“طعون” طرابلس: يا هيك التغيير يا بلا!
النشرة الدولية –
لبنان الكبير – إسراء ديب –
لم يكترث الطرابلسيون لقرار المجلس الدستوري الذي قضى بإبطال نيابة كلّ من النائبين رامي فنج وفراس السلوم، ليُعلن فوز فيصل كرامي عن المقعد السني في طرابلس وحيدر آصف ناصر من لائحة فنج عن المقعد العلوي، إذْ كان يتوقّع معظمهم هذه النتيجة لا سيما تلك المرتبطة بالوزير السابق كرامي الذي كان متأكّداً وعلى يقين تامّ أنّه سيفوز في هذه المعركة التي وإنْ دلّت على شيء، فعلى الثغرات أو “العيوب” الموجودة في القانون الانتخابي الذي يُسهم في رفع مستوى الاحباط بين الطرابلسيين الذين كانوا قد تفاءلوا خيراً بالتغييريين والناطقين باسم الثورة.
يُمكن القول إن حرب الطعون الانتخابية التي اندلعت بعد الانتخابات، انعكست على الواقع الانتخابي والسياسي لا سيما في مدينة طرابلس التي تعاملت مع هذا الملف بحكمة وروية على الرّغم من حساسيته على أرضها، فلا يخفى على أحد الثقل السياسي أو الوطني الذي يتمتع به آل كرامي ودور النائب كرامي حالياً في زمن الممانعة، كما لا يُمكن إغفال الحلم الكبير الذي تحمّل مسؤوليته النائب فنج خصوصاً بعد ثورة 17 تشرين، فكان عبئاً كبيراً تحمّل بسببه ما لا يُطاق، وذلك نظراً الى عدم قدرة أيّ نائب جديد وتغييري ومهما بلغت جدّيته أو “نظافة كفه وتاريخه” على القيام بأيّ خطوة لاسيما على المستوى الانمائي والاقتصادي، هذا بغضّ النظر عن النائب السلوم ابن جبل محسن الذي واجه ومنذ اللحظة الأولى من تولّي منصبه هجوماً كبيراً يرتبط بالنظام الأسدي، الأمر الذي وصف حينها بـ “سقطة نائب” لكنّها لم تكن تحمل في مضمونها خطورة على المستوى السياسي طرابلسياً أو على مستوى جبل محسن تحديداً.
في الواقع، إنّ الفرحة والبهجة عمّت أوساط “الكراميين” فقط، فرقصوا ودبكوا وغنوا، وكان لافتاً مشهد الدبكة أمام مستشفى الاسلامي الخاصّ لمناصرة خطّ “الارادة الشعبية” التي لم ولن تتغيّر في سياستها وتوجهاتها السياسية، والتي لم تُغيّر في الوقت نفسه الواقع الإنمائي الطرابلسيّ المضروب حتّى النخاع، وفي المقابل غصّت دارة كرامي بالمهنئين الذين أكدّوا أنّ “الحقّ رجع لأصحابه”، في وقتٍ لم يشهد الشارع الطرابلسي توترات كانت تتوقعها أوساط طرابلسية خوفًا من العشوائية التي قد تحدث مع إعلان نتائج الطعون التي لم يبد أيّ نائب طرابلسي تغييري أم لا، رفضه لها أو التشكيك بها. وفي المقابل، لم يُؤدّ إبطال نيابة فنج إلى حدوث أيّ ردّ فعل سلبي أم إيجابي في “عروس الثورة”، في ظلّ هجوم “الكتروني” غير مسبوق وشماتة كبيرة ضدّه من بعض الكراميين الذين رأوا أنّ ما حدث كان انتصاراً أثبت بالوثائق والأرقام.
ومن اللافت تحدّث كرامي عن مبدأ التغيير في تصريحاته الصحافية عقب إعلان النتيجة، إذْ رأى أنّه يتوافق في تطلّعاته مع استراتيجية التغيير والتغييريين أيّ أنّه غير بعيد أبداً عن هذا الخط، من هنا يقول مرجع سياسي إنّ كرامي “قد أضاع البوصلة والجهة الصحيحة، فهو كان يقصد قطعاً طريق الممانعة لا طريق التغيير، طريق معبّد لقوى حزبية ممانعة لا طريق الثورة من أجل طرابلس المنكوبة”.
أمّا في جبل محسن، فأكد المختار عبد اللطيف صالح وهو ناشط اجتماعي وسياسي في الجبل، أنّ المنطقة تحترم قرار المجلس الدستوري، وقال لـ “لبنان الكبير”: “لم تحصل احتفالات ولم يُطلق الرصاص ابتهاجاً أو غضباً من القرار، فمن خير خلف لخير سلف، فسواء أكنّا تحدّثنا عن سلوم أو ناصر فهما شخصيتان جيدتان، لكنّنا نستبشر مع ناصر خيراً، وكلّ ما نريده أن ينطق نائب عن طرابلس باسمنا جميعاً لا باسم جبل محسن فحسب، أيّ أن يتحدّث عن المناطق المحرومة وألّا يُهمّش نفسه تحت إطار طائفي”. ولفت إلى أنّ “أهالي الجبل حيّوا حيدر وباركوا له بعد نجاحه، فيما تحدّث آخرون مع سلوم ليتمنوا له الخير والتوفيق في مسيرته”.
وأخيراً، قد يكون الفضل في الهدوء أو السكينة التي تعيشها طرابلس ولو بنسبة قليلة، للمونديال، الشغل الشاغل لجميع الطرابلسيين، حتّى لكلّ من لا يهتم بالمجال الرياضي، إذ تغصّ طرقات طرابلس ببهجة كلّ مشجع بفريقه فتطلق المفرقعات النارية والسيارات المزينة بأعلام الدّول المشاركة في هذه الفعالية العالمية، الأمر الذي يُؤكّد تراجع اهتمام الطرابلسيين بهذه القضية والتركيز على ما يُنسيهم همومهم ويُبعدهم عن الكرب الذي لحق بهم بسبب سوء إدارة السياسة المحلّية.