“مولا” فنان فرنسي – جزائري يمزج بين السحر والفن الرقمي

الواقع المعزز أو السحر التقني: ألعاب الخفة بتقنيات العالم الحديث

النشرة الدولية –

العرب – حنان مبروك –

تبهر ألعاب السحر الجميع وخاصة الأطفال والمراهقين. ورغم اتباع الفنانين “السحرة” تقنيات وأساليب قديمة صار الجميع، بفضل كاشفي الخدع عبر فيديوهات يروج لها أحيانا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يدركون حقيقتها إلا أن الساحر الفرنسي مولا يبهر كل من يشاهده بتقنيات حديثة يطوع فيها التكنولوجيا والابتكار.

لم يكن مولا فنانا معروفا في الدول العربية، لكن مشاركته مؤخرا في عرض بمسرح منتدى شباب العالم أمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي واهتمام الإعلام المصري بموهبته التي أبهرت الحضور، جعلاه يحلّ ضيفا على برامج تلفزيونية ويصبح حديث المواقع الإخبارية، فماذا قدّم مولا ليكون “الساحر المبهر” في عالم مليء بأشباه “السحرة” و”السحرة” التقليديين؟

لم يقدّم الساحر الفرنسي – الجزائري نموذجا مطولا عن ألعابه السحرية، بل استعرض أمام الجمهور لمدة خمس عشرة دقيقة قدرته على تحويل أشياء افتراضية إلى واقع ملموس.

الجميع يعلمون أن هذا الأمر غير ممكن ولا يقبله المنطق، لكن الفنان استطاع بدمج التقنيات الحديثة في الصوت والصورة أن يوهم المتفرج بأنه يحول المظلات المتساقطة من السماء عبر شاشة عرض عملاقة إلى مظلات حقيقية تتساقط حوله فيسارع إلى الإمساك بها، ثم استطاع بفضل التقنيات نفسها وحركاته المشتتة للانتباه أن يوهم الجميع بأنه حول هاتف فتاة من الواقع إلى الشاشة، ثم طحنه داخل آلة لصنع العصير، ليعيد إظهاره على الشاشة ويلتقط به صورة ثم يرجعه إلى صاحبته وكأن شيئا لم يكن.

ويعتمد مولا، مثله مثل الفنانين الممارسين لألعاب الخفة والسحر، مبادئ أساسية لها جذور في مجالات تتداخل مع الكثير من العلوم من بينها علم النفس، مثل مبدأ الإدراك والانتباه وكيفية معالجة المعلومات، وقد صار الفنان ماهرا في اللعب على الحالة النفسية للمتفرج وجذب انتباهه كليا عبر تشتيت أفكاره وتوجيه حواسه وخاصة حاستي النظر والسمع نحو ما يريده.

وكل هذه القدرات ضمنت لمولا النجاح في خداع المتفرج وتقديم عرض مبهر.

ومولا (الاسم الحقيقي مولا ديابي) هو فنان متخصص في الواقع المعزز والسحر التقني، من مواليد العام 1988 في فرنسا، واشتهر باستخدامه التقنيات الجديدة.

وهو معروف خاصة بظهوره المتنوع على التلفزيون والإذاعة في بلده. وتصفه صحيفة “لو باريزيان” بأنه “الشاب العبقري الوهمي”.

بدأ بأداء العروض السحرية “التقليدية”. وكان يؤدي حيله الأولى أمام جمهور خاص إلى حد ما، إذ كان جمهوره زبائن مطعم عائلته الذي كان مكانا مفضلا له يصقل فيه موهبته ويجرّب فيه الحيل المبتكرة والخدع البصرية الجديدة. ثم غادر للعمل في مختبر في الولايات المتحدة، حيث استكشف الصلة بين السحر والتكنولوجيا.

ولصقل مواهبه وتنميتها التحق مولا بمدارس تدرّس المسرح ومدرسة التمثيل الصامت ومدرسة للرقص في باريس.

وحصل على جوائز فرنسية منها جائزة “لافال” الافتراضية الخاصة في عام 2012، وجائزة “ماندراك” في عام 2017.

في يناير 2012 أطلق شركة “السحر المعزز”، وهي شركته المتخصصة في تطوير السحر التكنولوجي. وله قناة على موقع يوتيوب المتخصص بنشر الفيديوهات حيث ينشر ثمار إبداعاته، ويقيم عروضا بالتعاون مع علامات تجارية كبيرة حول العالم مثل “مايكروسوفت” و”إنتل”.

ومولا الشغوف بالسحر منذ طفولته، متأثر بعدد من لاعبي الخفة في العالم من بينهم الأميركي ديفيد كوبرفيلد والفرنسي جيمس تييري والروسي سلافا بولونين.

ويقول واصفا نفسه “لقد كنت متحمسًا منذ أن كان عمري ستّ أو سبع سنوات. كنت أشاهد فيلم ‘سوبر مان صورينغ’ على شاشة التلفزيون. ذات يوم أردت أن أفعل الشيء نفسه بالقفز من الدرج. بالطبع، لقد وقعت! ثم أدركت أنه ليس لدينا قوى سحرية. خاب أملي. منذ ذلك الحين أقول لنفسي إنه ما زال ممكنًا. عندما كنت في العاشرة من عمري قابلت ساحرًا. عندما رأيته علمت أن السحر خدعة ممكنة فقط لأن شخصًا آخر فعل ذلك”.

ويشارك مولا السحر والتكنولوجيا مع فنانين معاصرين آخرين، مستفيدًا بشكل كامل من الأدوات الرقمية والتكنولوجية الجديدة. وينبع الارتباط بين الاثنين من استخدام لاعبي الخفة الآخرين أحدث التطورات المتاحة لديهم في أزمنة مختلفة من بينها (الميكانيكا، وصناعة الساعات، والتقدم التلفزيوني) لتكوين الأرقام السحرية.

يهدف سحر مولا المعزز إلى “خلق مشاعر جديدة بين السحر والفن الرقمي”. بفضل الجهاز الرقمي الغامر في الوقت الفعلي الذي تم وضعه في مكانه يمكن للجمهور أن يرى ويسمع ويشعر بهلوسة “المسافر” في اللوحات المختلفة.

ومن بين عروض هذا الفنان الفرنسي عرض “معجزات مولا” الذي تم إنشاؤه بمساعدة فريق كامل من المهندسين ومصممي الغرافيك ومصممي الرقص… إلخ، والذي يسرد فيه عبر أسلوبه المختلف في ألعاب الخفة تاريخ السحر وخرافاته في سلسلة من المشاهد التي تقوم على التفاعل مع الجمهور. ويتعامل خلال العرض مع الخرائط أو الهواتف المحمولة أو سماعات الواقع الافتراضي ليوهم المشاهد بأنها أمور تحدث “الآن” و”هنا” فيستغرب تعرضها للإتلاف ومن ثم تتم استعادتها.

زر الذهاب إلى الأعلى