اسمحوا لي بالصراخ: “يكفي هبل”
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

شعرة تفصل بين العبقرية والجنون، شعرة قد لا يراها البعض بالعين المُجردة تحدد موقعك في هذا العالم، شعرة قد تُخطيء في تحديد مكانها فلا تعلم إن كنت عبقري مجهول أو مجنون في دفاتر رسمية، شعرة قد تطير في مهب الريح فتنقل تصنيفك من فئة العباقرة إلى الحمقى أو العكس، وفي هذه الحالة المنتشرة في بلاد العرب بسبب الرياح وقدرتها على جعل تلك الشعرة تُحلق بعيداً، وبسبب الواسطات والمعرفة والجهالة يكثر الهرج والحمق وتنتشر الفوضى، فيعتقد فاقد العقل صاحب الأمر بأن الشمس تُشرق لأجله وأنه مصدر الكون، وحينها يتوارى العباقرة خجلاً من حال أمة تسير على غير هدى وقد ضلت طريقها وكثر فيها أحفاد “كاليغولا”، فالشعرة تطير فوق الرؤوس والكل مرتعب من مكان وقوعها حتى لا يكتشفون تصنيفهم.

في عالم الحُمق تبدوا الأمور معكوسة كالجسد في المرآة، فالصورة مماثلة ولكنها معكوسة الأطراف، فيعتقد الحمقى أنهم أبطال حقيقيين منتصرين على الجميع لإنجازهم هدف هامشي أو مرحلي يحمل في طياته الأخطار للغير وبالذات إذا سُقِىَ بمياه عادمة تفوح منها رائحة الفساد، وهؤلاء لا يؤمنون بتواصل مصالح الشعب أو غايات سكان العالم، ولا يفقهون بأن الضرر الذي سيصيب أوكرانيا وفلسطين وليبيا والفلبين والبرازيل سينعكس على جميع الدول حتى البعيدة منها، وان الخسائر ستلامس الجميع ففي عالم العقلاء لا منتصر حقيقي وقد انتصرنا كعرب في جميع حروبنا، متناسين أن النصر الحقيقي يكون ببناء القدرات الذاتية الشمولية ونشر ثقافة حرية الفكر والرأي واحترام الآخر وفكره وقيمه، لنجد الحمقى يرفعون شعار النصر مع كل هزيمة لجعل أتباعهم يؤمنون بعظمتهم وقوتهم وهيبتهم، معتقدين انهم أبطال هذا الكوكب الأزرق وصُناع بركاته وتاريخ الأمم وربما يصل الحمق بالبعض ليعتقد أنه “كاليغولا” مقدس كل ما حوله حتى حصانه.

ويعتقد بعض الحمقى أنهم خبراء الإقتصاد في عالم العروبة، وآخرون يصرخون بصوت واثق حد الغرور مثير للشفقة بأن علم السياسة انتهى تحت أقدامهم، ولا يحق لأحد أن يخرج عن تفكيرهم المستهلك الرقيع، وذلك المتكرش حتى الرقبة يصرخ بصوته الجهوري أنا الخبير الرياضي وصانع النجوم وشاهده أعمى، أما تلك المرأة التي لا تُجيد الحديث فتُغرقنا كل يوم بقصائد تفتقد لأبجديات اللغة ويفرضها البعض على الجميع كشاعرة فيشهد لها الطرشان، وهنا يبرز ذلك الاحمق صاحب الصوت الأجش الخارج من أمعاءه ويُصرح أنه الفنان الأشهر وينافسه الصارخ الراقص على جعل الجماهير تتمايل ودليلهما ذلك الأخرس، حقاً انه عالم عربي مجنون ضل الطريق أو شرب حتى الثمالة، لنشعر أنهم سكارى وما هم بسكارى ولكن الوضع غريب عجيب، ففي هذه المنطقة يتولى المناصب من لا يستحقونها حتى يكونوا تحت امرة سيدهم المُضجع في المنصب الأعلى، فيأمرهم فيطيعون ولا يفكرون فتعاني الشعوب ولا يبالون .

والغريب فينا كعرب كأصحاب فكر وثقافة وحضارة ومَدَنية ضاربة في عمق تاريخ العالم باننا لا نعرف لماذا وصلنا لمرحلة الإنحطاط، والأغرب بأن البعض يغضب حين يتم تصنيفنا ضمن دول العالم الثالث الإستهلاكي الدكتاتوري، وللحق لو أن هناك تصنيف أدنى لهبطنا إليه بمظلات الجهل والحُمق التي حيكت باحترافية تدميرية عالية بوضع الرجال في الأماكن غير المناسبة، رغم أننا تاريخ الحضارات ومهد نهضة البشرية وطريق السماء والرسالات، ونحن حلقة الوصل بين القارات إلا أن قرارنا السياسي والاقتصادي لا زالا الأضعف، ورياضتنا وفنوننا الأهون، والمُضحك المُبكي أنه ورغم كل ما في الأمة من جراح وتخلف نجد لدينا من يعتقدون بأنهم عباقرة البشرية في شتى العلوم، وأنهم الشمس المُشرقة ينشرون الضياء وهم أطباء العصر لعلاج جميع الإختلالات، لنجد في نهاية الأمر ان هؤلاء هم سبب الضياع لأنهم ينعقون بما لا يفقهون ويصدحون بما يجهلون، وفي النهاية كالنعام يضعون رؤوسهم في الرمل يحمون بيوضهم التي ستفقس جهلة جديدين فيما يعتقد الجهلاء أنهم سينتجون للأمة أقمار منيرين ، لذا اسمحوا لي أن أصدح بصوتي واصرخ: “يكفي هبل”..!!

آخر الكلام:

كالعادة لا أقصد إلا من اتهم نفسه فهو أخبر بها مني، لكنهم لن يتهمون أنفسهم فداء الحُمق يجعلهم لا يشعرون.

زر الذهاب إلى الأعلى