وقف النزيف الداخلي الحاد
بقلم: أحمد الصراف

النشرة الدولية –

انتهى الاستجواب البائس الذي قدمه النائب «حمدان العازمي» لوزير الدفاع الشيخ «حمد جابر العلي الصباح» بفوز الوزير بثقة الأمة، أو هكذا يفترض، والذي يصنف بين الاستجوابات الخمسة الأسوأ في تاريخ البرلمان!

كان من الممكن أن يكون عدد طارحي الثقة بالوزير أقل من ذلك بكثير لولا جملة «المناكفات» التي أصبحنا نعيشها بشكل يومي في هذا المجلس الأكثر بؤساً من الاستجواب نفسه، بسبب استشراء الصراع على السلطة والمال والنفوذ بين العديد من مكوناته، وبين من يدير بعض هذه المكونات من الخارج لمصالحهم وطموحاتهم!

***

نعم، انتهى الاستجواب لمصلحة من يريدون الخير لهذا الوطن الذي أصبح مثخناً بالجراح، ولكن ماذا كان ثمن ذلك؟

وهل كان من الممكن تجنب دفع ذلك الثمن الباهظ لإنقاذ الوزير من السقوط؟

وهل انتهت الاستجوابات المحبطة والمكلفة، وبالذات التي يقصد بها دفعنا أكثر إلى الكفر بالديموقراطية، وإحراج الحكومة لتبدي عدم رغبتها في الاستمرار أو التعاون وحل المجلس، والدخول في دوامة انتخابات جديدة، وهكذا؟

وهل سيتفرغ المجلس الآن لوظيفته الحيوية والأهم وهي تشريع القوانين؟

***

ربما يتطلب الأمر كتابة مقالات عدة للإجابة على شيء من الأسئلة أو التساؤلات أعلاه، ففي كل استجواب هناك تنازلات حكومية لاسترضاء بعض الأطراف، والتي غالباً ما تكون صاحبة أهداف خبيثة، وتنتظر مثل هذه الفرص لتحقيق أكبر العوائد لنفسها أو للأحزاب الدينية التي تمثلها، قبل أن تعلن موقفها بالوقوف مع الحكومة، أو ضدها.

وهناك تنازلات لآخرين بوعود تعيين أقارب وحلفاء في مناصب حكومية رفيعة، وما يتسبب فيه كل ذلك من ضرر جسيم. وهناك دائماً فوائد ومزايا مادية لغيرهم. كما تضطر الحكومة في أحيان كثيرة إلى الرضوخ لضغوط جهات متشددة ودفع الدولة برمتها للانزلاق نحو «الدولة الدينية»، وهو الأمر الأخطر، والنموذج الذي تخلت عنه كل دول المنطقة، لبؤسه وما تسبب به من خراب بيّن.

لقد خسرنا وخسر الوطن والنظام السياسي الكثير من هذه الاستجوابات العبثية، ومن الممكن، بتردد شديد، القبول بكل ما نتج عنها حتى الآن من دمار، لو كان الاستجواب الأخير هو آخرها، ولكن من الواضح أن الأيام حبلى بأخرى قادمة، وستكون أكثر شراسة وأكثر كلفة، فهل لا يزال في إمكان هذا الوطن تحمل كل هذه التكلفة النفسية والمادية والسياسية والأخلاقية الباهظة لمثل هذه الممارسات العقيمة؟

***

إن الوضع الإداري والأمني والصحي والثقافي والسياسي والاقتصادي في تدهور مستمر، وتخلفنا عن أقراننا واضح، ففي كل استجواب، والسيئ منها قادم خلال أيام قليلة، هناك فئات عديدة مستفيدة ووطن واحد خاسر، وتكرار ذلك فيه نهاية كل جميل في وطننا!

وبالتالي، يطالب أصحاب الضمائر الحية القيادة المستنيرة، بوضع حد لهذا التسيب الذي أصبح يشكل نزيفاً داخلياً حاداً في جسد الدولة، ويتطلب وقفة منها قبل فوات الأوان.

***

ملاحظة أخيرة: انتهى الاستجواب بفشل النائب في دفع الوزير إلى الاستقالة، ولكنه نجح في دفعنا أكثر في اتجاه الدولة الدينية، وغداً سيطلب ربما من كل من تريد العمل الحصول على موافقة ولي أمرها!

ويا أمة ضحكت!!

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى