مليشيات الحوثيين يهددون الإمارات مجددًا… سيناريوهان يحكمان “المواجهة المفتوحة”
النشرة الدولية –
الحرة –
بعد أول هجوم حوثي مؤكد يستهدف أراضي الإمارات، عادت الجماعة المسلحة إلى أسلوب التهديد ولكن هذه المرة من باب تحذير المستثمرين الأجانب من استمرار عملهم في ما وصفتها بالـ”دويلة”، الأمر الذي قد يرفع من حدة التوتر بين الجانبين، بحسب مراقبين.
ودعت الإمارات، التي ترد والتحالف العربي عبر ضربات جوية مكثفة في اليمن، الولايات المتحدة إلى دعم إعادة تصنيف المتمردين اليمنيين “منظمة إرهابية”.
وقال المتحدث باسم قوات الحوثي، العميد يحيى سريع في تغريدة أمس: “(..) ننصح الشركات الأجنبية في دويلة الإمارات بالمغادرة كونهم يستثمرون في دويلة غير آمنة طالما وحكام هذه الدويلة مستمرون في العدوان على بلدنا”.
وفي وقت جددت واشنطن التأكيد على ما ذكره الرئيس الأميركي، جو بايدن، مؤخرا بأن إعادة إدراج “جماعة أنصار الله” على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية هي “قيد البحث”، تزامنا مع إدانة مجلس الأمن للضربة في أبوظبي، يطرح التساؤل حول مدى جدية هذه التهديدات؟
يجيب المحلل السياسي اليمني، عبد الناصر المودع، في حديث لموقع “الحرة”، قائلا: “جماعة أنصار الله معزولة على أرض الواقع، ولذلك لا تعنيها المواقف الدولية”.
وأوضح أن “الحوثيين المدعومين من طهران لا يخشون من وضعهم في قوائم الإرهاب الأميركية، لاسيما أن لإيران خبرة كبيرة في التهرب من العقوبات الاقتصادية”.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد أدرجت الحوثيين على قائمة المجموعات “الإرهابية” في كانون الثاني 2021.
وبعد تسلم الرئيس بايدن مهامة ألغى تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية للسماح باستمرار عمل المنظمات الإنسانية في اليمن، والمساهمة في الوصول لحل ينهي الحرب.
وتدور حرب في اليمن بين القوات الحكومية والمتمردين الذين شنوا هجوما واسعا وسيطروا على مناطق كثيرة بينها العاصمة صنعاء منذ العام 2014. وتدخل التحالف لدعم القوات الحكومية في 2015. وتسبب النزاع بمقتل أكثر من 377 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
وهناك 16.2 مليون شخص (حوالي نصف السكان) يعانون من انعدام الأمن الغذائي بحسب الكثير من المنظمات الإنسانية بالإضافة إلى معاناة ما يقرب من 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد.
بينما يتمسك المحلل السياسي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، في حديث لموقع “الحرة”، بأهمية إدانة مجلس الأمن والدعم الدولي والأممي، ولكنه في الوقت نفسه لا يستبعد “استمرار خطر هذه الجماعة الإرهابية”.
والجمعة، ندد أعضاء مجلس الأمن الدولي “بأشد العبارات بالاعتداءات الإرهابية الشائنة التي شنها في أبوظبي” المتمردون الحوثيون في اليمن، وذلك في بيان صدر، الجمعة، بالإجماع، وفق ما أفاد دبلوماسيون.
وأضاف عبد الله: “الإمارات تعرضت لهجوم إرهابي وردت على هذا الهجوم باستهداف مواقع حوثية مع التحالف العربي، ولكن هذا لا يعني إنهاء الحوثيين أبدا”.
وتبنى الحوثيون الهجوم الذي استهدف أبوظبي، الاثنين، وأوقع ثلاثة قتلى، مشيرين إلى أنهم استخدموا فيه صواريخ وطائرات مسيرة، وهو أول هجوم حوثي مؤكد يستهدف أراضيها، وفق وكالة فرانس برس.
وهدد الحوثيون بتنفيذ هجمات أخرى داعين المدنيين في الإمارات إلى الابتعاد عن “المنشآت الحيوية”.
وشدد عبد الله على أن “الجماعة اليوم لم تعد تشكل تهديدا على الإمارات والسعودية فحسب، بل على باقي دول الخليج”.
وكان الحوثيون قد شنوا مرارا هجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة على السعودية لكنهم لم يعلنوا مسؤوليتهم سوى عن عدد قليل من هذه الهجمات على الإمارات التي نفت وقوع معظمها.
وعن مدى جدية تهديدات الحوثيين الأخيرة، يرى المودع أن ذلك “يعتمد على التطورات العسكرية والميدانية في اليمن، حيث لن يتراجع الحوثيين عن شن الضربات في الداخل الإماراتي إذا لم يتوقف دعم أبوظبي لبعض القوات في شبوة”.
وتعد السيطرة على شبوة أمرا مهما من الناحية الاستراتيجية. فمن خلال الاستيلاء على المحافظة، قطعت قوات ألوية العمالقة خطوط الإمداد عن الحوثيين الذين يحاولون بدورهم اقتناص مدينة مأرب الغنية بالنفط شرق صنعاء.
في المقابل، يشدد عبد الله على أن “التهديدات الحوثية ليست جديدة”، ولكنه يستدرك قائلا: “هذه الجماعة أثبتت أن لديها قدرات لا يستهان بها وبأنه يمكنها الوصول إلى أهدافها، وهذا يقابله قدرة الإمارات واستعدادها لأخذ هذه التهديدات بعين الاعتبار ومواجهتها”.
وعن السيناريوهات المتوقعة لإنهاء التصعيد الحالي، يتوقع المودع أن “ترجع الإمارات خطوة إلى الوراء، من خلال العودة لموقفها السابق حيال الملف اليمني”.
وعام 2019، أعلنت الإمارات أنها ستخفض قواتها في مناطق عدة في اليمن ضمن خطة “إعادة انتشار” لأسباب “استراتيجية وتكتيكية”.
وأكد المودع على أن “التصعيد الإماراتي يعني المزيد من هجمات الحوثيين”.
وكذلك يشدد المحلل الإماراتي على أن “المواجهة مفتوحة ما دامت إيران السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة”.
ويشير المودع إلى أن “استمرار المواجهة والضربات الجوية يعني تعرض الإمارات والتحالف لمزيد من الانتقادات الدولية، لاسيما في ظل وجود تقارير عن استهداف مدنيين”.
وكانت الولايات المتحدة، قد دعت الجمعة، إلى “وقف التصعيد” في اليمن، متحدثة عن سقوط “أكثر من 100 قتيل في الأيّام الأخيرة” بينهم ما لا يقل عن 70 قتيلا في غارة جوّية على سجن في صعدة، بحسب بيان صادر عن الخارجيّة الأميركية.
ونقل البيان عن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، قوله إن “الولايات المتحدة قلقة جدا (…) من التصعيد في اليمن”، داعيا “جميع أطراف النزاع إلى وقف التصعيد والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي والمشاركة الكاملة في عمليّة سلام شاملة بقيادة الأمم المتحدة”.
وقُتل سبعون شخصا على الأقل وأصيب 138 بجروح في غارة على سجن في صعدة في شمال اليمن، واتهم المتمردون الحوثيون طيران التحالف العسكري بقيادة السعودية بارتكاب “جريمة” في صعدة التي تعتبر معقلا لهم.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان، الجمعة، بـ”الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده السعوديّة والتي استهدفت سجنا في صعدة”.
ودانت الخارجية الإيرانية “الغارات الجوية الأخيرة لتحالف العدوان على مناطق سكنية باليمن”، في بيان للمتحدث باسمها سعيد خطيب زاده.
ورأى أن “استمرار الهجمات العسكرية للتحالف على اليمن في ظل صمت المجتمع الدولي وعدم مبالاته، وبيع الأسلحة بلا ضوابط للمعتدين، واعتماد نهج متحيز وازدواجية المعايير في المجتمع الدولي في مواجهة العدوان الغاشم على الشعب اليمني خلال سبع سنوات، جعل الطريق لتحقيق السلام العادل بهذا البلد أكثر صعوبة”.
في المقابل، نفى التحالف العربي بقيادة السعودية، ما تم تداوله من تقارير حول استهداف التحالف لمركز احتجاز بمحافظة صعدة اليمنية، مشددا على أن هذه التقارير “عارية عن الصحة”.
وفي بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية، وصف المتحدث باسم التحالف تركي المالكي أن ما أعلنته “الميلشيا” الحوثية ادعاءات غير صحيحة، بحسب تعبيره.
وتابع المالكي أن ما سوقت له الميليشيا، التي وصفها بـ”الإرهابية المدعومة من إيران، يعبر عن نهجها التضليلي المعتاد”.