عندما يتكلم رجالات الدولة!
بقلم: رجا طلب

الراي –

فجاة وبدون سابق إنذار أوقدت النار تحت طنجرة «الحياة الحزبية» وبدئ بتسجيل الأحزاب، فبعد عدة أيام من الانتهاء من إقرار التعديلات الدستورية ومخرجات تحديث المنظومة السياسية أخذنا نسمع عن تسجيل واشهار احزاب سياسية جديدة (18 طلبا جديدا.. وموجود رسميا 53 حزبا مرخصا) في أغلبها تحمل برامج سبق للكثير من الاحزاب غير الايدولوجية أو الأحزاب الوسطية أن وضعتها في صلب رؤيتها للتعامل مع الوضع الوطني الاردني بكل ابعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالاضافة لرؤيتها للتعامل مع القضية الفلسطينية والوضع العربي، كل هذا يتم ونحن بعد أحوج ما نكون لفهم وتفهم ابعاد التعديلات الدستورية الاخيرة سواء التي قدمت من اللجنة الملكية أو تلك التي قدمت من الحكومة، وهي تعديلات منها ما يحمل اثرا بعيد المدى وحساسا للغاية ومنها ما هو بسيط وليس مؤثرا إلا في نطاق فني محدود، وفي غياب حوار مجتمعي جدي وعميق لتلك التعديلات التي باتت بانتظار التوشيح الملكي لتصبح نافذة المفعول، ابدى عدد من رجالات الدولة من الصف الاول والوزن الثقيل ومنهم بعض رؤساء الوزارات السابقين وجهات نظرهم حيال تلك التعديلات وقام البعض منهم بشرح ابعادها على الدولة ونظامها السياسي اما بالتفاعل الايجابي مع الاعلام من خلال تصريحات ولقاءات تلفزيونية او صحفية او في الندوات وورش عمل او عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والغريب ان بعض النخب السياسية التي كانت بالأمس القريب تُعيب على رجالات الدولة صمتهم وغيابهم عن المشهد العام وتصفهم بانهم «سلبيون» نقلوا البندقية من «كتف إلى كتف» وانقلبوا على ذواتهم ووجهوا انتقادات لاذعة لمن تكلموا وعبروا عن ارائهم حيال قضايا وطنية بالغة الحساسية والاهمية، أما المسألة الخطيرة التي استوقفتني في ردود الفعل على اراء «اصحاب الدولة» فهي منسوب الاتهامية العالية وسوء الظن الذي وجه للذين تحدثوا بمنطق نقدي وطني هدفه الصالح العام، هذا عدا عن المزايدة عليهم وطنيا والافتراء عليهم وتلفيق التهم التى لا تستند الى اي دليل او سند يذكر، اما عنوان كل ما سبق فيمكن اختصاره بالتساؤل المزدوج الذي طرح خلال هذا التجاذب (لماذا لم تفعلوا انتم، او ماذا فعلتم انتم عندما كنتم في المسؤولية؟).

بكل أسف هذه الظاهرة هي نوع من انواع الإرهاب الفكري ومؤشر محبط يدلل على عدم النضج السياسي لدي بعض النخب السياسية التي تعلن الاستعداد لخوض غمار مرحلة سياسية جديدة مع قرب دخولنا المئوية الاولى للدولة الاردنية ومع السعي الحثيث لبناء حياة سياسية حزبية اساسها المصلحة الوطنية العليا التي تتبارى تحت خيمتها الآراء والافكار دون تكفير أو تخوين أو اقصاء على قاعدة أن الوطن للجميع وأن لكل شخص اجتهاده الوطني.

رؤساء الوزراء السابقون والوزراء وغيرهم من نواب وأعيان وشخصيات وطنية عامة هم مواطنون بالدرجة الأولى لهم الحق أن يدلوا بدلوهم بعد مغادرتهم مواقعهم الرسمية فهم ليسوا موظفين بل هم سياسيون، والسياسي الحقيقي لا يتقاعد.

زر الذهاب إلى الأعلى