اتصالات رئاسية لبنانية للرد على المبادرة الكويتية “ترحيبا من دون اللجوء إلى تفنيد بنودها”
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
في الثلاثين من الجاري يعقد الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الدول العرب في الكويت، ويشارك فيه وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي سيحط في الكويت يوم السبت في التاسع والعشرين من الشهر حاملا معه رد لبنان الرسمي على بنود الورقة الكويتية إلى نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح،على أن يلتقي على هامش الاجتماع عددا من نظرائه العرب والخليجيين للبحث في الملف اللبناني، علما ان كلمة بوحبيب في الاجتماع سوف تعكس الموقف اللبناني الرسمي من العلاقات اللبنانية –الخليجية لجهة الحرص على تعزيزها وتطويرها، فضلا عن شروع لبنان في الاصلاحات لمعالجة الازمات التي يمر بها وحاجته إلى دعم عربي ودولي في هذه المرحلة.
مروحة الاتصالات على خط المقارات الرسمية مستمرة من أجل الوصول إلى اتفاق حول الرد الذي سيقدمه بوحبيب في الاجتماع من خلال صيغة لا تغضب الداخل وتعيد ترتيب علاقات لبنان مع الخليج لا سيما مع المملكة العربية السعودية والتي دخلت في مخاض عسير جراء عوامل اقليمية وصراعات المنطقة. وهذه المشاورات الحاصلة حالت دون صدور أي بيان رسمي عن حزب الله ينتقد فيه الورقة الكويتية وطلب الحزب من نوابه ومسؤوليه عدم التعليق على الموضوع. فالأفكار المطروحة محل نقاش بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي للوصول إلى ورقة تتضمن ترحيبا بالمبادرة الكويتية من دون اللجوء إلى تفنيد بنودها.
وبحسب المعلومات فإن رئيس الجمهورية تسلم مسودة الرد من وزير الخارجية عبد الله بوحبيب على أن يدرسها تمهيدا لإرسالها إلى الرئيسين بري وميقاتي تمهيدا لإرسالها إلى وزير الخارجية الكويتي. ولا تخفي مصادر في تكتل لبنان القوي تحفظ الرئيس عون على البند المتصل بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية والعربية ذات الصلة، خاصة وان التركيز على القرار 1559 يحمل في طياته نيات خليجية تصب في خانة نزع سلاح حزب الله في حين أن ” سلاح الحزب وكما أكد مرارا الرئيس عون، هو جزء من الأزمة الاقليمية ولا حل له إلا بتحقيق سلام في المنطقة”، مع تشديد المصادر على ان لبنان ملتزم بالقرارات الدولية لكن بعضها مرتبط بتسويات إقليمية، مشيرة إلى اننا نبدي ترحيبا بأي مبادرة كويتية لحل الازمة مع الخليج وفي الوقت نفسه يهمنا تحييد لبنان عن الأزمات الإقليمية وعدم تحميله فاتورة الخلافات الاقليمية والدولية.
وتجدر الاشارة في هذا السياق، إلى ان القرار1559 الذي صدر في أيلول العام 2004 دعا يومذاك إلى حل كافة الميليشيات في لبنان ونزع سلاحها ويؤكد سيادة لبنان ووحدة أراضيه وحدته واستقلاله السياسي في ظل السلطة الوحيدة والمطلقة للحكومة والى خروج القوات السورية من لبنان( الخروج السوري حصل اذار 2005 بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط 2005). وبعد ثورة 17 تشرين 2019 اعيد احياء هذا القرار من قبل خصوم حزب الله وبعدما حاولت مجموعات من الحراك دس القرار 1559 في شعارات الثورة، وصولا إلى المحطة الاهم والمتمثلة بالبيان الفرنسي – السعودي الذي صدر عن الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأكد الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680) والقرارات الدولية ذات الصلة.
لا شك أن المبادرة الكويتية لم تأت من عبث لمجرد طرح أفكار. فرفضها سوف يترك ارتدادات سلبية ويضاعف من الحصار الخليجي على لبنان. فالمبادرة هي خليجية بامتياز وتحظى بدعم فرنسي واميركي، وهذا يعني انها، وعلى قدر اهميتها في التأكيد على اهمية الاصلاحات في الطاقة ومكافحة الفساد ، فإنها تحمل تصعيدا ضد حزب الله، فالمساعدة السعودية للبنان مشروطة ببنود اساسية وردت في الورقة الكويتية وتتصل بضمان ألا يكون لبنان منطلقا لأي أعمال إرهابية تزعزع استقرار المنطقة وامنها ومصدرا لتجارة وترويج المخدرات وضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة ووقف العدوان اللفظي والعملي ضد الخليجية.
لم ينجح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في عقد طاولة حوار بثلاثة بنود: خطة التعافي المالي والاقتصادي، اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية، ومرد ذلك الحسابات والخلافات في الرؤى من هذه العناوين لا سيما المتصلة بالبندين الاخرين، وهذا ما أشار إليه أمس رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعد اجتماع تكتل لبنان القوي عندما قال: “الورقة الكويتية تتضمن عناوين حساسة بعضها متوافق عليه بين اللبنانيين وبعضها خلافي بين اللبنانيين وهي تتضمن المواضيع التي دعا الرئيس ميشال عون للحوار حولها”، مضيفا: “ليت رئيس الجمهورية يدعو اللبنانيين للحوار حول رد موحد على ما طرح في الورقة الكويتية”.
أمام كل ذلك، فان الأسئلة كثيرة حول المرحلة المقبلة إن لجهة الموقف الخليجي من لبنان وان لكيفية تعاطي لبنان الرسمي مع الأزمة التي يبدو حتى الساعة أنها عصية عن الحل. فحزب الله لن يتخلى عن سلاحه، ومواقفه مما يجري في اليمن سوف تستمر. وهذا يعني أن البلد على رصيف انتظار ما ستسفر عنه نتائج مفاوضات فيينا، فأي اتفاق أميركي – إيراني سوف يساهم بتهدئة الأوضاع في لبنان، لكن أي تصعيد خارجي سوف يجد لبنان أرضا خصبة لتصفية الصراعات والحسابات عبر أحداث الامنية قد تطيح بالانتخابات النيابية المقبلة.