اشتقنا لموائد طعامنا اللذيذة.. وغلاء المأكولات حرمنا الكثير والاتجاه نحو الطعام البديل!
النشرة الدولية –
كتبت ريتا عبدو لـ “هنا لبنان” :
اليوم لن نتكلّم عن الكهرباء أو المازوت أو البنزين. اليوم سنتحدّث عن مطابخنا ومائدات طعامنا! فلطالما عُرفنا نحن اللبنانيين بكرم الضيافة وغنى موائد طعامنا! وأبوابنا كانت مفتوحة ومشرّعة أمام الأحباب والأصحاب. وكانت لا تحلو المائدة بلا رنّة “الكاس”… اليوم، ما زلنا كرماء لكن الأزمة المالية والغلاء الفاحش أثقل حياتنا وبدأ يرسم نهاية لعاداتنا وتقاليدنا! مؤسف الحال الذي وصلنا إليه. مؤسف عندما تحتار ربّة المنزل ماذا تطبخ لعائلتها، لأن اللحم والدجاج وبعض أنواع الخضار باتت حكراً على الأغنياء. فحتى قبل الأزمة لم نكن نعيش ببحبوحة عارمة، لكن السلع الغذائية كانت أسعارها مقبولة، وكان ذوو الدخل المحدود يعيشون بمستوى جيّد و “بكرامة”. فكيف تتدبّر العائلات اللبنانية حالها اليوم؟ وكيف تحوّلت موائدنا إلى فقيرة وخجولة؟ وكيف نتأقلم مع هذا الوضع الجديد؟
في جولة على بعض محال الخضار والفاكهة، نوبة تململ وحيرة تصيب المواطنين والمواطنات، وتعلو الصرخة، فتخبر سميرة: “لا نقدر أن نعتاد على الأسعار الجديدة، فمن غير المعقول أن كيلو البندورة أصبح بِـ ٢٨٠٠٠ ل.ل، وكيلو البطاطا الذي لا يكفي لعائلة مؤلّفة من ٤ أشخاص أصبح بِـ ١٣٠٠٠ ل.ل. أما الكارثة الأكبر فهو الثوم والذي وصل سعر الكيلو منه إلى ٦٥٠٠٠ ل.ل ! فأصبحت المئة ألف ليرة تكفي لثلاثة أصناف خضار فقط لا غير. وكذلك، تخلّيت أنا وعائلتي عن العديد من الطبخات المحبّبة على قلب أطفالي، كالبازيلاء بالأرز، والبامية واللوبياء… واللحوم على أنواعها وحتى الحليب أصبح “بالقطّارة”. فما حال العائلات الكبيرة؟
والغلاء لم يؤثّر فقط على ذوي الدخل المحدود، بل طال أيضاً المقتدرين، الذين بدورهم باتوا يشعرون بتردد وامتعاض من الغلاء، إذ يقول نجيب: “مرّت زوجتي على متجر لابتياع اللوبياء، فتفاجأت بعدم وجودها وعند سؤال صاحب المتجر عن السبب، أخبرها أن كيلو اللوبياء بات سعره ١٢٠ ألف ل.ل، فقرر عدم شرائه ووضعه في محلّه، لأن لا أحد من الزبائن سيشتريه! فعلياً، بات الأمر يؤثر على نفسيتنا، فحتى لو أحمل في جعبتي ٤٠٠.٠٠٠ ل.ل لكن عقلنا بات يرفض هذا الأمر ولا يتقبله!”
وبدوره يخبر خليل، أن كيلو التفاح أصبح بِـ ٢٥.٠٠٠ ل.ل، هذا النوع من الفاكهة الذي لم يفارق يوماً بيوت اللبنانيين أغنياء وفقراء، أصبح اليوم ضيفاً نشتاق إليه! ولعشاق اللوز الأخضر، فلا تفكروا بشرائه هذا الموسم لأن سعره فاق الخيال وكل التوقعات وبلغ ٥٠٠.٠٠٠ ل.ل أي ربع المدخول الشهري المتواضع.
في الواقع، عائلات لبنانية عديدة، تفتح برّادها لتجده فارغاً. عائلات لم تعد تستطيع شراء كيلو بندورة، بل تبتاع الأم رأس بندورة واحد وتقسمه أربعة أقسام لإطعام أطفالها. قصص حزينة تُكتب في بيوت الفقراء.. لا من يقرؤها أو ينشرها!
ومن غلاء الخضار والفاكهة، حدّث ولا حرج عن غلاء السلع الغذائية في السوبرماركت، والألبان والأجبان… الذي بات فوق احتمال عائلات عديدة، تخلّت عن مواد غذائية لعدم قدرتها على شرائها. فما هو البديل؟
تقول أخصائية التغذية هنادي اسطفان: ” بالرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي، وغلاء كل أصناف المأكولات، ألّا أننا يجب أن نفكر بأمور بديلة وأقل كلفة. فيمكن مثلاً استبدال اللحوم بالحبوب، على الرغم من أنها أيضاً شهدت ارتفاعاً بالأسعار، لكنها لا تزال أوفر من اللحوم، وبعد جولة على السوبرماركت نستنتج أن البرغل الفول والحمص أقل سعراً، وفي المرتبة الثانية نجد العدس والفاصوليا (الحبة الصغيرة).”
وأضافت اسطفان أن من الضروري التركيز على المأكولات التي تحتوي على الكالسيوم وعلى كمية من البروتين، والتي ما زال سعرها مقبولًا نسبة لسلع أخرى، كالجبنة البيضاء واللبن الذي منه يمكن أن نصنع اللبنة بدل شرائها من الخارج.
وختمت اسطفان حديثها بالقول:” لا يجب أن ننسى المونة، ونركز على الخضار في موسمها كاللوبياء في الصيف والفاصوليا، والكشك، والمربى كبديل للحلويات.