عودة الوفد القضائي الأوروبي على المحك: ماذا لو ادّعى القضاء اللبناني على سلامة؟
بقلم: غادة حلاوي
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
في مكتبه يزاول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عمله اليومي كالمعتاد. يستقبل زائريه ويحلل معهم الوضع الإقتصادي والمالي وأبعاد الأزمة ومسبباتها. يتحدث عن القضايا المالية المثارة حوله وتحقيقات القضاة الأوروبيين فيبدي إطمئناناً قلّ نظيره من قبل شخصية تدور في فلك الأزمة وتكال الإتهامات القضائية المحلية والخارجية بحقها. يتصرف الحاكم وكأنه غير معني بما يدور من حوله وهو يعتبر أن لا شيء يدينه وكغيره تابع تحقيقات الوفد القضائي الأوروبي وهو على يقين أنه لن يصل الى نتائج ملموسة.
على أمل العودة غادر الوفد بعد جولة تحقيقاته الأولى. في التقييم القضائي لهذه الجولة أنها لم تقدم قيمة مضافة، وفي تعليقه على مجريات التحقيقات التي أجراها الوفد أعرب أحد كبار القضاة المعنيين بملف التحقيقات مع سلامة وشقيقه رجا عن استيائه لكون التحقيقات التي أجريت بإشراف قضاة لبنانيين، والأسئلة التي طرحت على الشهود لم تختلف عن التحقيقات التي سبق وتولاها القضاء اللبناني حول الملف ذاته قبل عام معتبراً أن ما جرى هو انتهاك للقانون ونيل من دور القضاء اللبناني.
في آخر إجتماع عقده وفد القضاة الأوروبيين معه طلب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات التعاون مع القضاء اللبناني في التحقيقات المتعلقة بملف تحويل الأموال الى الخارج وشركة «فوري» التي يملكها رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
في جولته الأولى لم يخرج بنتائج جديدة، وللمفارقة أنّ التحقيقات شملت أشخاصاً شغلوا مناصبهم كنواب للحاكم في الفترة التي سبقت تاريخ إنشاء الشركة المشار إليها بينما الأشخاص الذين كانوا في مراكزهم في تاريخ إنشائها لم يتم الإستماع لإفادتهم، و»عوض ذلك كانت الأسئلة المطروحة والتي تزيد على الأربعين سؤالاً توجه إلى الشاهد رغم نفي علمه بالشركة وطبيعة عملها» يقول أحد الذين شملهم الإستدعاء لسماع إفادتهم ويتابع، «كان مستغرباً أن طلب الإفادة لم يشمل كل من صودف وجودهم في مهامهم بتاريخ إبرام عقد الشركة المشار اليها بينما استدعي آخرون، ما يطرح التساؤل حول السبب الذي جعلهم لا يستمعون لإفادات كل نواب الحاكم فيقع إختيارهم على أشخاص دون آخرين، ناهيك عن استثناء رياض سلامة وهو الشخص المعني مباشرة بالقضية من الإستدعاء ولو على سبيل أخذ الإفادة». فهل تقصد المحققون السير بتحقيقاتهم على طريقة الهرم المقلوب أي أن تبدأ من مجموعة شهود ثم يتم تضييق الخناق تدريجياً ليصل الى الأشخاص المطلوبين والمتهمين مباشرة أي الحاكم وشقيقه؟
في أولى الجولات تركزت التحقيقات حول عمل شركة «فوري» ومدى معرفة الشهود بها وطبيعة عملها ومصدر أصولها المالية وهوية المستفيدين منها والى أين تذهب أموالها وكيف تجني أرباحها، في محاولة لإثبات تهمة تبيض الأموال وإثبات أن أصل الأموال غير شرعي أي إختلاس، أو أخرجت من مصرف لبنان أي التصرف بالأموال العامة.
عودة المحققين إن حصلت ستشهد استكمالاً لعملهم والإستماع الى إفادات شهود إضافيين لكن مصادر قضائية توقعت أن يشهد الملف تطوراً قضائياً جديداً يتمثل في تولي القضاء اللبناني متابعة التحقيقات والإدعاء من ناحيته على الحاكم وشقيقه في محاولة لتطويق الأزمة التي قد تنشأ في حال الادعاء عليه من ناحيتهم. ويستند بذلك الى الإتفاقية الموقعة عام 2008 والتي تقول إن مجرد وضع يد القضاء اللبناني على قضية ما يعني حكماً إسترداد زمام الأمور وبذلك يتوقع أن يتولى المحامي العام القاضي رجا حاموش الإدعاء على الحاكم ومن يظهره التحقيق في جريمة اختلاس المال العام وتبييض أموال ما ينفي الحاجة لعمل المحققين الأجانب ونشهد تحولاً في مسار التحقيقات مع سلامة المتبقي من ولايته أشهر قليلة. وليس معلوماً ما إذا كنا سنشهد تطوراً دراماتيكياً متعلقاً بملف سلامة شبيهاً بملف تحقيقات المرفأ وأزمة القضاء الخطيرة فنشهد سقوطاً للهيكل على كل المستويات أم سيتم استدراك الوضع؟ الخوف هو من الإحتمال الثاني وهو المرجح.