العلم الفلسطيني لن يغطي عورة بعض الفصائل
بقلم: حافظ البرغوثي
النشرة الدولية –
تعمدت الفصائل الموالية لإيران أن تحشد عناصرها لتظاهرة تأييد للحوثيين بعد عدوانهم على الإمارات.
وتعمدت تلك الفصائل رفع العلم الفلسطيني بدلاً من راياتاها الفصائلية، وهي تتطاول على أنظمة عربية شقيقة لإضفاء صفة الجمع والاختباء وراء العلم، بينما في كل المناسبات الأخرى كانوا يمزقون العلم الفلسطيني، ويصفه محمود الزهار بأنه خرقة بالية من القماش.
ودأبت فصائل منظمة التحرير على عدم الوقوع في فخ التناقضات العربية، وتميزت حركة فتح تاريخياً بأنها لا تتدخل في شؤون غيرها.
وسبق أن قلنا، في مقال سابق، إن من وصايا أبو عمار للمسؤولين الفلسطينيين عدم الدخول أو الرد على أي هجوم إعلامي عربي، لأن المستفيد هو اسرائيل، ولهذا ظلت فتح بعيدة عن الردح المتبادل، وإن انخرط فيه بعض مسؤولي السلطة في بعض الأحيان.
وفي تظاهرة غزة، كلنا نعلم أن التظاهرات ممنوعة مهما كانت إلا بموافقة حماس، فحتى التظاهر من أجل مطالب حياتية أو ضد فرض الضرائب غير المبررة تقمع بالحديد والنار، وحاولت حماس المتواجدة في قطر إخراج نفسها من التظاهرة كلامياً وتبرأت من تصريحات الزهار ”المغوار“ ولامت حركة الجهاد الاسلامي..
لكن مَن يعيش في غزة يعلم العكس، لأنها المحرك لأية تظاهرة، بل هل نظر المتظاهرون المسيرون حولهم؟ هل وجدوا مستشفى إيرانياً أو حياً سكنياً أو مدرسة حوثية؟ فكل ما حولهم من منشآت خدماتية بنتها الإمارات والسعودية والكويت.
كنا من المؤيدين للثورة الإيرانية منذ البدء، لأن النظام الإيراني الشاهنشاهي بدأت شهيته بالتوسع في احتلال الجزر العربية الثلاث، ولكن بعد الثورة بدأ الخطاب بتصدير الثورة ليس شرقاً بل غرباً نحو العراق وغيره.
وكان الراحل أبو عمار، رغم ما قدمه من دعم للثورة الإيرانية قبل انتصارها، أول مَن شعر بذلك من فم الإمام الخميني عندما سمعه يقول أثناء اجتماع بينهما إنه خصص 60 مليون دولار لدعم الثورة الفلسطينية، وأضاف أننا نريد الوصول إلى مياه البحر، فشكره أبو عمار على الدعم واستفسر منه، ولكنكم على بحر العرب والمحيط الهندي، فرد الخميني ”أقصد البحر المتوسط“.
وبعدها غادر أبو عمار طهران وتوجه إلى بغداد، واتخذ له مقراً هناك.
حتى إسرائيل بعد العدوان على المناطق المدنية في الإمارات سارعت للإعراب عن مخاوفها من تعرض ميناء إيلات لهجوم حوثي، وهو كلام إعلامي ليس إلا، لأن التنظيمات المتطرفة مدعية الإسلام لم تمس إسرائيل بأي أذى عبر تاريخها، بدءًا من القاعدة مروراً بداعش والنصرة وجيش الإسلام وتنظيم سيناء..
والأخير اعتاد على قتل جنود مصريين بعضهم كانوا يتناولون طعام الإفطار الرمضاني مع أذان المغرب على بُعد عشرات الأمتار من الحدود تحت نظر الجنود الإسرائيليين، ولم يوجه سلاحه قط نحو الإسرائيليين مثلما هو حال الحوثيين، الذين تمر السفن الإسرائيلية المدنية والعسكرية تحت أنوفهم في البحر الأحمر، ولم يمسوها بقطرة ماء، بينما يهاجمون سفناً عربية فقط.
فلو أحصينا نتاج الحروب والهجمات لهذه الأحزاب والتنظيمات لوجدنا أن أكثر من 95 من ضحاياها من العرب والمسلمين وليس بينهم أي إسرائيلي، بل تحولت إسرائيل إلى مستشفى لجرحى داعش والنصرة وغيرهما، كما أن عمليات الدمج بين هذه التنظيمات كانت تتم في مستشفيات إسرائيلية، حيث يتوجه قادة تنظيم ما إلى إسرائيل عبر أوروبا للاجتماع بقادة يعالجون في إسرائيل..
في السياسة، كما في الاقتصاد، فإن مَن ثمنه مال فهو رخيص، وها نحن نرى فصائل لا ترفع عادة علم بلادها بل راياتها، إلا في التظاهرة الأخيرة وكأنها تريد التعميم على الكل الفلسطيني وإخفاء كبوتها، وقد سارعت قوى شعبية والسلطة وفصائل منظمة التحرير إلى استنكار هذه التظاهرة. ومَن كان ثمنه مالاً فهو رخيص، ولكم في أبو عمار الذي رفض المال قدوة حسنة، وفي أنفسكم قدوة سيئة.