الأخلاق في خطر
بقلم: مبارك فهد الدويلة

النشرة الدولية –

قررت ألّا أكتب عن استجواب وزير الدفاع مع أنه موضوع الساعة، والسبب أنني وجدت الساحة السياسية ملأى بالغث والسمين، وقرأت تأثير الغث في وجوه الناس وأفكار الكثير منهم، حتى أصبح الرأي العاقل اليوم من المنكر، الذي يجب مواجهته عند هذا الكثير، وأصبحت عبارات التخوين والاتهام بالانبطاح يُنعت بها العقلاء والمخلصون! إذاً السلامة مكسب هذه الأيام!

لذلك، قررت أن أكتب عن القضية الأخلاقية لسببين:

الأول: لأن أكثر مشاكلنا التي نعاني منها اليوم هي أخلاقية بالدرجة الأولى.

والثاني: إنني رأيت الدعوة إلى العادات السيئة والدخيلة ظاهرة يتبناها عدد من الكتّاب وأصحاب الرأي، فمن كان يتوقع أن نشاهد اليوم الذي نقرأ فيه دعوة صريحة وجريئة إلى الزنى وشرب الخمر والشذوذ؟!

من كان يتوقع أن يأتي اليوم الذي يعجز الأب عن منع ابنته من الخروج ليلاً مع من تشاء وتعود متى ما تشاء؟!

ما يحدث اليوم حوالينا قد يصلنا في أي لحظة ما لم نبادر بالتحذير منه ومنعه.

أهل الأهواء والفتن يروجون لأفكارهم النتنة بأن ما يحدث هو سنّة الحياة والتطور الطبيعي لها، وأن التغيير في العادات آتٍ لا محالة، ولا بد من تدمير العلاقات الأسرية لإشاعة العادات الدخيلة على بيوتنا.

يروجون لأفكارهم الهدامة بتغيير اسم المنكر، فالزنى لا يجرؤون على تسويقه إلا باستبعاد هذا اللفظ، فيدعون إلى السماح للمرأة بمشاركة الرجل في السكن بالفندق من دون عقد زواج، وكذلك الشذوذ لا يجرؤون الدعوة إليه بهذا اللفظ، فيطالبون بالسماح للمثليين (المخنثين) وإعطائهم حقوقهم.. وما هي هذه الحقوق؟ السماح لهم بالتزاوج من بعض.. وهل هناك أكبر من هذه الفاحشة؟

عندما نلغي كل الحواجز بين الرجل والمرأة تنشأ هذه العلاقات المحرمة، وتكثر حالات الطلاق في المجتمعات المسلمة، وتزداد جرائم الدفاع عن الشرف، وهذا الكلام نتيجة إحصاءات رسمية، بينما يأتي هؤلاء ليقولوا بكل استخفاف إن «المطاوعة» ما ينظرون إلى المرأة إلا أداة للجنس! والحقيقة أن الذي يتابع الإعلانات التجارية ودعايات الأفلام السينمائية يدرك من هو الذي يستعمل المرأة أداة للمتعة!

اليوم عندنا أزمة أخلاق! ومحور الأزمة أن هناك تدميراً مبرمجاً لهذه الأخلاق، وهذا التدمير يبدأ بتشويه سمعة أهل الإصلاح حتى يبتعد عنهم الناس، فإن وجدوا خللاً في جمعية خيرية أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وعمموا هذا الحدث الاستثنائي على كل العمل الخيري، وإن وجدوا زلة لأحد الملتحين وصموا كل المتدينين بالزلل، ثم يتجهون للعمل على إضعاف الوازع الديني في النفوس، فيطالبون بتقليل الجرعات الدينية في وسائل الإعلام، وفي المناهج الدراسية، وبعد ذلك يبدأون بشن حملة لتشويه التاريخ الإسلامي وتشويه رموزنا الإسلامية، وتحسين صورة الغرب ورموزهم، ويرجعون كل ذلك إلى ابتعاد الغرب عن الدين، بينما نحن زاد تخلفنا بتمسكنا بثوابتنا الدينية وموروثنا الأخلاقي.

وعندما ترجع إلى حقيقة أصحاب هذا الطرح الخبيث، تجدهم من المفلسين أخلاقياً، حتى أنهم عندما لم يجدوا تعاطفاً معهم من الناس، جاهروا بأفكارهم ونزعوا عنهم ورقة التوت التي كانت تسترهم.

قال تعالى: «وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ..» (الأنعام: 116).

زر الذهاب إلى الأعلى