“نيو” كابيتال كونترول: أحكام عُرفية بيد حاكم مصرف لبنان والبنوك

النشرة الدولية –

المدن  – عزة الحاج حسن –

لن تكون جلسة مجلس النواب، المرتقب انعقادها يوم الثلاثاء المقبل، كباقي الجلسات. بل ربما “تتفجّر” بفعل بند على جدول أعمالها، من شأنه أن يحرّك الشارع فيما لو تم إقراره، هو البند 29 الذي يتضمن اقتراح جديد لـ”الكابيتال كونترول”، معدّل، مشوّه، ممسوخ، يُطلق يد حاكم مصرف لبنان والمصارف على مدى 5 سنوات قابلة للتمديد. يمنحهم صلاحيات غير محدودة لمنع وحجب والتحكّم بأموال الناس، مودعين كانوا أو موظفين أو حتى مصدّرين.

يفرض اقتراح “الكابيتال كونترول” الجديد تشكيل لجنة مؤلفة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو مهندس الانهيار المالي بالتضامن والتواطؤ مع السلطة السياسية، ومن وزير المال يوسف خليل، وهو المصرفي السابق مدير عمليات مصرف لبنان على مدار سنوات وأمين سر سلامة، ورئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، وهو المصرفي والمدافع الشرس عن المصارف، والعضو الرابع المقترح مشاركته في اللجنة هو وزير الاقتصاد أمين سلام، وكلّنا يعلم أنه أعجز من أن يقف بوجه منظومة المصارف.

هذه اللجنة يمنحها اقتراح الكابيتال كونترول صلاحيات مطلقة “باتخاذ أحكام عُرفية” بحق كل صاحب حساب مصرفي، جديداً كان أم قديماً. تسمح وتمنع التحويلات بقرار منها. تحدد السحوبات المصرفية وترسم آلية “الحجر” على أموال المودعين، وتفعل ما تشاء من دون أي رادع أو مانع.

ويفرض اقتراح الكابيتال كونترول الجديد على لجنة الرقابة على المصارف مراقبة عمل اللجنة (المؤلفة من سلامة وميقاتي ووزير المال والاقتصاد) في حين أن لجنة الرقابة على المصارف تعجز اليوم حتى من “معاتبة” مصرف يخالف القوانين. لجنة الرقابة العاجزة تماماً عن ممارسة صلاحياتها، والتي يجهل عدد من أعضائها ماهية صلاحياتهم. فكيف بلجنة الرقابة على المصارف أن تراقب لجنة “الأحكام العرفية” لتطبيق قانون الكابيتال كونترول؟

لجنة “الأحكام العرفية”

اللجنة الوارد تشكيلها في البند رقم 8 من اقتراح “الكابيتال كونترول”، المُعدّل من قبل نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، تعطي نفسها تفويضاً بالتحكم بالنقد والمصارف بعيداً عن القضاء ولمدة 5 سنوات. من هنا يستبعد مصدر نيابي في حديث إلى “المدن” أن يتم تمرير هذا الاقتراح. ويقول إن هذا الاقتراح لا يمكن أن يمر. وفي حال تمريره سيشعل ثورة جديدة، منتقداً كيف يتم توزيعه ليل الخميس ليُحال إلى اللجان المشتركة يوم الإثنين المقبل، ويتم التصويت عليه يوم الثلاثاء. وهو وقت قصير جداً لا يتجاوز يوم عمل واحد، وليس كافياً للتدقيق بالاقتراح من قبل جميع النواب.

وكيف يمكن لقانون أن يعطي لجنة لا تعلو عليها أي سلطة، صلاحيات مطلقة تتعلق بتحديد شروط وأحكام واستثناءات كل عمليات نقل الأموال عبر الحدود ومدفوعات الحساب الجاري والتحاويل. كما تحدّد “اللجنة” الشروط والأحكام الخاصة المتعلقة بالعائدات المالية للصادرات وطريقة تسويتها، بموجب تعميم يصدره مصرف لبنان لهذه الغاية. كما للجنة حرية تحديد كيفية وآلية إخضاع السحوبات النقدية من الحسابات المصرفية كافة، بما فيها حسابات الأموال الجديدة، وصوغ قيود عليها. ويحق للجنة تحديد قيود من شأنها السماح بسحب ما لا يزيد عن 1000 دولار أميركي للفرد الواحد شهرياً، بالعملة الوطنية أو بالعملة الأجنبية، وفق ما تحدده”اللجنة”.

باختصار، يسلّمون رقابنا للجنة يمثّل فيها وزير المال وحاكم مصرف لبنان وسياسيون معرضين للتغيير، ولا نعرف كيف سيتم تطبيق القانون من لجان لاحقة بعد تغيير رئيس الحكومة والوزراء الممثلين باللجنة. وتسأل الخبيرة القانونية والرئيسة التنفيذية لمؤسسة juriscale سابين الكيك: هل هذا هو الاستقرار التشريعي في ظل لجنة معرّضة للتغيير. ثم أن تجديد القانون يمكن أن يتم بعد 5 سنوات. وهذا يعني أن الصلاحية التشريعية ستصبح لمجلس الوزراء فيما خص الكابيتال كونترول، ورئيس الوزراء أصلاً يراس اللجنة المخوّلة رسم كافة الإجراءات والضوابط والقيود على الأموال.

جريمة الكابيتال كونترول

تنتقد الكيك عشرات الفقرات والبنود الواردة في اقتراح الكابيتال كونترول الجديد، لتضمنها شوائب قانونية فاقعة. وترى أن السلطة السياسية تتعامل مع اقتراح الكابيتال كونترول كاستحقاق وحيد في سلسلة الاستحقاقات، “فالكابيتال كونترول محذوف من سياق الخطة الاقتصادية، والسلطة السياسية تصوّره كما لو أنه هو الحلّ المطلوب من صندوق النقد الدولي، متناسين كل ما هو مطلوب من الصندوق من تدقيق جنائي وإصلاحات في ملف الكهرباء، ورفع السرية المصرفية وغيرها من الإصلاحات”. فالسلطة لا تعمل سوى على هندسة الكابيتال كونترول وتمريره.

تشوب التعريفات الجديدة في اقتراح الكابيتال كونترول العديد من الشوائب، ومنها على سبيل المثال، تعريف الأموال الجديدة. فبموجب الكابيتال كونترول الجديد، لا تُعد كل الأموال الجديدة قابلة للتحويل والتصرف كما يحلو لصاحبها. كذلك الأموال الواردة من الخارج لا يمكن اعتبارها جميعها أموالاً جديدة. فالأموال المتأتية من الصادرات مثلاً لا يمكن اعتبارها أموالاً جديدة حسب اقتراح القانون الجديد.

وكارثة الكوارث باقتراح القانون الجديد تتمثل بتكريس مفهوم الصناديق الاستثمارية، وشركات الوساطة المالية والوسطاء. وحسب الكيك في حديثها إلى “المدن”، يخلق اقتراح قانون الكابيتال كونترول الجديد نظاماً جديداً بتعاريف جديدة ومفاهيم قانونية جديدة. ويستهدف القانون خلق نظام رديف للمصارف عن طريق توسيع صلاحيات شركات الوساطة المالية والوسطاء الماليين. وتصبح المصارف حينها مجرد واجهة هدفها تذويب الودائع، في مقابل تمتعها بالاستفادة من الأموال التي حوّلتها إلى الخارج. وإذ تسأل الكيك “كيف يمكن إعادة هيكلة القطاع المصرفي في حين أن المصارف لا يمكنها فتح حسابات، حسب قانون الكابيتال كونترول؟” تقول: “هكذا يتضح أن الهدف من شركات الوساطة المالية والصناديق الائتمانية هو توظيف الأموال التي هربوها إلى الخارج”.

نص مشروع “الكابيتال كونترول” الجديد

https://docs.google.com/viewerng/viewer?url=https://www.almodon.com/file/Get/9bdc5cd5-80e4-4773-b7a0-4c0226c54ad6

زر الذهاب إلى الأعلى