إنذار خليجي للبنان وشروط لاستئناف العلاقات الديبلوماسية
بقلم: غادة حلاوي
ورقة بنود أمنية وسياسية وشراكة في الرقابة على الصادرات
النشرة الدولية –
لم تخف ديبلوماسية وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصبّاح لهجته الصارمة تجاه المطلوب من لبنان عربياً وخليجياً وحتى دولياً. تعبيره عن حرص بلاده ودول الخليج على العلاقة مع لبنان لم يلغ تسليمه المسؤولين انذاراً فضّل المسؤولون تفسيره على انه «ورقة تفاهم» عبارة عن بنود عدة واقتراحات حلول من بينها ما يتعلق بطلب مراقبة البضائع التي تخرج من لبنان عبر المطار او الحدود والآلية الممكنة لذلك وهي التعاون مع القوى الامنية اللبنانية في هذه المهمة مع اقتراح آلية لحرس السفارات. تضمنت الورقة بنوداً سياسية واخرى عملانية امنية متصلة. روت الزيارة حاجة لبنان المتعطش للفتة عربية فاذا بها مبادرة مباركة عربياً وخليجياً ودولياً سيكون لتخلف لبنان عن الالتزام بها عقوبات وخيمة.
ويمكن اعتبار ورقة العمل الكويتيتة العربية الدولية بمثابة انذار للبنان يسبق اي تصعيد محتمل في حال تخلف لبنان عن الالتزام او تعهد بتنفيذ البنود المطلوب منه تنفيذها. وجاءت المبادرة بمثابة بيان شديد اللهجة تجاه لبنان.
كانت الزيارة مقررة قبل الميلاد وارجئت. فضّل الديبلوماسي الكويتي عدم الاعلان عن موعدها مسبقاً تلافياً لفشلها. التزم لبنان بالرغبة الكويتية واحيطت الزيارة بسرية الى حين وصل الموفد الكويتي حاملاً مبادرة من ثلاثة عشر بنداً موزعة بين اقتراحات وخطة عمل يتوجب على لبنان الالتزام بها لتكون مقدمة الى عودة التمثيل الديبلوماسي بين لبنان ودول الخليج بعد اسبوع من اجتماع وزراء الخارجية العرب.
يتسلم وزراء الخارجية العرب جواب لبنان فيعلن المجتمعون موقفاً ايجابياً تجاهه والا سيكون لتخلفه تداعيات سلبية عربياً ودولياً وبالطبع خليجياً.
منذ شهرين والمبادرة قيد النقاش عربياً وخليجياً وتمّ تمريرها على دول عربية وأجنبية فحظيت بمباركتها. لغة وزير الخارجية الكويتي الديبلوماسية وتشديده على حسن العلاقة الخليجية مع لبنان لم تُخفِ قساوة عباراته وعتبه المبطن على تحوّل لبنان الى منصة للهجوم على دول عربية. لم يكن ما قاله ليحتاج كثير عناء لفهمه وإن حاول من التقاه من المسؤولين في لبنان تلطيف حدته.
اختصر الشيخ أحمد ناصر الصباح زيارته بالقول «احمل رسالة كويتية خليجية عربية ودولية كإجراءات وافكار مقترحة لبناء الثقة مجدداً مع لبنان وهم الآن بصدد دراستها وان شاء الله يأتينا الرد قريباً ولبنان ساحة أمل للجميع وليس منصة عدوان». وفي العبارة الاخيرة يكمن القصد والفحوى. ومن هنا يمكن استنتاج ان الحاضر الاكبر في المباحثات كان تدخل «حزب الله» في اليمن واعتبار دول الخليج ان لبنان تحول الى منصة هجوم ضدها. ولذا جاء من ضمن البنود ان المطلوب ضبط سلاح الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة. شرطان لعودة العلاقة مع لبنان ومساعدته على ازمته الاقتصادية يفوقان قدرة الدولة على التعهد بتنفيذهما بالنظر الى حجم «حزب الله» الذي يفوق قدرة الدولة بالمونة عليه.
وبالنظر لما قاله الشيخ أحمد ناصر الصبّاح فان الزيارة ترتدي طابعاً اقليمياً ودولياً. وان كان حامل المبادرة هو الكويت لكنه يلعب دور الوسيط في مبادرة خليجية حظيت بموافقة بلدين عربيين هما مصر والاردن وبلدين غربيين هما فرنسا والولايات المتحدة الاميركية فيما بقيت بعيدة عنها كل من سوريا والعراق واليمن. تنطلق المبادرة من ان الوضع اللبناني لا يمكن ان يبقى على ما هو عليه وانه لا بد من اجراءات تعيد الثقة الى العلاقات اللبنانية الخليجية المتصدعة.
ترتكز المبادرة على ثلاث عشرة نقطة تؤكد في جانب منها الالتزام ببنود اتفاق الطائف وقرارات الشرعيتين العربية والدولية ويشير بوضوح الى نوع من الالتزام الذي تطلبه دول الخليج لتضمن ما تسميه موقف لبنان من تدخل «حزب الله» في الشؤون الخليجية. وتتحدث المبادرة عن مطالب خليجية من لبنان بما فيه التشدد في اجراءات مكافحة تهريب المخدرات، وتشي بشكل او بآخر ان التزام لبنان بمسائل لها علاقة بالقرارات الدولية يعني بالمقابل نوعاً من الدعم الخليجي لحل الازمة المالية في لبنان بالتعاون مع المؤسسات الدولية. وعد لبنان بدراسة المبادرة وما تضمنته والاجابة برسالة خطية على كل بند من بنودها سيحملها وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب الذي سيشارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سيعقد في الكويت اواخر الشهر الجاري وستؤول الرئاسة الى لبنان.
يؤكد وزير الخارجية عبد الله بوحبيب الاجواء الايجابية التي سادت مباحثات الضيف العربي مع المسؤولين في لبنان منوهاً بعمق العلاقة التي تربط الكويت بدولة لبنان الشقيق شارحاً كيف سعت الكويت باستمرار الى الوقوف الى جانب لبنان ومساعدته للنهوض من ازمته وكيف ان وزير خارجيتها ابدى خلال زيارته استعداد بلاده لاعادة بناء اهراءات القمح والتي كانت بنتها الكويت في العام 1969.
يرفض بو حبيب اعتبار ما تسلمه والرؤساء الثلاثة ورقة شروط أو تحذير خليجي للبنان ويعتبرها «ورقة تفاهم وليست شروطاً بدأ العمل عليها منذ مدة» مشيراً الى انه سيحمل الاجابة عليها خلال حضوره اجتماع وزراء الخارجية العرب آخر الشهر الجاري. يمكن اعتبارها زيارة تلطيف الاجواء بين لبنان ودول الخليج ينتظرها لبنان بفارغ الصبر وقد تشكل مؤشراً ايجابياً الى تحسن علاقته مع دول الخليج لولا أن المطلوب يفوق قدرة لبنان على تحقيقه وان كانت البنود الشروط ستكون موضع نقاش الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية خلال اجتماع سيدعو اليه رئيس الجمهورية ميشال عون هذا الاسبوع.
في الخلاصة النهائية التي خرج بها من لبنان، لمس وزير الخارجية الكويتي تجاوب الرئاسات الثلاث مع المبادرة التي حملها كاملة وانهم وعدوا برد مكتوب ومفصل اواخر الشهر، لكن ماذا لو اكد لبنان وجود التزامات تخرج عن نطاق قدرته على تطبيقها وان القرارات طالما هي دولية فلا طاقة للبنان على تنفيذها؟