن كبار المكلّفين. وتضمنت حسماً للضرائب على الأرباح للشركات الناشئة وغيرها. كما تفرض المادة 40 الإخضاع لأحكام قانون ضريبة الدخل بمعدل 10 في المئة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة كافة، المفتوحة لدى المصارف، بما فيها حسابات التوفير وحسابات الائتمان والسندات وغيرها.

وضمت الموازنة مواداً تتيح إعفاء الشركات الدامجة من ضريبة الدخل. وهو ما يشمل إعفاء المصارف من الضريبة، وإعفاء فوائد الودائع بالعملات الأجنبية لمدة 5 سنوات من الضريبة.

الودائع بالدولار

وفي الموازنة حصة للودائع المصرفية. إذ تفرض المادة 132 سداد الودائع التي يتم إيداعها بعد نفاذ هذا القانون بالعملة عينها، وترفع قيمة الضمانة على الودائع الجديدة إلى 50 ألف دولار، على أن تحدد دقائق هذه المادة بقرار من حاكم مصرف سلامة. كما تقترح المادة 118 تعديل قيمة ضمان الودائع المصرفية المشمولة بضمانة مؤسسة ضمان الودائع المصرفية ورفعها إلى 600 مليون ليرة.

زر الذهاب إلى الأعلى